سحر خليفة أيقونة الرواية الفلسطينية

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 53
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

سيفوتك الكثير إن اعتمدت أسلوب الفصل لا الوصل في قراءة أعمال الروائية سحر خليفة ، إن أنت قرأت أعمالها منفصلة كل عمل بوصفه نصا لا علاقة له بما قبله وما بعده من النصوص ، ستفوتك قراءة عالم تتعدد أبعاده وتتواشج تفاصيله منطلقا أو متوائما مع وحدة  الكون والارتباط بين تفاصيل الوجود الإنساني الموزع على روايات العشرة ( [1]) في تعاضدها لرسم لوحة روائية يصعب التخلي عن تفصيلة من تفاصيلها أو دلالة  مما يمكن أن تطرحه من دلالات .

لك أن تقارب عالم سحر خليفة وفق عدد من المفردات المعبرة عن انشغالاتها الفكرية : المنفى – الوطن-  المرأة – الرجل – المقاومة – التاريخ –  الإنسان –  المنفى .

ولك أن تقارب عالمها وفق أسلوب الثنائيات الذي حرصت على تشكيله أو أقامت عالمها الروائي وفق منظومة من الثنائيات التي تتقاطع أحيانا ، وتتوازى أحيانا ولكنها تلتقي عند خطوط  شديدة الدلالة مشكلة عبر سبع مفردات ، تتوازى وتتقاطع لتلتقي منتجة مايمثل المفاتيح لقراءة العالم كما تصوره الكاتبة :

 – الرواية / المكان .

– المكان /  الإنسان .

– الإنسان / المرأة .

–  المرأة / القيمة .

– القيمة /  الفن الروائي  

لتنتهي الثنائية بصيغة من الدائرية المحكمة ، والثنائية هنا ليست صارمة بمعنى انغلاقها وفق رؤية متلق ما ، إذ يمكن لمتلقي سحر خليفة أن يقيم ثنائياته الخاصة وفق قدرته على الإمساك بخيوط أحسنت الكاتبة وضعها في يد متلقيها داعيته إلى مشاركتها في تشكيل هذا العالم المسرود بعناية ، وهي خيوط منتقاة بعناية ومن ثم فالتعامل معها يتطلب عناية تكافئ ما اعتمد في إنتاجها ( [2] ).

الثنائية هنا تعني تجاوز الترابط المفتقد ومقاومة التفكك التاريخي الناتج بفعل الشتات الذي أودى بتجربة شعب لم يقررمصيره كما يشاء لا كما تشاء قوى الاستعمار ، ولا يتوقف أمر الثنائية على أنك لست ملزما بها شكلا ولكنك ملزم بها مضمونا ودلالة كما أنه يمكنك إنتاج ثنائيتك الخاصة من المفردات نفسها لتصوغ ثنائية جامعة ، تعد أكبر من / أو تشمل الثنائيات السابقة مما يجعلك طوال الوقت تجرب لعبة الثنائيات دون توقف ، إنها الرؤية السردية المتوافقة مع رؤية الكون نفسه لثنائياته حيث الحياة الكونية تقوم على ثنائيات : الذكر – الأنثى ، و الليل – النهار ، والكائن الحي – الجماد ، والخير – الشر ، دون أن يعني هذا تحديدا صارما وحاسما للأشياء إذ يكفي أن تدرك طرفي القطب لتكون على وعي بما بين الطرفين .  

  • الرواية / المكان : تقيم الروائية دوائر مكانية متعددة المستويات ، منها الثوب حين يصبح مكانا منعزلا :” حين تدخل هذا الثوب تنسى نفسك وينساك الناس ” ( [3] )والجسد حين يصبح مكانا للطاقة المختزنة ” الإنسان قنبلة حية موقوتة ” ([4] )متدرجة إلى تجاوز عدد من الدوائر المكانية الخاصة (البيوت ) والعامة ( المدن على تعددها واتساعها ) . عبر حركة الشخصيات في الفضاءات المتعددة التي تتحرك فيها الشخصيات تتعدد الشخصيات في مستويات متنوعة وتكشف عن ثلاثة فضاءات :
  • الفضاء الفلسطيني ( المحكي عنه وبه و فيه): وهو فضاء مطروح عبر الروايات جميعها تصدرته الضفة الغربية بوصفها مرجعية مكانية و منصة لإنطلاق السرد ، تتجلى في الرواية الأولى ” لم نعد جواري لكم ” عدة مدن تنتمي إلى الضفة الغربية وتشكل مدار جغرافيتها : القدس – رام الله – أريحا – نابلس ، ومنذ السطور الأولى للرواية يطرح المشهد الأول صورة بانورامية :” من خلال أشجار السرو الداكنة الخضرة ، الممشوقة القدود ، ظهرت البناية الكبيرة بقرميدها الأحمر ، مذكرة بالكنائس العتيقة الضخمة التي ترصع جبال القدس وهضابها ” ( [5] ) ، صورة تجذب متلقيها للتساؤل حول كنه المكان وطبيعة المبنى مستثمرة الطاقة التشويقية القارة في الاستهلال ، ولا تترك الساردة متلقيها يدخل دائرة التخمين والتوقع الداعية للشك وإنما تدخله في دائرة إطالة التشويق بالنفي ، حيث النفي هنا يسهم مع التشويق في استنفار وعي المتلقي لتقبل الآتي عبر تهيئته بالتخلص من كل توقعاته وتجاوز كل مافكر فيه :” لم تكن البناية كنيسة ، ولم تكن المدينة بيت المقدس ، لم يكن الزوار ممن من الله عليهم بسكينة الإيمان وخشوعه ” ( [6] ) بعدها تطرح الساردة بطاقة تعريف الفضاء الفلسطيني الذي يدخل المتلقي إليه وقد تخلص من كل الصور المتوقعة ، مما يجعل المكان يستقر في ذاكرته دون منازع  :” فقد كانت البناية مكتبة عتيقة البنيان ، حديثة المحتويات ، وكانت المدينة رام الله ، وكان الزوار هم علية القوم – أو من نسميهم كذلك :المثقفون ..وأشباه المثقفين … وأدعياء الثقافة .. وهلم جرا ” ( [7] ) وإذا كانت رام الله قد استأثرت بالبداية الروائية (حضورها في الرواية الأولى ) فإن مدنا فلسطينية أخرى سجلت حضورها مشكلة مجموع الفضاءات الفلسطينية التي جعلت منها سحر خليفة فضاء عملها وصورة تترسخ في ذهن متلقيها  لا بوصفها مجرد مسرح للأحداث أو موضوعا للسرد وإنما بوصفها تقنية وظفتها لخدمة الدلالة السردية مستثمرة طاقاتها الجمالية فنابلس في ” الصبار ” و” باب الساحة ” و “ربيع حار ” و”أصل وفصل ” و ” حبي الأول ” ، ورام الله في ” لم نعد جواري لكم ” و ” ربيع حار ” وجنين في ” ربيع حار ” لم تكن مدنا تصلح فقط للحكي فيها ( بوصفها محتضنة عملية السرد وضامنة تقدمها ونضجها ) ،  وعنها (بوصفها موضوعا ومرجعية ) وإنما هي تقنية كتبت (بها ) لتقدم شهادتها السردية على واقعها العربي وتطرح مجموعة الآراء الكاشفة عن رؤيتها للعالم .
  • الفضاء الغربي ( المحكي فيه وعنه ): وهو فضاء أمريكي بالأساس تجلت تفاصيله في الجزء الأول من رواية ” الميراث ” حيث تقدم الساردة مدينة نيويورك مقارنة بوادي الريحان :” فرق كبير ، مسافة طويلة بين نيويورك وواشنطن ووادي الريحان ، وادي الريحان كانت أبدا في ذاكرتي عكس نيويورك ، بلدة صغيرة ، بلدة نقية ، أهلها بسطاء يحبون الخير والطبيعة ، بعكس نيويورك حين سمعته في هذا المساء يذكر ذلك ركضت الدرجات وأنا أصرخ ” راجعين للبلاد راجعين راجعين ” لكنا أبدا لم نرجع لأن الوالد هرب مني أو بالأحرى ، أنا من هربت ” ( [8] ) ولم تقل الساردة هربت منه فهي لم تهرب منه وإنما هربت من ميراثه الذي تلتمس له العذر لتحمله ، إنها تستخدم المدينة الغربية وسيلة كاشفة عن وادي الريحان على طريقة بضدها تتميز الأشياء ، لقد نجح الأب في ترسيخ صورة لها قدرتها على التأثير في وعي زينة ، صورة أقامت من البلد الأصل مدينة فاضلة مقارنة بنيويوك أو واشنطن وهو ما ألجأها إلى العودة أو البحث عن ذاتها التي فقدتها أو كادت هناك ولم يكن بحثها عن الأب سوى بحث عن قيمها الروحية أو الوجه الأعمق لحياتها أو فردوسها المفقود (راجع استهلال رواية الميراث ” جئت إلى الضفة بحثا عنه ، بحثا عنهم ، بحثا عن وجهي” ص 11) لذا فإن زينة تتخذ قرار السفر بحثا عن عالمها المفقود فور وصول رسالة عمها :” ولم أضع وقتا طويلا في التفكير ، بل اتخذت قراري بلا تردد إذ أحسست ساعتها أني أقف امام نافذة خلف ستائرها تكمن ملامح البلد الذي طالما حلمت برؤيته ، وحنان الأهل الذين فقدتهم منذ الطفولة ، ودفء الانتماء إلى جذور بحثت عنها بلا طائل ، وعليه فقد جمعت أشيائي وسافرت أخذت إجازة مفتوحة بعد أن أفهمت العميد أني لن أعود إلى واشنطن قبل أن أعرف من أهلي وأعيد الجذر إلى المقطوع ” ( [9] )، إنها الشخصية التعبير عن قيمة العودة بحثا عن الجذور، تلك القيمة التي تتبلور عبر عناصر محددة تشي بالكثير : فالعودة إلى الشرق ارتحالا ليس إلى مجرد وطن أول وإنما هو عودة إلى الروحانية لمن يفقتدها أو لمن أفقدته حياة الغرب المادية روحانيته وهو ما يتكشف عبر مقاربة حياة ” زينة ” في غياب الأب بكل ما يحمله معنى الأبوة من قيم فقدتها بفقده ” حياتي الأكاديمية كانت قفرا بدون طعم أو إحساس ماتت أمي فورثت أنا ، باتت لدي شقتان إحداهما في واشنطن والأخرى في سان دييجو ، صارت لدي سيارتان وأحضر حفلات اليخوت والسفارات وبرك السياحة ، بت عضوة في ثلاث نواد وأمارس الإيروبيكس وأتنعم بالجيكوزي والمساج والساونا ، لكن على الرغم من كل ذاك الترف كنت أحس بالحرمان ” ([10] ) وهو ما جعلها تطرح أسئلتها الوجودية تلك الأسئلة التي واجهتها الجدة بالقول :” أنت بحاجة إلى عقيدة ، أنت بحاجة إلى إيمان ” ( [11] )، البحث عن الأب هنا هو البحث عن الماضي عن العقيدة وهو مايجعل ” زينة ” تتجاوز كونها الفتاة الباحثة عن ذاتها أو كونها الفتاة الفسطينية الإنتماء القادمة من بلد الشتات حيث يحل الشتات الروحي محل الشتات الجغرافي ، وإنما ترقى بها الساردة إلى كونها نموذج إنسان القرن العشرين ، إنسان فقد أمومته (ليس موت الأم هنا وبقاء الجدة  مجانيا ) لقد نجحت الساردة في اعتماد  أسلوب التغييب والتحضير – إن صح التعبير- تغييب الأم بوصفها المؤثر الحاضر وبقاء الجدة بوصفها الماضي الأكثر تعقلا ، فالأم تمثل تاريخ الأب الحاضر والشاهد المشارك للأب في حياته المادية قبل العودة إلى حياته الشرقية بكل ماتحمله من معان وما تطرحه من قضايا .
  • الفضاء العربي (المحكي عنه ): المدن العربية تمثل خلفية للأحداث ، وعلى الرغم من تأثيرها على سير عدد من الأحداث فإن عملية السرد لا تنتقل إليها وإنما تمتصها عبر الفضاء الفلسطيني جاعلة منها منطقة عبور إلى المركز: في ” الميراث ” تأتي زينة من أمريكا لتلتقي نهلة القادمة من الكويت  ، وفي ” أصل وفصل ” يعود شقيق زكية من السعودية التي بقي فيها أعواما ، تترك زينة أمريكا مخلفة وراءها حضارة ومظاهر للغنى ، فيما يحمل الشقيق من السعودية الذهب والجواهر والمنقولات تاركا وراءه لاشيئ من الأثر بعد انقطاع علاقته بالسعودية بموت زوجته ، وتحمل نهلة من الكويت الدنانير عائدة بعد أن أجبرتها الحرب على العودة ، عودة الشقيق ونهلة عود المجبر اللاجئ إلى وطن فارقه مجبرا يعود كل منهما عودة المضطر في شيئ من الذلة ، ولكن زينة تعود عودة الباحث المحتاج للوطن معنويا فليست هي في حاجة لميراث مادي ،  فهل كان كل منهم على وعي بما يقوم به من نقل مانقل أو ترك ماترك ؟ إنها الرحلة الأزلية ، رحلة الغربي إلى الشرق الروحي ، ورحلة الشرقي المنكفئ على نفسه وقد عاد يفتش عن مكان ملائم لتعويض حياته المفتقدة .
  • المكان / الإنسان : يضم المكان إنسانه بوصفه فاعلا ، ويحمل الإنسان مكانه بوصفه قيمة ، وما بينهما تتجلى علاقة الإنسان بمكانه دالة ، كاشفة عن طبيعة الإنسان قبل مكاشفة المكان نفسه ، حيث يصبح الإنسان نموذجا مكانيا بالأساس (الإنسان ساردا – مسرودا عنه (موضوع )– مسرودا به ( تقنية ) خارج النص يمثل الإنسان الفرد نفسه محيلا إلى ذاته فقط ، مع إحالته في سياقات محددة إلى جماعته البشرية ، وفي الرواية يحيل الفرد دائما إلى الجماعة البشرية بوصفه دالا على الجماعة الإنسانية دلالته على الجماعة التي ينتمي إليها ، الإنسان الروائي دال بطبعه خلافا لإنسان الواقع ، كمال عبد الجواد في الواقع ( لو افترضنا شخصا بهذا الاسم ) ليس هو كمال عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ في الواقع هو ذات محددة قد يتكرر وجودها بالاسم دون تكرار مضمونها ولكن الإنسان في الرواية يمثل الفرد فيها قطاعا موسعا من البشر ، إنسان الواقع دال في وجوده ، يحقق دلالته من خلال وجوده ، والإنسان الروائي موجود عبر دلالته فقط فكلما كان دالا اكتسب وجوده من هذه الدلالة .

لقد ارتفعت الساردة بأشخاصها جاعلة منهم نماذج إنسانية في المقام الأول ولم تقدمهم بوصهم شخصيات أسطورية وإنما حرصت على العمل في منطقة الإنسانية ، فهم يواجهون مصائرهم ومعضلات حياتهم لابوصفهم أبطالا تاريخيين وإنما بوصفهم بشرا يمارسون بشريتهم برفقة الآخرين لا يرتفعون بأسطوريتهم عن الآخرين .

تتدرج الكاتبة  في تقديم شخصياتها من الساردة إلى الشخوص في تنوعها ونمطيتها دون الفصل بين طرفي التدرج (شخصية الراوية / الساردة / الحكاءة ذات الدور الإخباري ) ، زينة بطلة ” الميراث ” على مستوى السرد شخصية ، وعلى مستوى الخطاب الروائي الأوسع راوية ساردة للعالم ، مسيطرة في عملها فور وصولها للوطن تغلغلت في حياة الآخرين وقد منحتها الروائية حق المعرفة والغوص في حياة الآخرين ، منذ بداية الرواية يطرح الاستهلال صوتا يتبلور عبر ضمير المتكلم :” جئت إلى الضفة ، بحثا عنه ، بحثا عنهم ، بحثا عن وجهي في الغربة ، حتى أعرف ماسوف يكون ، وصلتني رسالة من رجل يذكر فيها أن الوالد في مكان ما ، أي أنه حي يرزق ، وأن الرجل هو عم لي ، وأن المكان وادي الريحان ” ( [12] )  تبرير فعل الحركة لا يتوقف عند مجرد طرح أسباب المجيئ ودافعية العودة وإنما هي حيلة سردية للكشف عن العالم ممررا عبر تقنية مزدوجة تجمع بين السارد الزائر والسارد العائد ( [13] ) وقد اجتمعت في الساردة الصفتان إذ هي تستمر في سرد ضمير المتكلم حتى موت الأب ، عندها يحدث التحول الذي يكون بمثابة الميلاد الجديد لزينة التي راح وجودها يتحقق عبر السرد لعالم الآخرين ، حيث تنتقل عملية السرد إلى الاعتماد على ضمير الغائب والسارد العالم بكل شيئ :” انقضى العزاء بعد أيام شربوا فيها براميل القهوة السادة وأكلوا الكنافة والمنسف ومالذ وطاب من الجيران والأقارب ” ( [14] ).

  • الإنسان / المرأة : للمرأة في روايات سحر خليفة وجوهها المتعددة التي وإن جاءت وفق الطبيعة المألوفة للمرأة العربية في واقعها المتعين فإنها تقدم نموذجها الخاص في صلاحيته السردية أو في صلاحيته لأن يكون نموذجا سرديا دالا ، وقد أعلنت المرأة عن وجودها صراحة متصدرة نصين روائيين لهما تأثيرها في سياق مشروع الكاتبة الروائي ، وهو ماطرحته العتبة الأولى (العنوان ) في الروايتين : الأولى ” لم نعد جواري لكم” ( 1974 ) والرواية الرابعة ” مذكرت امرأة غير واقعية ” (1986) ولتنفرد الروايتان بالحضور الإنساني ( الأنثوي خاصة ) خلافا لعناوين بقية الروايات التي كانت محايدة بخصوص تحديد النوع ، حيث الروايات السبعة الأخرى لا تحمل ما يحيل إلى نوع إنساني وتأتي الرواية العاشرة “حبي الأول ” لتحمل – قبل القراءة – إشارة ملتبسة ، فالصوت قد يحيل لامرأة بالقدر الذي يحيل فيه إلى الرجل ، وذلك قبل ان يكشف فعل القراءة عن أنثوية الصوت عبر الساردة التي تحكي عن عالمها الفلسطيني ” نضال القحطان ” بما يحمل اسم القحطان من دلالة تتأسس على المفردة بوصفها علامة تاريخية على العرب ، علامة عابرة من رواية ” أصل وفصل ” ( 2009) إلى ” حبي الأول ” (2010) أو هي علامة تحافظ على نفسها في حركتها بين الفاصلتين السرديتين أعني الرواية الأولى بوصفها الجزء الأول والثانية بوصفها  الجزء الثاني للملحمة القحطانية .
  • المرأة / القيمة : ” مريم كانت أجمل ذكرى ، أغلى تاريخ ، أحلى صورة ، كانت في الغربة تحضرني فأحس بروحي تسحبني لأجواء القدس ” ( [15] ).

سرديا لا يخلو عالم الرواية من المرأة ، ودلاليا تلعب المرأة دورها بوصفها قيمة عليا ( أعلى من قيمة الرجل الدلالية على الأقل إن أردنا مجرد معيار يقاس عليه ) ، عند سحر خليفة تبدو المرأة وقد تحملت دورين أساسيين :

  • دورها المتكرر العام على المستوى الإنساني، ذلك الدور الذي تلعبه من موقع الأم والزوجة والحبيبة والمواطنة والمثقفة ، وهي الأدوار التي لعبتها الغالبية العظمى من الشخصيات ذات الطابع الأمازوني ( [16] ) في أعمال الكاتبة جميعها : إيفيت في ” لم نعد جواري لكم ” ، وأم أسامة الكرمي في ” الصبار ” ، و سكينة وأم عزام في ” باب الساحة ” ، و أميرة أم فتنة و أم جريس وجدة زينة في ” الميراث ” ، وجدة مجيد الجنكية في ” ربع حار ” ، والست زكية في ” أصل وفصل ” .
  • دورها الخاص وهو الدور الذي على الرغم من سبقه فنيا للدور السابق ولكنه يأتي في مرحلة تالية في إدراك المتلقي ، فالقارئ الذي يتحرك مع السرد مرتحلا إلى عوالم من المفترض أنها جديدة بالنسبة إليه لا يكون منتبها تماما لمن يسرد أو من يقدم له هذا العالم ويتوازى اكتشاف الساردة مع اكتشاف العالم بحيث يكون على المتلقى مكاشفة الاثنين معا الراوية والعالم ، الراوية الحريصة طوال الوقت على الاحتفاظ بمتلقيها داخل النص أو خارجه ، داخله حيث يتحرك المتلقي بين كونهم متلقين ، مجرد متلقين للفعل السردي وبين كونهم فاعلين توظهم الراوية لخدمة فعل الحكي ، الراوية هنا شهرزادية الطابع أو لنقل هي شهرزاد الجديدة ، تجدها في أصل وفصل :” كانت ستي زكية القحطان راوية ورواية ، كانت تقص علينا القصص فننسى العالم ونسرح وندوخ وندخل معها عبر الكانون عوالم مسحورة لها نوافذ تنفتح على أفق أزرق فنعلو ونطير كعلاء الدين ” ( [17] )
  • القيمة / الفن الروائي : أحكمت الكاتبة عالمها واهتمت بتفاصيله منتجة عالما من القيم الجمالية تتبلور في عدد من العلامات السردية التي تعتمدها الكاتبة بوصفها طرائق لإنتاج الدلالة ، وهي علامات متعددة يضيق عنها السياق ،  ومنها : عتبات النص – بيانات السرد ومقولاته.

 أولا : العتبات

كل ماهو سوى المتن عتبة ، والراوية في سياق اهتمامها بالتفاصيل السردية تطرح نوعا خاصا من العتبات النصية : الأغلفة وعبارات التصدير التي يمكن النظر إليها بوصفها مجموعة من علامات الاتصال ، الاتصال بالمتلقي ، ومن ثم رؤيتها تنقسم إلى ثلاثة أنواع من الأغلفة :

  • أغلفة مؤكدة العلاقة بالمؤلفة أى ساهمت في إنتاجها ( أصل وفصل ) : حيث يقوم الغلاف في مادته الأساسية على صورة أوردتها الكاتبة ص (157) من الرواية بوصفها وثيقة وحيدة على مظاهرة النساء وقدمت ما يشبه الوصف المختزل :” صورة وحيدة لنساء يقفن تحت البلكون ، تحت الحاكم ، بمعاطف جليلة ومناديل وبرنيطة ” ( [18] ).
  • أغلفة غير مؤكدة العلاقة بقية الروايات حيث تعتمد الروايات على أسلوب القارئ الأول ( [19] ) ومنها روايات : لم نعد جواري لكم ، وعباد الشمس ، وصورة وأيقونة وعهد قديم وغيرها من بقية روايات الكاتبة .

أغلفة تتراوح بين الاثنين : ويمثلها غلاف ” الميراث ” حيث تأتي تفصيلة المفتاح المدرج في عنوان الرواية علامة ذات دلالة فلسطينية ، محيلا المتلقي – قبل القراءة – إلى واحدة من علامات الثقافة الفلسطينية ( [20] ) ورابطا بين المفتوح بدلالته التاريخية وكونه مظهرا من مظاهر التراث وبين الميراث المادي والمعني الذي تبحث عنه زينة طوال الرواية .

وعنايتها بالغلاف تنسحب على تفاصيل أخرى في سياق العتبات منها التصدير أو الإهداءات التي تمثل علامة نصية لها حضورها في سياق الروايات معظمها:

  • “لم نعد جواري لكم” : إهداء : إلى الذي علمني معنى الحب العظيم : للوطن للفن وللإنسان … إلى الرسام الفلسطيني الكبير الأستاذ ” إسماعيل شموط “: أهدي كتابي هذا عساي أرد بعضا من جميل مضى .. لكنه لم يمت !” كاشفة عن علاقة لها دلالتها بشخصية لها صداها في مشروع الكاتبة ، أعني الفنان الذي استلهمته الكاتبة في عدد من رواياتها لابوصفه مجرد شخصية روائية لها مرجعيتها في الواقع ولكن بوصفها نموذجا إنسانيا يطرح تميزا للشخصيات ويطرح واقعية عالم ليس معنى ارتباطه بفلسطين أرض الأزمة ليس معنى ذلك خلوه من النماذج المتميزة على المستوى الإنساني .
  • ” مذكرات امرأة واقعية” :” مدخل ” يقدم مايشبه بطاقة التعريف الدلالية :” أنا ابنة المفتش ، وبقيت كذلك حتى تزوجت وأصبحت زوجة تاجر ، وأحيانا أكون الاثنتين ، فحين يسخر الزوج يناديني” يا ابنة المفتش ” وحين يغضب الوالد يناديني ” يا امرأة التاجر ” ” ( [21] ) وهي تبدو بطاقة تعريف  في مستواها السطحي اللامع ولكنها تكشف عن وضعية امرأة بين رجلين ليس لها أن تخرج عن نطاق سخرية الزوج وغضب الأب بوصفها معبرين عن مؤسسة الذكورة التي تمارس فعلها في الأنثى ، والمدخل الذي طرحته الرواية الصادرة في طبعتها الأولى (1986) يحل بوصفه تطويرا للفكرة ذاتها في رواية ” الميراث ” الصادرة (1997) مع تطوير سردي ينقل الفكرة من طور المدخل إلى قوة المتن السردي مرتبطة بزمان ومكان مغايرين مع استمرار الطرح بوضعية الأنثى في مجتمعها الذكوري ، كما أن التطوير يطرح نفسه عل وجه آخر حيث تتعرض زينة في ” الميراث ” لما لم تتعرض له “عفاف ” في ” مذكرات امرأة غير واقعية “.
  • ” ربيع حار :” الإهداء : إلى نساء حوش العطعوط في نابلس القديمة لنحفر التجربة في الذاكرة ووعي الأجيال ” ، ويبدو الإهداء عاديا بالنظر إلى طبيعة الكاتبة أو انتماء لجنسها ولكنه يتجاوز هذه الطبيعة بشكل أعمق يكشف عن تصدر هؤلاء النسوة بوصفهن نموذجا له خصوصيته تلجأ إليه الكاتبة مستعينة لحفظ أحداث هن شاهدات عليها وهو ما يعني اللجوء لصاحبات الأحداث أو اللواتي ينتجنها بالأساس .
  • “الميراث” :” الإهداء : إلى الحفيدة الصغيرة سحر الديسي عساها تكتشف الميراث ” وهو خروج نوعي لجيل لاحق تراهن عليه الكاتبة في تشكل وعيه بطريقة عصرية مكاشفة للتاريخ وأحداثه عبر النص من حيث هو وثيقة مكتوبة لا من حيث الاعتماد على مصادر شفهية يتناقلها الناس ، ولا يفوتنا العلاقة القائمة بين الرواية بداية عنوانها ” الميراث ” وتوجهها إلى الجيل الجديد الذي سيكون عليها تقبل أو تحمل هذا الميراث أيا ما تكون طبيعته .
  • “أصل وفصل” : تصدير : ” لا تقولوا لي لم أقل شيئا جديدا ، أسلوب ترتيب العناصر هو الجديد باسكال ، وتتوافق المقولة هنا مع رؤية البعض من أن الأساس في أي رواية هو الشكل ، أي السياق الشكلي الذي يختاره الكاتب لبث مجموعة الإشارات والعلامات النصية القادرة في تضامها على إنتاج الدلالة .

ثانيا : مقولات السرد وبياناته

فيما يشبه المقولات السردية ( بيت القصيد بمنطق الشعر ) تتردد مقولات تطول أو تقصر (هي في الغالب طويلة نسبيا ) تتخلل اللغة الروائية  ، تنتمي سرديا إلى السارد / الساردة ولكن بالتدقيق فيها قد تجدها تنتمي إلى شخصية من الشخصيات بحيث يبدو أنها تتردد في سياق صوت إحدى الشخصيات ، وربما لا ينشغل  المتلقي كثيرا بانتمائها لصوت ما وإنما الأهم هو إنتاجها دلالة خاصة بها يمكن قراءتها بالربط بين روايات سحر خليفة مكونا خطا سرديا خفيا على غير المهتم بتحليل الخطاب / الخطابات المتعددة في النصوص مشكلة ما يشبه البيان السردي الكاشف عن توجه العالم المرسوم بعناية لأداء وظيفته الدلالية، في ” الميراث ” يأتي الصوت انتقاديا صارما :” فالوضع يبشر بالخيرات والمؤتمرات ودول المنح والمنع واللم ويبشر بالمن والسلوى تقعد وتتمدد تحت الشجر فتنزل عليك رطبا رطبا وقطرات الندى وماسات المن تأكل منها مالذ وطاب ……. ” ( [22] ) يطول المقطع مصورا جانبا من تفاصيل البيان السردي وطارحا الكثير من الملامح الدالة ، وتكاد ” الميراث ” تستأثر بالقدر الأكبر من تفاصيل هذا البيان حيث تتكرر التفاصيل محتفظة بالإيقاع نفسه وإن اختلف طرح الخطاب من الكام عن المفرد إلى الكلام عن الجماعة :” وهم على ماصاروا عليه بسبب البعد والانقطاع عن أصول الحضارة يعلمون أن الدنيا هناك في الخارج قد صارت جنة او عالم جن وأنهم في هذا السجن ، السجن الكبير قد باتوا بعد سني القهر ووخمه والانتفاضة والفوضى مثل أهل الكهف ” ( [23] ) ، ويعاود الصوت ظهوره مرة أخرى في ” صورة وأيقونة وعهد قديم ” مع ظهور صوت السارد الذي لم يكن يظهر من قبل بهذا الوضوح ، معتمدا طريقة مغايرة تعتمد على طرح الأسئلة متعددة الدلالة :” ووجدتني منزجا بين القوم آكل وأشرب وأتجشأ وأسمع حواديت أم محمد وحكايا الجن ، وسمعت حكايات لن أنساها جعلتني أيأس من الوضع ، فماذا نفعل بهؤلاء الناس ؟ ماذا نفعل لنغيرهم ؟ شعب مازال سجين الكهف قبل التاريخ فلا شيء لديهم إلا القصص وعقل يقتات على الأوهام والخرافة ماذا نفعل ! ” ( [24] ).

وفي ” أصل وفصل ” تطرح عددا من العلامات الدالة التي تصب في السياق نفسه وإن قدمت نفسها بطريقة مختلفة بعض الشيئ عما سبقها :” كيف أسقطته على الأرض بنت يهودية ، وهي لا أكثر من بنت ، وهو رجل ، وهو تربية السعودية ! فكيف تتفوق يهودية على تربية السعودية ” ( [25] )، فالساردة تطرح الأسئلة هنا لابوصفها تعبيرا عن رؤية ذاتية خاصة وإنما بوصفها تقدم رؤية ثقافية بالأساس تكشف عن ثقافة الشخصية العربية حين لا تتخلص من ميراثها الثقافي القديم .   

ثالثا: التصرفات السردية ، وتتمثل في طرائق تكشف عن تصرف الكاتبة في سير العملية السردية قاصدة إنتاج دلالة خاصة قد لا تنتجها الطريقة التقليدية أو الطرائق الأخرى ،فالسارد تكون أمامه طرائق متعددة لإنجاز عمله ، وعند اختياره طريقة دون أخرى فهو يضع بلاغته الخاصة القائمة في أساسها على الحرية في الاختيار رافعا من قيمة المبدأ الأهم في البلاغة : لابلاغة فيما أنت مجبر على إنجازه بطريقة واحدة ، وهي مجموعة من التصرفات التي تبدو لا نهاية لها تتكشف عبر مستويات التلقي المتعددة ، لك أن تراها في نص واحد أو تجمع تفاصيلها عبر النصوص جميعها حيث يكون لتكرارها مزية التأكيد على قدرتها على الفعل ،  ويمكن للمتلقي مكاشفتها عبر ملاحظة بعض التفاصيل السردية ، ففى رواية ” مذكرات امرأة غير واقعية ” نلاحظ :

  • تضيق مساحة الحوار لصالح مساحات السرد.
  • الحوار مع الزوج ضيقة مساحته والحوار الثاني مع نوال المجانسة لها تتسع مساحته مقارنة بالحوار مع الزوج .
  • شهرزاد الأولى لا تحاور شهريار .

وفي رواية “ الميراث ” يلعب الاستهلال دوره الدلالي في تشكيل وعي المتلقي بالتفاصيل ” جئت إلى الضفة بحثا عنه ، بحثا عنهم ، بحثا عن وجهي ” ( [26]) طارحا عددا من التأويلات :

  • المتلقي قبل معرفته بانتماء سحر خليفة ، وقبل إدراكه الضفة ودلالتها يؤسس فهمه للفظة الضفة بنوع من المجاز ، حيث الضفة تعني الشاطئ الآخر المناظر موقعا ولكنه المختلف دلالة وقيمة ، ولكن معرفة انتماء الكاتبة والتدرج في الوعي بتفاصيل السرد يصبح للمفردة دلالتها الأعمق .
  • أسلوبيا يتعدد المفعول لأجله متكررا دون عطف بما يعني توازي عمليات البحث فلا تبدأ عملية بعد نهاية سابقتها وإنما تمام الأولى يعني تمام العمليتين ، فالبحث “عنه” يعني البحث “عنهم ” يعني البحث عن ” وجهي” والأسلوب يعني أيضا تراتب عملية البحث وتداخلها حيث البحث عنه يعني أنه الأساس للبحث عنهم الذي يفضي بدوره إلى البحث عني والتوصل لكينونتي .
  • ضمير المتكلم حين يتجاوز الحديث عن الغائب يطرح متحدثا لا يتوقف عند كونه يؤسس لحضور ذات الساردة وإنما يؤسس أيضا لحضور ذات المتلقي الذي يجد نفسه متحدثا رسميا باسم الساردة مما يعني أن كل قراءة هي بالأساس تجديد لحضور هذا الصوت في دلالته .

وفي الرواية ذاتها يكون توظيف الفضاء لإنتاج دلالات من نوع خاص تتأسس على كون الفضاء الأمريكي بيئة كاشفة للميراث العربي ، ميراث القيم والتقاليد العربية (يمكن استيضاح  الأمر عبر سؤال : ماذا لو كان والد زينة وغيره من العرب يعيشون في بلد عربي ؟ هل كانت الأمور ستبدو غريبة بالقدر الذي بدت عليه حال معيشة الأشخاص في بيئة كاشفة ، وفضاء مغاير ) .

 

وتأتي نهاية الرواية  في المطار بوصفه منطقة عبور إلى الآخر الغربي عبور بعد مكاشفة الشرق في ثقافته وإنسانه وملامح حياته وتفكيره :

“أوصلني عمي إلى المطار وقال بعتاب :

معقول تروحي وتتركينا ؟

مسحت دموعي لأول مرة منذ سنوات، لأني وجدت إحساسي، وقلت بحنان :

– راجعة ، راجعة، والله راجعة.

قال مذكرا :

– وأخوك الصغير، لمين تتركيه ؟

قلت بحيرة :

 – البركة فيك وفي أميرة.

قال مرغبا :

– صحيح للولد ضعف البنت، بس انت كمان نصيبك محفوظ.

هززت رأسي بدون تعليق، ومشيت نحو الطيارة” ([27])

يكشف المشهد الأخير في الرواية عن حالة من التساؤل عما ستفعله زينة بعد رحلتها ، أعلنت في البداية أنها لن تعود قبل ان تعيد الجذر إلى المقطوع فهل حققت الهدف من الرحلة ؟

يتضمن المشهد ثلاث علامات دالة :

  • العم : الذي يمثل وجها من وجوه الرعاية الأبوية الدالة على الطبيعة الأسرية للمجتمع العربي ، والمشهد يتضمن ما يؤكد هذه الطبيعة : التوصيل للمطار الذي يعد علامة شرقية الطابع تنفرد به الثقافة ، والشقيق الذي يذكرها العم به بوصفه رابطا لها يشدها إلى هذا الوطن وبوصفه رابطا متجددا ينضاف إلى الروابط السابقة التي كادت تنفصم ، إضافة إلى أن الشقيق يمثل علاقة مستقبلية لجيل قادم من الأولى أن يكون على حالة من التوافق ليشكل قوته الخاصة حفاظا على مقدراته .
  • الدموع : وتمثل علامة للدوافع الذاتية لدى زينة كاشفة عن مستويين معبرين عن حالتها : مستوى السطح الظاهر المتماسك الذي يجعلها تكمل طريقها للسفر ، ومستوى العمق الخفي الذي تكشفه الدموع فهي موزعة بين الرغبة في البقاء والدوافع المحركة للسفر ، ثم هي علامة على حالة الشجن الدال على أنها تعيش حالة من التحول من مادية الغرب إلى جانب من روحانية الشرق .
  • النصيب المحفوظ من الميراث ، لك أن تأخذه ميراثا تاريخيا لا يتوقف عند الميراث المادي وإنما يتجاوزه إلى ميراث حضاري يشد أبناءه إليه محتفظا بهم في منطقة شديدة الخصوبة .

لقد اهتمت سحر خليفة بنصها عبر عدد من التفاصيل التي تدخل الحس الأنثوي ليمنحها طابعه الخاص من الرعاية لقوانين الفن الروائي وجمالياته فاستحقت تجربتها أن توضع في بؤرة الاهتمام .

 

هوامش وإشارات

[1] – الروايات العشرة في طبعاتها الأولى :

  • لم نعد جواري لكم- – دار المعارف – القاهرة
  • الصبار- دار الآداب – بيروت
  • عباد الشمس – منظمة التحرير الفلسطينية ، ودار الفارابي  
  • مذكرات امرأة غير واقعية  – دار الآداب – بيروت  
  • باب الساحة- دار الآداب – بيروت
  • الميراث- دار الآداب – بيروت     
  • صورة وأيقونة وعهد قديم- دار الآداب – بيروت    
  • ربيع حار : رحلة الصبر والصبار- دار الآداب – بيروت   
  •  أصل وفصل – دار الآداب – بيروت   
  • حبي الأول- دار الآداب – بيروت

[2] – راجع : د. فيصل دراج في مقدمته لرواية : صورة وأيقونة وعهد قديم – دار الآداب – بيروت 2002، حيث يستهل مقدمته بالإشارة إلى هذه الثنائية :” أقامت سحر خليفة مشروعها الروائي على ثنائية المرأة – الوطن ، حيث لا سبيل إلى تحرير الوطن دون رجل حر يعترف بكيانية المرأة دون شروط ولذلك بدت المرأة في أكثر من رواية مجازا عن وطن يقاتل معوقا لأن قيوده الذاتية تمنع عنه الحركة الطليقة ” ص 5 .

[3] – سحر خليفة : صورة وأيقونة وعهد قديم  ص 130.

[4]صورة وأيقونة وعهد قديم  ص 123.

[5] – سحر خليفة : لم نعد جواري لكم ، ص 13.

[6] – السابق نفسه .

[7] – السابق نفسه .

[8] – سحر خليفة : الميراث – دار الآداب – بيروت 1997 ، ص 11

[9] – الميراث ، ص 43.

[10] – الميراث ،ص 30.

[11] – الميراث ، ص 31.

[12]  – الميراث ، ص11.

[13] – يمكن تقسيم السارد في وضعية الحركة عبر المكان إلى ثلاثة أنواع :

1- السارد : المقيم : وهو المنتمي إلى المكان ، يسرد معتمدا على تاريخ علاقته بالمكان بالأساس .

2- السارد الزائر : سارد يدخل المكان للمرة الأولى وهو ما يحدث مع زينة في دخولها للوطن للمرة الأولى  بعد حياتها في أمريكا .

3- السارد العائد : ذلك المرتبط في تاريخ سابق بالمكان ، ارتباطا تاريخيا انفصل عنه مؤقتا بالسفر وعند العودة يستكمل العلاقة بالمكان .

[14]الميراث ، ص 76.

[15] – صورة وأيقونة وعهد قديم ، ص 11.

[16] – نسبة إلى الأمازونة أي المرأة المحاربة والمكافحة في الأسطورة اليونانية ( راجع : الموسوعة العربية الميسرة – المكتبة العصرية – صيدا 2010 ، جـ 1 ص 413 )

[17] – سحر خليفة : أصل وفصل – دار الآداب – بيروت 2009،  ص 9 .

[18]أصل وفصل  ص 157 ، والصورة كما تشير الكاتبة  مستمدة من كتاب Before Their Diaspora  للدكتور وليد الخالدي .

[19] – تأخذ لوحة الغلاف واحدة من وضعيتين  :

– اللوحة منتجة قبل النص سابقة عليه وتأخذ موضعها بناء على قدر من التوافق يراه مختارها بين اللوحة ومضمون النص .

– اللوحة منتجة خصيصا للنص تتشكل وفق منطق المتلقي الأسبق ( الفنان التشكيلي ) الذي ينتج اللوحة مستلهما من النص نفسه  .

راجع : مصطفى الضبع : استراتيجية المكان دراسة في جماليات المكان في السردالعربي – الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة 1998.

[20] – مفتاح “حق العودة ” أحد أهم الرموز الثقافية الفلسطينية ، يعبر عن وضع اللاجئين الفلسطينيين المحتفظين بمفاتيح منازلهم التي هجروا منها قسرا ، أفردت له الروائية الدكتورة رضوى عاشور مساحة في روايتها  ” الطنطورية ” راجع : رضوى عاشور : الطنطورية – دار الشروق – القاهرة 2010 ، ص 59،و ص ص 91 -93 على سبيل المثال ، ولفت انتباه الكاتب والشاعر البارجواياني ماريو كاسارتيللي أثناء جولته في فلسطين التي سجل وقائعها في كتابه “فلسطين .. المفتاح بين الأحجار ” وقد سبق للروائي اليهودي رواية قصيرة يزهار سميلنسكي الإشارة بقوة إلى ثيمة المفتاح في روايته القصيرة “خربة خزعة ” المنشورة (1949).

[21] – سحر خليفة: مذكرات امرأة غير واقعية – دار الآداب – بيروت 1986، ص 5.

[22] – الميراث ص 119.

[23] – الميراث ص 121.

[24] – صورة وأيقونة وعهد قديم ص 113.

[25] – أصل وفصل ص 161.

[26] – الميراث ، ص 11.

[27] – الميراث ص 317.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)