رواية عناقيد الغضب والمكارثية

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 33
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

قاسم محمد مجيد

(لقد فعلت كل ما في وسعي لأحطم أعصاب القارئ إلى أقصى حد ذلك لأني لا أريده راضيا)

 الكاتب الأمريكي جون شتاينبك

 (الصبر يا توم هو رمز قوتنا) (1)

هذه هي الحكمه التي استخلصتها الأم من تجارب قاسية مرت بها. حين رأت أن طوفان الغضب ربما يدفع أبناءها إلى التمرد والعصيان بعد السير الخائب وراء سراب الحياة الرغيدة في كاليفورنيا وعلمتهم أيضا (أن بسطاء الناس اقدر على مواجه الحياة) (2)

مصير أل غور في ظل ألازمه العالمية عام 1930 هو ما تتمحور عليه رواية (عناقيد الغضب) للروائي الأمريكي جون شتاينبك الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1962 التي اعتبرها النقاد رواية “كوخ العم توم” القرن العشرين فقد دافعت عن حياة العمال والفلاحين رقيق القرن العشرين!! ومنها هذه الأسرة التي كانت الطبيعة تتضامن مع ملاك الأراضي والإقطاعيبن في إلحاق الهزيمة بها!! فالأمل بقطف ثمار محصول الذرة تلاشى … فقد استيقظوا على ذلك المشهد المخيف حين غطى الغبار كل شي حقول الذرة والسياج والسقوف، فكانت (الشمس حمراء التي لم ترسل آي نور)(3) نذير شؤم وكارثة سقطت على رؤوسهم فلا قدرة لهم على سداد تلك الديون من البنوك أو حرث الأرض من جديد بعد أن تشققت التربة بسبب الجفاف.

العائلة أمام خيارين أحلاهما مر!! إما الموت جوعا في ولاية اوهايوا أو النزوح إلى الغرب إلى كاليفورنيا حيث االزراعه الوفيرة وحقول الفواكه الشاسعة لكنه يبدو أنها (فرت من جحيم لتقع في جحيم آخر)(4)

في كاليفورنيا تواجه العائلة وضعا لايقل قسوة واستغلالا عن اوهايوا فكبار الملاك يتشابهون في ابتزازهم وازدرائهم لهم والنيل من كرامتهم رغم أنهم يشتغلون لساعات طويلة وشاقة بمبالغ زهيدة لاتسد رمقهم.

والنظام الرأسمالي الذي يتشدق بقدسية الحياة يموت فيه مئات المزارعين والعمال جوعا في نفس الوقت الذي تتلف فيه آلاف السلال من الفواكه كي لايساعد وجودها في السوق إلى خفض أسعاره!! أو إتلاف مزارع القطن أو البن للسبب ذاته.

أن جون شتاينبك لم يلجأ للرمز في روايته أو يذهب بمسارات غامضة في طرق التعبير بل كان واقعيا في نقل معاناة الفقراء وتصوير حياتهم اليوميه المغمسة بالذل محذرا (في أرواح الجماهير تنمو ثمار الحقد وتمتلئ يوما بعد يوم حتى تحين ساعة قطافها)(5)

تلك الهموم ال‘نسانيه التي تدفع الناس إلى الأحقاد والثورات كانت قريبة من حياة المؤلف الشخصية ولها الأثر الكبير في صياغة الملامح الدقيقة والبناء المحكم لهذه الرواية فقد اشتغل فلاحا وعاملا في جمع الفاكهة وحارسا ونجار.

هذه الرواية أثارت غضب لجنه (مكارثي)(6) السيئة الصيت فاعتبرتها انتقاصا صارخا من القيم الاخلاقيه للمجتمع الأمريكي!! فكانت التهمه الجاهزة آنذاك باتهام الكاتب بالشيوعية وهي تهمه توجه لخصوم النظام حتى ولو كانوا لايفرقون بين ماركس وبين الفنان جون واين!! وأصدرت أوامرها لدور النشر وشركات التوزيع بعدم التعامل مع شتاينبك بل وصل الأمر بحرق كتبه ومصادرتها ومنها رواية عناقيد الغضب.

إن قيمه الرواية ليس بغورها في أحشاء المجتمع الأمريكي وفضح عيوبه بل أيضا من خلال تأثيرها الخلاق والمدوي في أوساط المجتمع، فكما كانت رواية كوخ العم توم(لهارييت بيتشر ستو) فاعلة باتجاه التغيير في قناعات الناس تجاه موضوع العبيد وما لاقته من تأييد إلى حد إلغاء قانون الرقيق فإن رواية عناقيد الغضب حفرت مجرى عميقا في تغير التعامل مع الفلاحين خاصة مع سكان الخيام في كاليفورنيا.

حصل شتاينبك عن روايته تلك على جائزة البوليتزر كما تم تقديمها في فلم.

……………………..

المصادر

(1) رواية عناقيد الغضب (2) نفس المصدر(3) نفس المصدر(4) نفس المصدر(5) نفس المصدر

(6) نسبه للسناتور مكارثي الذي كان يقود لجنة النشاط غير الأمريكي

مقالات من نفس القسم