دنیازاد رواية مي التلمساني وكتابة النساء

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 21
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. ألفت الروبي

 نبهت الكاتبة الصحفية الرائدة لبيبة هاشم في مقدمة أول عدد لها من صحيفتها النسائية الخاصة (فتاة الشرق) الصادرة في القاهرة ۱۹۰۹م إلى ضرورة أن تكتب المرأة بنفسها عن نفسها مدركة اختلاف منظور الرجل عن منظور المرأة في الكتابة، ومن أهم مقولاتها في هذه المقدمة التي تبرر فيها دعوتها ، وحضها المرأة على الكتابة :

“إن الرجل يكتب عن المرأة كما يعلم ( ويفتكر)

أما المرأة فتكتب عن نفسها كما تعتقد وتشعر”

وفي تعقيب جميل على شعر عائشة التيمورية كتبت مي زيادة :

ويوم ينمو الأدب النسائي في هذه البلاد فيجيء حافلا بحياة فنية غنية ستظل أناشيد عائشة – هذه الأناشيد الساذجة – لذيذة محبوبة کترنيمة المهد القديمة التي همهمت لنا بها أمهات أمهاتنا شجية مطلوبة.

أدركت مي – بعد لبيبة هاشم – أهمية أن تركن إلى طبيعتها الخاصة، وأن تهتدي بها في إبداعها وألا توالي الرجل في تقليده، كما أدركت مي زيادة أنه سيأتي اليوم الذي سينمو فيه الأدب الذي تكتبه المرأة ليجاوز ما أنتجته التيمورية من شعر، لكن مي زيادة – بوعيها الصادق والمرهف – لم تعمد إلى إسقاط أشعار التيمورية من الذاكرة

على الرغم من إقرارها بسذاجة تلك الأشعار التي اعتبرتها ترانيم مهد شجية نحن إليها ونطلبها من حين إلى حين.

وجاءت «دنیازاد» للكاتبة مي التلمساني ترنيمة مهد سردية نثرية شجية يسكنها ألم أنثوي خاص، لا يلبث أن يستبدل به وعي بالذات والعالم عبر الكتابة “أستعيد لحظات الألم الأولى كالمحارات وأكتشف أني نسيت طعم وشكل ورائحة الألم ولم تبق لدى سوى تلك الرغبة في إعادة تشكيل العالم وفقا لقانون الغياب”(دنیازاد ص ۱۹)

تنتمى «دنیازاد» إلى الكتابة الجديدة التي تعكس قلق صاحباتها وأصحابها إزاء مفهوم الأدب عموما ووظيفته بالنسبة للمتلقين والمبدعين على حد سواء، ولعل من أهم مزايا هذه الكتابة الجديدة أنها قادرة على إثارة «أسئلة جديدة» تتوافق مع طبيعة هذا الجيل الجديد المليء، بالأسئلة وغير المحب للإجابات المقطوع بها.

وأهم الأسئلة التي تثيرها «دنیازاد» سؤال عن النوع الذي تنتمي إليه، هل هي “رواية” كما قدمتها صفحة الغلاف؟ أو هي تنتمي إلى نوع أخر: رواية السيرة الذاتية – مثلا – أو نوع لا يزل يتشكل على أيدي أصحاب هذه الكتابة الجديدة.

إن تصنيف «دنیازاد» على أنها رواية يثير أكثر من علامة استفهام حول دقة التوصيف الذي حدده الناشر على الغلاف.

يدور موضوع «دنيازاد» حول حدث رئيسي يتعلق بحياة الشخصية الرئيسية – في النص – وهي الراوية في الوقت نفسه وهو موت الطفلة الوليدة «دنیازاد» في رحم الراوية البطلة قبل أن تخرج إلى الحياة.

وعلى الرغم من أن المؤلفة لم تحدد اسم الراوية الشخصية الرئيسية، فهی تحيلنا ضمنيا إلى أن نقيم تطابقا بينها وبين الراوية والشخصية الرئيسية داخل النص وذلك من خلال عدة قرائن؛ منها على سبيل المثال: الإشارة إلى اسم مجموعة قصصية سبق أن نشرتها المؤلفة (نحت متكرر) اسم طفلها شهاب الدين، اسم زوجها، أسماء بعض الأصدقاء والصديقات، الإشارة إلى شخصية معروفة شغلت الرأي العام في مصر في السنوات القريبة السابقة … إلخ

.سيرة ذاتية

هذه المرجعيات الواقعية التي تحيلنا إليها «دنیازاد» تجعلنا نتردد في قبولها بوصفها رواية متخيلة. إنها أقرب إلى السيرة الذاتية الأدبية التي لا تعتمد فيها الكتابة على الشفافية رغم اعتمادها على المرجعية الواقعية، خصوصا أن الكاتبة لجأت إلى بعض الحيل الأسلوبية والتقنيات السردية التي توهمنا أو تهيؤنا على الأقل لتلقي عمل روائی متخيل، فالعنوان «دنيازاد» يوهم بداية بهذا العالم المتخيل، إذ يستدعي شخصية «دنیا ازاد» «أخت شهرزاد» التي كانت «مثيرة» للقص و«حافزا» له في نص ألف ليلة وليلة.

و”دنيازاد” في نص مي التلمسانی تقوم بوظيفة مماثلة فهي الحافز والمثير للكتابة، للخروج من حالة سببها الموت للراوية الشخصية الرئيسة، هي مزيج من الحزن والعجز والإحساس بالذنب والتقصير. إن إحدى وظائف استخدام الكاتبة الاسم «دنیازاد» عنوانا للعمل هو الايحاء بفتح المجال لعالم حکائی متخيل.

حيلة أخرى اعتمدت عليها الكاتبة حين جعلت عملية السرد موزعة بين راوية هي البطلة التي تستخدم ضمير المتكلم (أنا) وراو هو زوج البطلة يستخدم ضمير المتكلم (أنا) أيضا. غير أن المؤلفة تعتمد على هذه الحيلة بشكل موقت لا تلبث أن تنساها بعد حين، ويتزامن هذا الانقطاع مع اكتفاء الراوية بذاتها بعد أن تعود إلى حياتها العادية، وتصبح غير معتمدة على الزوج. ويصبح الصوت المهيمن – بناء على ذلك – هو صوت الراوية، ولا يبدو التعدد – تعدد الرواة – هنا مفيدا في تقديم وجهة نظر أخرى. ولو تأملنا وظائف رواية الزوج لوجدناها تستكمل الناقص فيما ترويه الراوية، وتوضح ما هو غيرمعلوم بالنسبة لها كيف ماتت دنيا زاد أو كيف دفنت، أو رواية أحداث تتعلق بطفولته وعلاقته بالبيت القديم الذي سيباع، أو تقديم بعض المعلومات الخاصة بالزوجة/ الراوية..

إذا كانت الكاتبة قد تعمدت عدم تحديد اسم للراوية الشخصية الرئيسية في العمل، حتى تبعد شبهة التطابق بين شخصها وتلك الشخصية، فإن هذه الشخصية في ذاتها من أهم ما يلفت النظر في «دنیازاد». إن الراوية البطلة هنا شخصية لها تركيبها الخاص، أو هي نموذج يبدو جديدا للشخصية النسائية جذورها تراثية، حيث تبدو ذات ولع خاص باختيار الأسماء ذات الطابع التراثي: دنیازاد، شهاب الدين رغم ثقافتها الفرنسية (مثلها زوجها الذي كان يتمنى منذ سنوات أن يسمي ابنته «زاد الرمال»، يتذكر هذا وهو يدفنها، حيث تبدو المفارقة، وكأن اختياره لهذه الاسم كان يرهص بنهايتها المفجعة).

شخصية معاصرة

والشخصية النسائية التي يبرزها نص مي التلمساني شخصية معاصرة تنقض سماتها سمات الأنوثة التي تحددت وفق التحيز الذكوري: السلبية والتبعية للرجل والجبن واللاعقلانية والعاطفية.

سنجد في “دنیازاد” امرأة ايجابية مستقلة تواجه حزنها باتخاذ قرارات شجاعة وواعية.

وثمة جانب إيجابي في الحزن الهائل الذي سببه فقد «دنیازاد» لدى الراوية البطلة، حيث يدل على احتفاء كبير بالأنثى الوليدة المفقودة، وهذا الاحتفاء ينقض – بدوره – فكرة سائدة في المجتمع التقليدي الذكوری وهي الاحتفاء بالولد، والاحتفاء بالأنثى من وجهة نظر الساردة له مظاهره الكثيرة قبل ولادتها .. الخوف قبل تعرفها على نوع الوليد من خلال «السونار» من أن يكون ولدا ويستمر هذا التعلق في ترقب الراوية أن يكون وليدها الثالث بنتا “دنیازاد ص ۳۸ ، ص 60 – مقطع لو كانت بنتا”.

والملفت حقا في هذا العمل الأدبي أن البطلة الراوية لديها وعيها الخاص بذاتها، فهي على الرغم من استغراقها في حالة الحزن والإحساس الشديد بالذنب والتقصير إزاء الوليدة المفقودة، لا تستسلم للانكفاء على الذات أو الانغماس في الأدوار التقليدية للمرأة في العمل المنزلي مثلا، واعتبار الولادة والإنجاب إنجازا وحيدة)، من هنا فهي لا تجعل الكتابة تعويضا عن الولادة، كل منهما من وجهة نظر البطلة الراوية فعل خاص مستقل بنفسه، وهي حريصة على إنجاز الاثنين معا. وهذا في حد ذاته ينقض فكرة سائدة في المجتمع التقليدي الذكوری) تتعلق بإقصاء المرأة وتهميشها، بحيث لا تقوم إلا بوظيفة إعادة إنتاج النوع، وعادة ما ينظر إلى هذه الوظيفة (الولادة) نظرة متدنية تقلل من إمكان أن تحقق المرأة إنجاز عقلية أو فكرية.

يجري نص «دنیازاد» تعديلا على كلمة “ولادة”، لأن مفردة الولادة كثيرا ما استخدمت، ولا تزال تستخدم، على المستوى الرمزي التجریدی، خصوصا الإشارة إلى الكتابة والإنجاز الإبداعي عموما (ولادة القصيدة أو العمل الأدبی)، وكل ما يتعلق بالولادة مثل (المخاض) وهی العملية السابقة والمشحونة بالآلام على الولادة.

الولادة في «دنیازاد» فعل حیوی جسدي تقوم به امرأة، وترى فيه إنجازا الخاصة، وحين تعجز عن تحقيق هذا الإنجاز تستعيض عنه بصنع طفل جديد. الولادة هنا فعل حيوي تقوم به ذات فاعلة تخطط له بصنع ’خر في ميقات بعينه: «لم يبق سوى اكتساب مناعات الفقد والقدرية المستسلمة والترقب، مثل احتساء الشاي كل يوم دون ملعقة سكر واحدة ودون إحساس بالمرارة. هكذا لم يبق سوى أن أصنع ليلة حب مماثلة لتلك التي عرفتها منذ ما يقرب من عام. أن أصنع حلما أخر بالانتظار .. هل تكون هذه المرة أيضا «بنتا»؟ وماذا أسميها؟» (دنیازاد – ص ۳۸).

الراوية .. كاتبة !

إن لجوء الراوية/ البطلة إلى الكتابة، كتابة «دنیازاد» (الطفلة المفقودة) ليس فعلا تعويضيا عن الطفلة المفقودة أو الإنجاز غير المتحقق، فالراوية تقدم نفسها (كاتبة) وتحرص على تأكيد هذه الصفة بإلحاح على لسان الزوج ص ۱۲ : «قلنا النذهب الآن لإعداد المقبرة، أذكر آخر قصة كتبتها زوجتى تبدأ هكذا: «اشترينا مقبرة». ص ۲۰: كانت إذن «دنیازاد» أو لن تكون بعد اليوم سوى تلك الأسطر القليلة».: أكتب عن الانتظار .. أكتب عن ذاكرة خائبة، أكتب أي شيء ص ۶۸: «كنا جالسين عند طرفی منضدة الطعام… هو يرسم أنا أكتب» راجع 63 ، 64 ، 65

وفي الوقت نفسه تقوم الراوية بأدوار أخرى تقليدية تستغرق كثيرا من طاقتها وتفكيرها وتضعها في حالة من السأم التي تشير إليها كثيرة، لكنها امرأة قادرة على صنع طفل، وقادرة على فعل الكتابة وواعية بهذا تماما.

وربما يسهم هذا التصور في إعادة الأدب إلى ما هو عيني وتخليصه من التعميمات والتجريدات ومن الفكرة التي ترى في الأدب تعويضا عن فقد ما، وبهذا يتاكد معنى أن الكتابة إنتاج التجربة ما تقدم من خلال وعي بها .

إن فض الاشتباك بين الكتابة والولادة في «دنيازاد» أمر يؤكده الاستخدام الحسي اللغة في هذا النص، في تعبيرات مثل: “لم تعش خارج هذا الرحم المقبرة خرجت من مقبرتي إلى مقبرتها” ص ۱۸.

“عرفت أن الحزن خيط ينساب بين الحلق والقلب” ص ۲۱.

“الآن يتدلى بلا فائدة ، وأخلع ثوبی مديرة ظهري للمرأة” ص ۲۰.

“أمد بين فتحة الحلق وفتحة الرحم خيوط المحبة، لماذا تلازمني هذه الغصة حين أفكر أني كنت مقبرة لها”، ص 22.

من أهم سمات «دنیازاد» الحس الأنثوي الذي تجسده الراوية البطلة عبر تفاصيل دقيقة خاصة بالمرأة، وتشترك فيها مع غيرها من النساء (العاديات) تتعلق بالحياة اليومية والأدوار التقليدية المنوطة بالمرأة والتي لا تزل منوطة بها حتى لو كانت كاتبة. بدءا من تنظيف المنزل والغسيل والعناية بالطفل ونهاية بانتظار الزوج والابن .. الخ ، ص 44 ، وهي أمور لا تسترعي اهتمام الرجل، بل إنه يعدها تفاهة وثمة أشياء صغيرة تشغل الراوية بوصفها امرأة وأما مثل ملابس الطفلة المفقودة ص ۱۱ ، ۱۳ ، ۵۶ واستدعاء مراحل نمو الطفلة المفقودة لو أنها عاشت ص 4۲ ، 46.

واستكمالا لرصد التفاصيل الصغيرة المتعلقة بالحياة اليومية الأنثوية، تهتم الراوية بتسجيل رأيها في الشغالة، الذي يبدو واضحا في وصفها وتقييمها لعملها:

“هكذا تنتهي «أم هانی» سريعا من عملها لأني أراقبها اليوم. وتقف عند باب البيت تتحدث قليلا مع البواب، قبلما تعبر الطريق لتنتظر الميكروباص المتجه إلى حلوان . أعرف أنها تعد الجنيهات العشرين جيدا أثناء نزولها السلم. وأنها تضع جنيها واحدا في قبضة يدها بينما تدس الجنيهات الباقية في صدرها الواسع. تتوه الجنيهات بين كتلتي لحم لا يحملها مشد الصدر، أراقبها فقط وهی تعبر الطريق . وأتذكر أنها سريعا تعود . يوم الاثنين القادم. الثامنة والنصف صباحأ أفيق على رنين جرس مزعج …” ص 46.

وسواء كان تعاطف الراوية مع «أم هانی» موقفا ثابتا أو موقوتا بالحالة النفسية للراوية، فإن مس هذا الجانب العادي (جدا) من الحياة اليومية مسألة أنثوية محضة، هي تقتطع وقتأ وتتطلب جهدا وتستنفد طاقة هذه الشخصية، وفي النهاية تشكل جانبا كبيرة من هذا السأم الذي سيؤدی بالبطلة إلى حالة من الاغتراب.

 وفي الوقت نفسه تستحضر الراوية مشاعر خاصة بين الابنة وأمها:

“احتميت بفراشي من وجه أمي العابس” ص ۱۷.

“جاءت أمی رغم كل شيء تحمل طعاما وبعض الحكايات الجديدة، تحمد الله على سلامتی، أنا ابنتها التي خرجت بها من الدنيا وماذا عن ابنتي، وتدفعنى إلى حافة الجنون” ص ۱۷.

لفتة حساسة تمس علاقة الابنة بأمها تعنى بتسجيلها الكاتبة كاشفة عن الحالة النفسية للبطلة ومعبرة ببساطة عن العلاقة المركبة بين الابنة وأمها من زاوية الابنة.

على الرغم من بساطة التجربة في “دنیازاد” فإنها تنقلنا إلى ما هو مشترك وعام على مستويين، بين امرأة وأخرى، وذلك عبر التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالحياة اليومية ومسئولياتها الرتيبة الملقاة على المرأة وحدها، وأخص المرأة المعاصرة المضطلعة بأدوار شتی ومتعددة ، فضلا عن كونها إنسانة مستقلة لها شواغلها وعلاقاتها بغض النظر عن تفاهتها أو جلالها. إن ما ترصده الكاتبة من توال للأفعال والمهام التي تقوم بها الشخصية الرئيسة البطلة والتي تحيلها إلى ما تعبر عنه بالسأم يكشف عن إحساس بالعام لدى المرأة المعاصرة واغترابها عن ذاتها.

أما المستوى الآخر فهو مستوى أعم يشمل المرأة والرجل معا ويتعلق بالموقف من الموت ومواجهته، فالموت لدي الراوية لم يكن حدثا فردية خاصا بدنیازاد أو موت صديق (ص ۲۲ وما بعدها ) ؛ إنه موقف وجودی يخص الإنسانية وإن بدأ من لحظة تأمل خاصة جدا بامرأة تلد طفلا ربما يموت أو لا يموت (ص ۶۲) أو من مجرد هاجس يهجس بالموت – لدي الراوية – في إلحاح ( ص ۵۸ ، ۱۰ ، ۹۱)

تثير الراوية مشكلة الموت كمشكلة وجودية تواجه الإنسان الذي يسعى إلى تحديه وذلك عبر استدعاء قصص الطفولة التي قرأتها كما قرأها أبناء جيلها كما تستدعي بعض شرائط السينما (مقطع لعبة الموت من ص ۳۹)، فتخاطب الزوج حيث تقيم التوازي بين لعبة الموت في لاکی الوك (أو في سينما الكاوبوي) وبين مغامرة صنع طفل جديد شاءت أن تصنعه بقرار . كلتاهما لعبة وثمة موازاة بين خوف وخوف، وثمة ترقب للموت ورغبة في تحديه في الآن نفسه

مارست مي التلمساني لعبة الكتابة  في «دنیازاد» بوعي وبشكل يضيف وعيا جديدة بالنسبة للمرأة الكاتبة صحيح أنها ارتادت موضوعا بسيطا كما أن معالجتها لهذا الموضوع تمت بشكل مألوف عبر تعدد الرواة (المؤقت) وكسر زمن القص بالاسترجاع والعودة إلى الزمن القريب أو البعيد (ذكريات الطفولة) والاتكاء على الموازاة التمثيلية والكتابة عن الكتابة غير المألوف هو تغير المفاهيم التي تشكلت على أساسها الشخصية الأساسية التي اكتسبت اللغة من خلالها بساطتها وعينيتها وحسيتها.

إن انطلاقة الكاتبة من الموضوع الذي يبدو بسيطا وأكثر حميمية بالنسبة للمرأة يفتح طريقا جديدة للتعرف على الذات الأنثوية دون أن تنفصم هذه الذات عن إنسانيتها ودون أن يلغي فعل الكتابة أنوثة الكاتبة، بل يحقق وجودها بشكل متميز وفعال.

إن “دنيازاد”، نموذج حي على وجود تمایز تحققه كتابة النساء – في الموضوع وفي اللغة – ويكشف عن أهمية وجود كتابة أخرى تكسب  الأدب تنوعا واختلافا وثراء •

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم