دايدو: أنواع من الحب والموسيقى

موقع الكتابة الثقافي art 3
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مروة متولي

أصدرت المغنية البريطانية “دايدو” في العام الحالي ألبوماً جديداً، بعنوان “ستيل أون ماي مايند” وكما هي العادة عملت مع شقيقها “رولو” على كتابة الكلمات وتأليف الموسيقى، ومن خلال 12 أغنية يقدم هذا الألبوم أفكاراً متعددة حول الحب وتنويعات موسيقية على نغمات (الفولك والتريب هوب والإلكترو بوب) وكل هذه الألوان التي اشتهرت بها منذ بدايتها الفنية في أواخر التسعينيات.

وبصوت ربما لا يتجاوز 2 أوكتاف تجيد “دايدو” الغناء في الطبقات المنخفضة ويميز صوتها دائماً ذلك الهدوء الذي يغلفه طوال الوقت مهما علت الطبقة أو ارتفعت الموسيقى وصخب الإيقاع، أو كانت الكلمات التي تتغنى بها عنيفة وتحمل قدراً من الغضب، سيشعر المستمع رغم كل ذلك بأنها تهمس وبأن أذنه في مأمن من أي صراخ حاد في عالمها الموسيقي الصغير بخصوصيته التي تحرص عليها دائماً، كما يتميز صوتها بالدرامية والقدرة على التعبير ورسم الصور في ذهن المستمع.

يبدأ الألبوم بأغنية “الأعاصير” وهي بداية قوية على مستوى الكلمات والموسيقى، حيث نستمع إلى ذلك الإيقاع القلق والمؤثرات الصوتية والبناء الموسيقي التصاعدي ثم التوقف والصمت ثم عودة الإيقاع مرة أخرى فيما يشبه المارش، أما كلمات الأغنية فهي عن مواجهة الحياة بصعوبتها وتقلباتها، والجملة الأكثر تكراراً خلال الأغنية هي “دعني أواجه الصخب والعنف” ويعود هذا التعبير الشهير (الصخب والغنف) إلى شكسبير في أبيات مسرحية “مكبث” الشعرية عندما وصف الحياة بأنها “حكاية لا معنى لها تمتلئ بالصخب والعنف”.

أما الحب فتتعدد أنواعه في هذا الألبوم بداية من أغنية “يجب أن أبقى” التي كتبتها لطفلها، وهي أغنية لا تشبه أهازيج هدهدة الأطفال في شيء بل هي أقرب إلى بالاد لطيف وإن كان بها من المعاني الكبيرة والنظرة الأبعد المتجاوزة لمرحلة الطفولة وشدة القرب والارتباط، فالأغنية عن حب الأم لطفلها وتبعات هذا الحب ومسؤولياته، والالتزام الأخلاقي بأنها ستبقى إلى جانبه طالما يحتاج إليها، وعندما سيكبر ويرغب في الانطلاق وحده وخوض مغامراته الحياتية الخاصة فهي سوف تبتسم وتغادر، فمن الحب أيضاً أن نترك من نحب حراً دون قيود، وبمزيج هادئ من الإيقاعات اللاتينية و(الآر آند بي) تأتي أغنية “الجحيم بعد هذا” عن ذلك الحب القوي الذي يجبرك على الاستمتاع بلحظاته وإن كان من بعده الجحيم، وكذلك تناولت أغنية “حب مجنون” و أغنية الألبوم الرئيسية وأغنيات أخرى أنواع وحالات متعددة من الحب.

أما أغنية “نوع من الحب” فهي بلا شك من أجمل أغنيات هذا الألبوم، فمع الاستماع إلى صوت “دايدو” المتناغم مع صوت الغيتار الكلاسيكي ومع ذلك الإحساس بالحزن الهادئ والألم الباهت، نكاد نرى تلك الفتاة التي تجلس في بيتها وحيدة تخرج صناديق قديمة تمتلئ بالتسجيلات الموسيقية، تتفقد هذا الكم من الأغنيات وتتذكر الحب المفقود الذي ذهب بجزء كبير من قدرتها على الشعور بهذه الكلمات والألحان لأنه “عندما نفقد ما نحب لن يعود شيء كما كان” تخرج من البيت بعد أن تعيد الصناديق إلى مكانها المهمل في البيت الفارغ الصامت، وبينما تسير وحيدة تهمهم في تكرار وتردد “نوع من الحب” وفي هذا التكرار تتألق دايدو في أدائها بإحساسها المرهف وقدرتها على التنغيم فتبدو وكأنها تتساءل عن حقيقة الحب أو تعيد التفكير في قيمته وأهميته وربما تنشد الحب وتطلبه وإن بدا مستحيلاً وربما تسخر من فكرة الحب  وتشكك في وجوده بالأساس.

مقالات من نفس القسم