“خمسون ظلا للرمادي”.. طلاق وأزواج يرفضون العنف في الحب

"خمسون ظلا للرمادي".. طلاق وأزواج يرفضون العنف في الحب
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

ترجمة: أحمد فاضل

قد تكون "أنستازيا ستيل" ذات الاثنين والعشرين ربيعا بطلة رواية الكاتبة الإنكليزية إي . إل . جيمس "خمسون ظلا للرمادي" الصادرة العام الماضي، سببا في انهيار العديد من الزيجات في بريطانيا، التي شهدت تهافت نسائها على اقتناء الرواية بعد أن سحرتهن كاتبتها بأحداثها التي تدور حول علاقة تجمع بين فتاة شابة ورجل يكبرها هو كريستان غري الثري الذي يتمتع بشخصية سادية مازوشية، ومع علم الشابة ستيل بذلك ترضى بإقامة علاقة معه، الرواية تسرد تفاصيل المغامرات الإيروتيكية بينهما وهي أحد أجزاء سلسلة أصدرتها الروائية البريطانية إيريكا ميتشل وهذا هو اسمها الحقيقي، العملان الآخران يأتيان بعنواني "خمسون ظلا أكثر قتامة" و "خمسون ظلا طليقا"، ومع أنها أثارت موجة استنكار صارخة من قبل النقاد بالرغم من نجاحها جماهيريا، فقد رأوا فيها مؤشرا لانحطاط الذائقة الأدبية الغربية، معتبرين أن هذا النوع من الكتابة الحسية الفاقعة ليست سوى حالة من استرخاص المشاعر الإنسانية، وتظهيرا للغرائز مع وصفها بالتجارية الاستهلاكية المفتقرة إلى الأصالة، معتبرين بذات الوقت أن تتصدر هكذا نوعية من الروايات قوائم المبيعات كارثة على الثقافة.

 

ترجمة: أحمد فاضل

قد تكون “أنستازيا ستيل” ذات الاثنين والعشرين ربيعا بطلة رواية الكاتبة الإنكليزية إي . إل . جيمس “خمسون ظلا للرمادي” الصادرة العام الماضي، سببا في انهيار العديد من الزيجات في بريطانيا، التي شهدت تهافت نسائها على اقتناء الرواية بعد أن سحرتهن كاتبتها بأحداثها التي تدور حول علاقة تجمع بين فتاة شابة ورجل يكبرها هو كريستان غري الثري الذي يتمتع بشخصية سادية مازوشية، ومع علم الشابة ستيل بذلك ترضى بإقامة علاقة معه، الرواية تسرد تفاصيل المغامرات الإيروتيكية بينهما وهي أحد أجزاء سلسلة أصدرتها الروائية البريطانية إيريكا ميتشل وهذا هو اسمها الحقيقي، العملان الآخران يأتيان بعنواني “خمسون ظلا أكثر قتامة” و “خمسون ظلا طليقا”، ومع أنها أثارت موجة استنكار صارخة من قبل النقاد بالرغم من نجاحها جماهيريا، فقد رأوا فيها مؤشرا لانحطاط الذائقة الأدبية الغربية، معتبرين أن هذا النوع من الكتابة الحسية الفاقعة ليست سوى حالة من استرخاص المشاعر الإنسانية، وتظهيرا للغرائز مع وصفها بالتجارية الاستهلاكية المفتقرة إلى الأصالة، معتبرين بذات الوقت أن تتصدر هكذا نوعية من الروايات قوائم المبيعات كارثة على الثقافة.

أماندا ماك أليستر محامية بريطانية معروفة وتدير مركزا مسؤولا عن إدارة الأسرة، تروي كيف تسببت هذه الرواية في أول طلاق غريب من نوعه تشهده المحاكم البريطانية، فقد تقدمت إحدى سيدات الأعمال رفيعة المستوى والبالغة من العمر 41 عاما ببلاغ تطلب فيه الطلاق من زوجها بعد قراءتها الرواية ومحاولة استخدام مفعولها في بيت الزوجية، لكنها فشلت بعد رفض زوجها لعب دور ما أثارته الرواية من موضوعات جنسية مثيرة وكان أكثر عبودية كما عهدته من قبل بحسب ما صرحت به، وهي تلقي باللائمة على انهيار زواجهما عليه متهمة إياه بعدم امتلاكه ما تطلق عليه بالمغامرة الجنسية، هذه القضية هي الأولى من نوعها التي يشهدها القضاء الإنكليزي حيث أثار كتاب الطلاق ردود أفعال كثيرة، لكنه يبقى بحسب رأي المحامية أحد الأسباب الخمسة للطلاق بموجب القانون الإنكليزي الذي أشارت الزوجة لأحد أسبابه بالموقف الممل لزوجها عند ممارسته للعملية الجنسية معها، والذي اعتبرته سلوكا غير معقول، المحامية أليستر أشارت في مرافعتها قائلة:

 

– إن المرأة عند قراءتها للرواية أرادت أن تكون لقصتها تأثير على حياة الحب الذي لم يصل يوما لديها حد الشبق، ولم يسبق أن تتذكر عيد الحب وهو يمر بمناسبته ملقيا ظلالا أسودا على مظهرها، حتى أنها اشترت ملابس داخلية مثيرة في محاولة للحصول على المزيد من المشاركة الزوجية لتكون الأمور أكثر إثارة للاهتمام، لكنها لم تلق التبادل بالمثل ما جعل من عملية الممارسة الجنسية هي نفسها في كل مرة مملة، وكأنه اعتاد على هذا الأمر مع كل ما قدمته السيدة له من إغراءات، وعندما اكتشف الزوج اسم الكتاب الذي كانت زوجته تقرأ فيه اعتبره المسؤول الأول عما جرت الأمور عليه بينهما قائلا لها:

– الأمر كله جرى هكذا لأنك قد قرأت هذا الكتاب الدموي !

الزوج من جانبه استغرب قرار المحكمة هذا بمنحها الطلاق، واصفا إياه بالقرار المتسرع الذي جاء دون جلسة استماع له ومناقشته بما جاء به من حيثيات طلب الطلاق الذي رفعته الزوجة ضده، والذي اتهمته فيه كونه صاحب رغبات جنسية ضعيفة وهو سلوك غير معقول !

المحامية اليستر قالت بعد صدور الحكم لصالح الزوجة :

– هناك تحول حقيقي في المواقف الجنسية ستشهدها البلاد بعد هذه الواقعة، فقد مر زمن كان فيه الرجال هم أول من يشتكي من برود زوجاتهم في الفراش، وأنهم لا يحصلون على ما يكفي من متعة الجماع معهن في غرف نومهم، ولكن الآن حان للنساء بعد قراءتهن لهذه الظلال أن يردوا عليهم بقسوة والقانون سيقف إلى جانبهم .

“خمسون ظلا للرمادي” هي الرواية الأكثر مبيعا في تاريخ النشر عالميا، تجاوزت مبيعاتها في بريطانيا وحدها منذ مطلع أغسطس العام الماضي خمسة ملايين و300 ألف نسخة تفوقت فيها على رواية دان براون ” شيفرة دافنشي ” وأيضا البريطانية ج . ك . رولينغ عن سلسلتها ” هاري بوتر ” والأمريكية ستيفاني ماير وروايتها “الشفق”، أما وصفها بالرواية الناجحة فلم يشفع لها ولم ينجها من توصيف النخب الثقافية بالعمل الأشبه بحضيض الانحطاط والمثال الواضح عن الكتابة الحسية الشهوانية، بينما يرى الناقد اندرو هاكان أن الثلاثية هي طفرة غريبة في عالم الكتابة الحسية أو الأدب المكشوف، والأهم أنها تثير الكثير من التساؤلات حول سر مبيعاتها المذهلة .

 المحامية ماك أليستر كشفت أمرا خطيرا آخرا هو المواقع الإباحية على الإنترنت التي تعكس كذلك مشاهد كتلك التي تناولتها الرواية ما يساعد على تفشي حالات الطلاق مستقبلا أو كما قالت:

– المرأة تجد في هذه المواقع تحريرا لإرادتها العاطفية لكنها تقف مع الرجال الذين تتطابق رغباتهم مع نسائهم، ولكن هذا لن يستغرق وقتا طويلا إذ سرعان ما يبدأ بالطلاق حال معرفتهم أنهن يقمن بزيارة هذه المواقع، ومع ذلك هناك إحصائيات بنساء لا يزال الطريق طويل أمامهن للحاق بركب الرجال الذين لهم مطالب خاصة وعنيفة في الفراش، إحدى الجمعيات التي تهتم بهذا الجانب الأخلاقي نشرت تقريرا هذا العام بينت فيه أن من هن في الثلاثين والتاسعة والثلاثين من العمر كن أكثر تكدرا في حياتهن الجنسية من أي فئة عمرية أخرى، مع أن 71 بالمائة من الرجال و55 بالمائة من النساء ذكروا أنهم لم يحصلوا على ما يكفي من تمتعهم الجنسي طيلة فترة زواجهم، المحامية أليستر قالت تعقيبا على ذلك التقرير :

– قد تكون المخاوف من المال ورعاية الأطفال عوامل ضغط لفتور العلاقة الجنسية في غرف النوم الزوجية ما يجب أن يتنبه له الجميع .

في صحيفة التابلويد البريطانية يرى بعض النقاد أن شيوع هذه الظاهرة عائدٌ إلى إقبال المحبطين من الناس لاسيما النساء، فهذا النوع من الكتابة يشبع أحاسيسهم ورغباتهم دون نسيان أن الدعاية الشفهية وتناقل الخبر بين الناس ساهم برفع نسبة مبيعات الرواية، وهو ما لن يلغي كونها نموذجاً للأدب الرخيص كما قال البعض فعلى الرغم من كل ما يقوله النقاد فإن حركة بيع هذه الرواية تشهد ارتفاعاً وهو ما يلاحظ في المكتبات الفرنسية مؤخرا، إذ حققت (خمسون ظلاً للرمادي) بحسب قول فيليب دوري، المسؤول التجاري في دار نشر (جان كلود لاتيس) وهي الدار الفرنسية التي حظيت بحقوق نشر الرواية نجاحاً كبيراً (تجاوز كل التوقعات) .

ومع كل الإقبال والنجاح اللافت الذي حققته الرواية، إلا أن ذلك ترافق مع خبر سحبها من أكثر من مكتبة أميركية لأنها صُنّفت من قبل النقاد على أنها من النوع الإباحي، ولهذا كان من الضروري أن ترفق بتحذير يمنع بيعها لمن هم دون الثامنة عشرة .

المفارقة أن الرواية تمّ رفضها، بدايةً من دور نشر كثيرة، فاكتفت الكاتبة بطبعة إلكترونية لقيت إقبالاً ملحوظاً كان مقدمةً لظهورها الورقي في كتاب تقليدي كسر كل الأرقام القياسية المعروفة .

ـــــــــــــــــــــــــــ

عن صحيفة الديلي ميل اللندنية 10 نوفمبر  2012

ــــــــــــــــــــــــــ

أحمد فاضل

ناقد ومترجم – العراق

ـــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار