حكايَا الطينِ الحُلْوِ ..

موقع الكتابة الثقافي writers 113
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جعفر أحمد حمدي

“1”ـ.

المَجرىٰ ..

دَمِي سائلٌ،

يا رفاقَ الكتابةِ،

والطينُ فِيهِ الضِّمَادةُ للجرحِ،

والجُرحُ يسعىٰ،

أقيموا علىٰ دَفَّةِ الماءِ روحي،

وصُبُّوا علىٰ رأسِهَا الحبَّ،

وامشُوا بعيدًا ..

دعُوا الماءَ ينفثُ

فِي راحتيْهَا نخيلاً وتُوتًا ..

دعوني؛

لأحكيَ عنْ صِبيةٍ

يستحمونَ بالطينِ

رمزِ القداسةِ،

عنْ فارسٍ في الزمانِ القديمِ،

بقىٰ ظلَّهُ شاهدًا للبقاءِ..

وعنْ فِتيةٍ يعشقونَ الحياةَ

وفِي رأيهم:

أنَّ هذي الحياةَ،

إلىٰ هذهِ الأرضِ ترجِعُ،

كلُّ الشواهدِ

فِي صهلةِ الماءِ تشهدُ،

كلُّ المشاعرِ

فِي جانبِ النهرِ تشهدُ،

كلُّ التجاعيدِ

فِي جبهةِ الحقلِ تشهدُ،

هلْ يُنكرُ العالمُ الصعبُ هذا الخلودْ؟!.

“2”ـ.

الجُميزةُ ..

وعنْ طرحِها قال لي الجدُّ:

كانتْ سماءً،

وكانَ يحجُّ لها الفتيةُ

المرهقونَ مِنَ الحرِّ،

كانتْ ضفائرُهَا جنَّةَ المتعبينَ،

وكانَ علىٰ سطحِهَا المستديرِ

بيوتًا مَنْ القشِّ،

نحنُ الصغارُ صعدنَا

لكي نحتمي بالبيوتِ،

فلم تحتملنَا الغصونُ،

تصوَّرْ!!

أقامتْ علىٰ جِذْعِهَا الحُلوِ

بيتًا وقالتْ:

تعالوْا فجئنَا ..

ومِن يومِهَا وهْي كلُّ احتواءٍ

عرفنَا،

ومِنْ يومِهَا وهْي كلُّ الرسائلِ

بينَ الأحبَّةِ،

بينَ الطريقِ وروادهِ السائرينَ،

وبينَ الذينَ أتوْا تحتها

ليدسُّوا الحقيقةَ،

يا ليتني كنتُ بعضَ الحقيقةِ،

أو كنتُ دُودًا ينامُ على الطينِ،

لا يَشتهِي لِبسَ ثوبِ القُدامىٰ النيامِ،

ولا يُشتهىٰ ..

“3”ـ.

السَاقيةُ ..

وكانتْ تدورُ،

وفِي صدرِهَا الرحبِّ

تحوي الكمنجاتِ،

لمْ تنشغلْ بالذي سوفَ يحدثُ،

كانَ الإناءُ البهيُّ يدورُ

علىٰ كلِّ عُشبٍ،

ويشربُ مِنْ جبهتي الحبَّ،

يركضُ مثل الأغاني الجميلةِ،

فِي ساحةِ الرقصِ،

مَالَ ومِلتُ،

فلا ينشغلْ بالعداءِ،

كذلكَ كنتُ،

وكانَ أبي قبلَ ذلكَ،

شيخًا ونافذةً للحنينِ،

فهلْ يفهمُ العالمُ الصعبُ هذا النقاءْ؟!.

“4”ـ.

حديقةُ الجوافةِ القديمةِ .

علىٰ شكلهَا

كانتِ البنتُ تسعىٰ،

وكانتْ عيونيَ مثلَ الجوافةِ

خضراءَ جدًا،

ولكنْ لجدي حكايا الكبارِ،

قديمًا يقولُ:

لكَ الحبُّ والدربُ

شرطَ السلامةِ،

لا تندهشْ للأمورِ البسيطةِ،

كنْ كالهواءِ خفيفّا علىٰ النَّاسِ،

كنْ كالورودِ رقيقًا،

ودعْ شوكَهَا للحريقِ،

الرحيقُ تفجَّرَ فِي ساحةِ الحربِ

والنَّاسُ عطشىٰ،

فغَنِّ كثيرًا؛

لكي يشعرَ النَّاسُ بالحبِّ،

إنْ حطَّ طيرٌ علىٰ العشِّ غَنِّ،

وإنْ ساومتكَ البلادُ العجيبةُ غَنِّ،

وعَلِّقْ علىٰ بابكَ الخبزَ،

سِيَّانَ أشبعكَ النهرُ،

أو عطَّشتكَ السكاكينُ،

غَنِّ وغَنِّ كثيرًا كثيرًا،

لكي يُدركَ العالمُ الصعبُ هذا الغناءْ؟!.

“5”ـ.

الجزيرةُ المهجورةُ ..

صغارًا وكنَّا علىٰ محملِ الجدِّ،

نمشي،

وتمشي إلينا العفاريتُ سَكرىٰ،

وكانَ الأوائلُ فِي قريتي طيبينَ،

وكنَّا نصدِّقُ هذي الحكاياتِ،

قال الأوائلُ فِي ليلةِ القَدْرِ:

هذي الجزيرةُ عُشُّ العفاريتِ،

والنَّاسُ تخشىٰ الأساطيرَ،

لا تقربوهَا،

ولكنْ؛

رأيتُ الهلالَ علىٰ شكلِ سيفٍ،

رأيتُ النجومَ علىٰ شكلِ قتلىٰ،

رأيتُ النخيلَ علىٰ الماءِ يمشي،

فقلتُ انجدونِي،

ومِنْ يومِهَا

والجزيرةُ فِي كاملِ الوعي

تسعىٰ إليَّ،

فهلْ صدَّقَ العالمُ الصعبُ هذي التخاريفَ؟!

هلْ صدَّقَ العالمُ الصعبُ أنِّي حزينْ؟!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر مصري

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني