حسن النجار: بوابات التراجيديا.. بوابات الشعر

موقع الكتابة الثقافي writers 3
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

من قوانين مقدمات تكتب للإبداع ألا تتسع مساحتها وألا تميل للمصادرة على رأي القارئ وإنما تتسم باستهدافها الكشف عن الخطوط العريضة، فمن الصعب أن يضع شاعر تجربته شبه الكاملة أمامك ممثلة في أعمال كاملة تمثل القطاع الأكبر من تجربة شعرية ممتدة زمنيا ومتعمقة في قطاع واسع من قطاعات التجربة الإنسانية التي يكتنز الشاعر مفرداتها ويطرح تصوره لقضاياها.

في تشكيل شعري يقوم على إحدى عشرة بوابة يصفها الشاعر ببوابات التراجيديا تلك البوابات التي عبرها الشاعر من قبل المتلقي، بما يعني امتلاكه خبرة قبلية سابقة للتلقي ومن ثم يكون على المتلقي عبور التجربة مكتنزا ما سبق أن طرحه الشاعر من قبل.

لك ان ترى البوابات مراحل تاريخية يجتازها المجتمع الإنساني، ولك أن تراها مجموعة من المشاهد المتوازية التي تكمل الجدارية الإنسانية التي يصممها الشاعر عبر وعيه المبثوث ضمن رسالته الموجهة للمتلقي.

بوابات التراجيديا : هل تعني بوابات الدخول أم بوابات الخروج ؟

ومن يمتلك مفاتيحها ؟ ومن باستطاعته استخدامها ؟

أسئلة تطرح نفسها مفجرة كثيرا من طاقات اللغة في ديوان الشاعر حسن النجار ، الذي بدأ تجربته الشعرية في بداية الستينيات وصدر ديوانه الأول ” فصل في التراجيديا الريفية ” في طبعته الأولى (1968) .

بين أيدينا التجربة الشعرية للشاعر كاملة الفصول بوصفها تراجيديا تضم أحد عشر فصلا يحافظ فصلها الأول على العلامة اللغوية الأساسية في عنوان الأعمال الكاملة ” فصل في التراجيديا الريفية ” وتأتي الفصول التالية متغيرة العنوان ومتجاوزة العلامة الأولى :” الوقوف بامتداد الجسد – ونحدث عن عصر مضروب الخيل – تطوحات امرئ القيس – عرس في الدلتا – قالت لي امرأة القصائد – الغناء في أقاليم يارا – كنشرتو منتصف الليل – ليلة أن أكلت القمر- ينتظرونك عند النواصي – هناك أكثر من غابة “

الأرض

تتجلى الأرض بوصفها علامة لغوية لها حضورها الشعري عبر مساحة كبرى من ديوان الشاعر ، يؤكدها مظهران لهما أهميتهما في سياق التجربة :

  • تكرار المفردة (253) مرة .
  • دلالتها وحضورها المركزي في الديوان .

بداية يمكنك رؤية العلامة بوصفها عنصرا يتضام مع عناصر أخرى منتجة دلالتها الشعرية : التراب (الأرض ) – الهواء- النار – الماء ) بوصفها العناصر الكبرى المكونة للمادة ، وهو ما يتطابق مع رؤية الشاعر للتجربة في تأسيسها على الخلفية الريفية بوصفها مرجعية لإنسان العصر الحديث ، وهو ما يجعل القصيدة الأولى ” النشيد الريفي ” بمثابة المانيفستو أو البيان التأسيسي للتجربة عبر عتبتها الأولى (عنوانها) أولا وعتبتها الثانية (عبارة التصدير ) ثانيا : ” لك أن تلومني لعجزي عن الهرب من الأرض ” روبرت فرست ( [1] ) ، واستهلالها المؤسس على مفردة الأرض ثالثا ، وهو ما يشكل مساحة من الخصوبة المنتجة للصور الأولى في القصيدة وهي صور تأسيسية تقوم عليها الكثير من التفاصيل في سياق التجربة بكاملها :

” الأرض ليس يؤمها غيرِ الرجال

يتقدمون نساءَهم للنهر

ثم يحاورون دم الأجنة

فى مواعيد البذار ” ( [2] ).

منذ تجليها الأول تعقد ” الأرض ” في صورتها المعرفة ” بأل العهدية ” علاقة بين الشاعرعبر صوته والمتلقي عبر وعيه ، ولكن الشاعر سرعان ما يسعى لخلخلة هذه المعرفة بالنفي (ليس ) مخلصا ذهن متلقيه من احتمالات وعيه ليطرح أسلوب القصر ، قصر البقاء في الأرض على الرجال فقط وهو ما يمثل بدوره تحفيزا للمتلقي الذي يظل خارج الأرض مالم يكن قادرا على تحقيق شروط القصر والانضمام للنصف الثاني ” النساء ” ليشكلوا موكبا يعيد تكوين الحياة على الأرض في موعد الخصوبة التي لا تتم إلا بمهام تحددها أفعال الرجال (يتقدمون – يحاورون ).

والاستهلال هنا يمثل صوتا ليس مسندا لأحد أو منتميا لقوة ما غير قوة الصورة الشعرية ، وهو يحيل إلى ضمير الغائب ساردا عن رجال ليسوا حاضرين ، والغياب يمهد لظهور الذات في المقطع التالي المروي بضمير المتكلم الحاضر تعبيرا عن وافتقارا لحضور الرجال :

     “- هذا النهار

       أكلتُ خبز أبى وأمى

       ثم عاينتُ الإله البابلىَّ

       يخبَ فى جسد الفصول ” ( [3] )

وحضور الذات مرتهن بحضور مقومات الحضور ممثلة في ( الأب والأم ) عبر خبزهما ، ومراقبة الإله بما يرمز إليه من قوى عليا ، تمهد جميعها لعملية خصوبة متجددة تعيد تشكيل دائرية العالم أو نظام الحياة الكوني :

        ” الأرض تحبلُ

حين يلمس صدرَها خطوُ الرجال

الموت حين يطل عبر سهولنا

تُفنيه فى البحر ابتهالاتُ الرجال ” ( [4] )

فالأرض بوصفها الشاهد على والمستقبل لـ خصوبة الرجل لا تحبل لمجرد حضور الرجال وإنما بقدرتهم على الحركة بما ترتبط به من اكتشاف ، منتج للخصوبة إشارة إلى المعرفة التي تتجدد وفق طريقتين :

  • الحركة المشار إليها سابقا .
  • الصوت عبر الإيحاء بابتهالات الرجال التي تمثل كلمة الله على الأرض . وهو ما تبلوره الصورة الأولى في المقطع التالي مباشرة :” أصفى من الحب

ارتعاشُ الطمي فى لحم الرجال الآلهة

…………………..

ويبايعون الله في يوم يجيء بلا أوان ” ( [5] )

والقصيدة في تأسيسها العلاقة بين الإنسان والأرض تبدأ من وضع ثبات تمهيدا للانتقال لوضع الحركة مع الريح الذي يقترن بالصوت :

       ” الريح أغنيةٌ تسير على محاريث الخطى

عذراءُ نهداها بلون القمح ، صافيةُ الدماء

الريح موسيقى تهبُّ من السماء

تحكى عن الشمس التى تخضر

فى أعضاء طفل” ( [6] )

مانحا الريح صفات ثلاث صور ( أغنية – عذراء – موسيقى ) تلعب دورها الترميزي من زاويتين :

الأولى : تنبني على العناصر الثلاثة مشتركة وقدرتها على تشكيل صورة خاصة عبر تشابكها وما ينتجه هذا التشابك من دلالة الصوت المفهوم (الأغنية ) والصورة ( العذراء الطارحة لمعاني البراءة والبكارة ) والصوت المفهوم في غموضه ( الموسيقى ) .

الثاني : ينبني على تفكيك هذه المفردات بوصفها علامات لها وجودها في النص ولكنها مقصودة لذاتها في سياقات متعددة خارج سياق مكان الظهور فكلمة أغنية يتكرر ورودها (27 مرة ) متعددة المواقع ومختلفة السياقات وكأنها بمثابة الصوت العابر للقصائد في مواقعها المتعددة مؤديا دور الإحكام الأسلوبي للقصيدة فمرة تراها تتصدر القصيدة ” أغنية حب ليلية ” حيث يطرح الشاعر الأغنية بنصها بعد فعل الأمر للأطفال فتتشكل الغنية في مستهل القصيدة بعد عنوانها :

         ” أيها الأطفال مروا تحت نافذتي وغنوا :

سوف تأتينا جليلة

مثلما عادتْ نجومُ الليل ،

تأتينا جليلة ” ( [7] )

، ومرة تراها تتحرك في المتن آخذة مواقعها المتعددة في عدد من الصور تأتي في معظمها فعلا صوتيا : ” وابتدأت الغناء …………..أغني على صدر بابل أغنية الواله المستطار ” ص 74، يرسخ لفعل الصوت في القصيدة ، الصوت بطرحه الفيزيائي لا بطرحه المجازي أو المعنوي ، فالشاعر يقيم نوعين من الأصوات :

  • الصوت الدال على الخطاب الشعري في مجمله ، المتشكل من مجموعة مفردات القصيدة والعلامات المنتجة لدلالتها ، والصوت هنا هو مجمل ما يطرحه النص ، لك أن تحيله إلى مجموعة المخاطبين في مواقعهم المختلفة ( المروي عليه – المخاطب ( المخاطب ( بالكسر) – المخاطب ( بالفتح ) ، ولك أن ترى هذا الصوت مفككا إلى مجموعة من الأصوات التي قد يشغلك واحدها على حساب مجموعها أو العكس ، وقد تهتم بمتابعة مساحات حضور الصوت ونسبته إلى صاحبه لاكتشاف القدر الأكبر من تشكيل الدوال وتوزيعها على مساحة النصوص ، كما أنها تمثل مجموعة من المفاتيح المفضية إلى قراءة من نوع خاص للقصيدة ، فأن يقف المتلقي على مرجعية الصوت أو على هويته لهو أدعى لفهم خاص لدلالة القصيدة الكلية أولا والجزئية ثانيا ففي قصيدة ” تطوحات امرئ القيس ” على سبيل المثال من الأهمية بمكان معرفة من المتحدث هنا ؟ من يتحمل عبء الخطاب في الاستهلال الذي لا يطرح علامة عليه مبكرا :

” إن خيل العشائر لن تحضر الآن                        

هذا هو الليل يأتي رصيفا من

البلل الدمع .

أقطعه ،

وأحاور أسفلته

ويحاورني ..

ونشم معا قطرات النزيف

بمنعطف الليلة الشعر ،

  • إن الملوك إذا دخلوا قريةً ” ( [8] )

هل هو صوت الشاعر راويا عن امرئ القيس وفارضا نفسه على عالمه أم هو صوت امرئ القيس نفسه يفرض نفسه على الشاعر أولا وعلى عالمنا ثانيا ؟ أيهما يستدعي الآخر إلى عالمه : الشاعر القديم أم الشاعر الحديث؟ ، خاصة أن الشاعر يختتم المقطع الاستهلالي بقول مغاير يحيل إلى القرآن الكريم وقد جاء على لسان بلقيس : “قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ” ( [9] ) منتجا حوارية مستدعاة من سياق الموقف القرآني ومنتزعا العلامة ( الملوك ) من سياقها القرآني إلى سياق شعري ينتج معنى السلطة والسطوة ويطرح بعدها صورا تتخللها العبارة القرآنية ثلاث مرات تكون خاتمة صورة ومفتتحا ممهدا لصورة جديدة ، حتى التعبير في مرته الأخيرة ينقل المتلقي إلى العنوان التالي له عبر رابط شكلي وآخر معنوي ، الأول يتبلور في النقط الخاتمة للتعبير مما يوحي بانفتاحه على مساحة تالية مرتبطة به ، والثاني يتبلور عبر الانتقال من فعل الملوك إلى المرثية

  • الصوت من حيث هو دال فيزيائي على مجموعة من العلامات المحددة تراها في الأغنية ، وتراها في بعض التراكيب التي يطلقها الشاعر تعبيرا عن حالة من التنبيه للجميع أو للمفرد .

والصوت هنا يمثل منتجا دلاليا من نواتج التلقي حيث يبدو تأثير الصوت الشعري واضحا أثناء عملية التلقي أو بعد تمامها وهو ما يتبلور في تأثير الصوت على المتلقي عبر توجيهه ( المتلقي ) للقيام بعمل ما يمثل ردة فعل للتلقي ، ويمكن للمتلقي التعرف على ذلك عبر الأسئلة : ما الذي يتغياه الصوت وماذا يريد أن يقول ؟ وماحدود قدرتي على التجاوب مع نظام الفن الشعري وما يطرحه من قضايا ذات طبيعة تفاعلية ، تتعدد بتعدد الصور والموضوعات المطروحة ، فالشاعر هنا يحول العالم من حول متلقيه إلى مجال حيوي لإنتاج رؤيته المشتركة ( بين الشاعر ومتلقيه ) من خلال عملية الدخول المتعدد للبوابات التراجيدية التي يشكلها الشاعر واضعا إياها في طريق التلقي ومجسدها إزاء رؤية المتلقي

جدارية القصيدة

تميل بعض القصائد إلى الكشف عن جيناتها الوراثية المستمدة من المعلقات قديما وأولها جين الطول وثانيها جين الإنسان ، وثالثها جين المرأة ، ورابعها جين الطبيعة / المكان ، وتتشارك جميعها في إنتاج جدارية من الصور المتداخلة ، والألوان المتناسقة في إطار من الفن الشعري القادر على تقديم جمالياته الخاصة ، الجدارية هنا سمة للقصيدة تتحقق عبر طولها أولا وعبر ماتطرحه من جماليات ثانيا .

الجدارية تكتنز عددا من الصور وتتعدد فيها مستويات اللغة وتفاصيل الألوان للدرجة التي يمكن للمتلقي اعتماد البوابات بمثابة الجدارية الواحدة متعددة الوجوه والتفاصيل ويكون على المتلقي الربط بين التفاصيل معتمدا العلامات النصية في مستوياتها المختلفة .

في قصيدته ” تطوحات امرئ القيس على أبواب الملك المقتول ” تقوم القصيدة / الديوان على بناء من الصور التي يربطها الشاعر بالمعلقة عبر رابطين أساسيين :

  • رابط مباشر يقوم على التصريح باسم امرئ القيس والإحالة إليه ، واستلهام صوته أكثر من مرة
  • “وواد بجوف العير قفر قطعته “( [10] )
  • ” وليـس فــؤادى عـن هواكِ بمنسلٍ” ( [11])
  • ” وإن شفائي عبرة مهراقة ” ([12] )
  • رابط غير مباشر يقوم على مجموعة العلامات المستمدة من المعلقة وتمثل بالأساس الجينات الوراثية في صورتها المباشرة ( الإنسان – المرأة- المكان – الغنائية ).

وجميعها علامات شعرية تصب في العلاقة القائمة بين الجدارية الشعرية والمعلقات من خلال تفاصيل يمكن للمتلقي ربطها بين السابق واللاحق ، بين معلقة قديمة كانت مدارا للرؤية الشعرية ونموذجا للنص الأعلى قيمة والأقوى قدرة على استشراف اللحظة التاريخية واكتناز خلاصتها ، وبين جدارية حديثة يقيمها شاعر لا يتخلى عن جيناته الشعرية القديمة ولا يرتاد قديمه على حساب حديثه ولا يتجاوز قديمه دون دراية كافية به ، ويكفي الوقوف عند علامة واحدة كاشفة هي الأكثر دورانا في إطار تجربة الشاعر .

الإنسان :

وهو العلامة الأكثر حضورا على مدار التجربة والتي تمثل العمود الفقري للعلامات الشعرية في تجربة الشاعر ، يحضر الانسان بقوة مستمدا قوته من كونه حاضرا على مستوى الفن الشعري وفي عمق الرؤية الإنسانية التي يتبناها الشاعر طارحا نوعين من النماذج الإنسانية : نوع معروف بحضوره السابق (مالك بن الريب – امرؤ القيس – عنترة – السياب – ابن عربي- صلاح الدين – مريم ) وهو نوع يغلب عليه أدبية النموذج لكونه ينتمي إلى وضعية الشاعر ويرتبط معه بالانتماء لتجربة الشعر ، ونوع غير مباشر هو للمجاز أقرب منه إلى الحقيقة ويمثل بقية النماذج الإنسانية التي تتحرك وفق الاستراتيجية الإنسانية في التجربة الشعرية بكاملها .

الإنسان وفق هذا التصور يتنقل بين عدد من المواقع (المتكلم – المخاطب – المروي عنه )، في الأول يمثل صوت الشاعر نموذجا وافيا يسجل حضوره على مدار التجربة فارضا هذا النوع من الحضور الفردي الذي ينفرد فيه الشاعر بكون المتحدث الرسمي باسم الإنسانية ، مصورا لحظات فرحها أو مساحات شجنها أو لحظات انكسارها فهو الراوي المنظم لعملية التصوير والتقديم للعالم من حوله ، وهو المصور حالات البشرية ومساحات قلقها ، وهو المتحدث الرسمي باسم العالم مستعيرا شخصية من شخوص التاريخ معلنا عن واحدة من حالالتها :

       ” إن خيل العشائر لن تحضر الآن                        

………………………….

هذا هو الليل يأتي رصيفا من

البلل الدمع .

أقطعه ،

وأحاور أسفلته

ويحاورني ..

ونشم معا قطرات النزيف

   بمنعطف الليلة الشعر ،

إن الملوك إذا دخلوا قريةً …”

المقطع السابق مفتتح قصيدة من طراز خاص ” وواد كجوف العير قفر قطعته ” ( ص 249)تأتي بدورها مفتتحا للبوابة الرابعة ” تطوحات امرئ القيس على أبواب الملك المقتول ” لتكون البوابة في مجملها مساحة حركة الشاعر أمام جدارية يرسمها للعالم تحدد بدورها مساحة حركة المتلقي المغايرة ، الشاعر يرسم جدارية عرضية تعتمد على تفاصيل بصرية يعرضها بشكل بانورامي أمام متلقيه ، وفي المقابل يمنح المتلقي حركة عمودية من السطح للعمق ، والعمق هنا تاريخي بالأساس ، ليس لأنه يحيلنا على امرئ القيس ولكنه يجعل متلقيه منطلقا في حركتين ارتدادية من السطح للعمق و بالعكس ، إضافي إلى حركة بين المتن والهامش أو بين الصوت والصدى منتجا جداريته الخاصة مستلهما تفاصيلها من البصر للعقل ، ومن الصورة الجزئية للرؤية الكلية .

الشاعر هنا بوصفه شخصية تاريخية (عامة) لها حضورها التاريخي والعضوي تعد مفتاحا نموذجيا لرؤية الشاعر للعالم ، إذ هو لا يحيل إلى مجهول من الناس وإنما يحيل إلى معلوم يبني على معرفة المتلقي به حتى لا يجتهد المتلقي في البحث عنه مستغرقا جهده في المكاشفة لا للتوصل للرسالة وإنما توصلا إلى كنه الشخصية التي يوظفها لخدمة الرؤية الإنسانية للتجربة في حرصها الأكبر على هذا الجانب الإنساني للوجود ، ذلك الجانب الذي عزف الشاعر على أوتاره فجاءت القصائد جميعها معزوفات من مقام الصبا بكل ما يحمله من مساحت الشجن .

هوامش وإشارات

[1] – حسن النجار : بوابات التراجيديا – الرسالة للطباعة والنشر – طنطا 2012، ص 9، وروبرت فرست : شاعر أمريكي (1874-1963) من أهم شعراء الإنجليزية .

[2] – السابق ص 11.

[3] – السابق نفسه .

[4] – السابق ص 11.

[5] – السابق ص 12.

[6] – السابق ص 14.

[7] – السابق ص 43.

[8] – السابق ص 249.

[9] – سورة النمل – الآية 34.

[10] – إشارة إلى قول امرئ القيس :

وَخَرقٍ كَجَوفِ العيرِ قَفرٍ مَضَلَّةٍ       قَطَعتُ بِسامٍ ساهِمِ الوَجهِ حُسّانِ

[11] – إشارة إلى قول امرئ القيس :

تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا       وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ

[12] – إشارة إلى قول امرئ القيس :

وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ       فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)