جيم أوفر: السبكي ينتصر على السينما المصرية

جيم أوفر: السبكي ينتصر على السينما المصرية
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
 رامي عبد الرازق* في فيلمه"عمر وسلمى"الجزء الثالث خرج علينا"المنتج"محمد السبكي كعادته في المشهد الشهير الذي اصبح"آفيه"في معظم افلامه لينقل رسالة هامة إلى"اعداء النجاح"كما اسماهم بأنه سوف يظل يظهر في كل افلامه"بفلوسه". في الحقيقة فإن ما يفعله السبكية بالسينما المصرية"بفلوسهم"ينطبق عليه إلى حد كبير عنوان الفيلم ومعناه بالعربية"المباراة انتهت"والفائز بالطبع هم السبكية والخاسر هي السينما المصرية لأنه على طول تاريخها الملئ بالأفلام التجارية وأفلام المقاولات لم تصل إلى هذا الحد من الانحدار والسفه والحضيض الفكري والفني كما وصلت إليه على يد السبكية.

التركيبة الفيلمية لمحمد السبكي لا تختلف كثيرا عن تركيبة أحمد السبكي باستثناء أنه يصر على تقديم ما يعرف بالكوميديا الحركية والتي تعتمد على الصفع والضرب والقفز والشقلبة والطيران في الهواء والسقوط, وهي من اصعب انواع الكوميديا لانها تحتاج إلى تنفيذ متقن من اجل الوصول إلى حالة ايهام كاملة بحقيقية ما يحدث,والسينما الأمريكية ابرع منفذة للكوميديا الحركية وهي اقدم انواع الكوميديات السينمائية لانها تعتمد على الأفية الجسدي المصور ورائدها شارلي شابلن وذلك قبل استخدام الصوت السينمائي عام 27 وظهور الافيه الكلامي المنطوق.

مشكلة الكوميديا الحركية في مصر أنها تنفذ ببدائية شديدة وركاكة منفرة فلا ترق لمستوى الأيهام الازم للأقناع وبالتالي تجلب الضحك, في افلامنا تتحول إلى استظراف وابتذال وسخرية من الجمهور ولا تليق سوى بعقول الأطفال دون العاشرة, كما انها تحتاج إلى خبرة تصوير ومونتاج كبيرة وذلك لأن الحركة يجب أن تكون محسوبة بالكادر والقطع يجب أن يكون دقيقا كي لا يكشف الخدعة او يعطل الأفيه وهو ايضا ما نفتقده كثيرا في سينما محدودة الامكانيات كسينمانا.

بقية التركيبة معروفة فكرة مقتبسة من فيلم”الحماة المتوحشة” /monsters in law لجينيفر لوبيز في الدورالذي قدمته”مي عز الدين”و”جين فوندا” التي حاولت يسرا تقليدها في دور الحماة المتسلطة التي ترفض زواج ابنها من فتاة احلامه لانها تعمل في مهنة عاملة نظافة, ومهنة عاملة النظافة هي الأخرى مقتبسة من فيلم “عاملة نظافة من مانهاتن”بطولة جينفير لوبيز ايضا وينقل الفيلم المصري مشهد استعداد عامله النظافة لمقابلة فارس احلامها, كما ينقل عدة مشاهد من افلام مصرية مثل مشهد ارسال محمد نور لجاهز الاسلكي إلى مي عز الدين كما فعل حلمي مع زينة في بليل حيران ومثل مشهد الحوار العاطفي الغير مباشر الذي يدور بين مي و نور وهو منقول من عمر وسلمى الجزء الاول من بطولة مي وإنتاج محمد السبكي الذي صار يقتبس بنفسه من نفسه.

اضف إلى التركيبة الطفل”اوشه”وهو المعادل الذكوري للمعجزة “جينا” في افلام أحمد السبكي وكما تقدم جينا دور الطفلة/المرأة يقدم اوشه دور الطفل/الرجل مع بعض التفاصيل الشعبية التي تجعل منه نموذج جيد لأفساد سلوكيات الاطفال, خاصة أنه يحب فتاة اكبر منه ويتحدث عن رغبته في الأرتباط بها وهي ايحاءات عاطفية لا تناسب ابدا هذه المرحلة العمرية حتى لو كانت في اطار هزلي.

ولا ننسى رغبة صناع التركيبة في تقديم مشاهد اقرب لفيلم”وحدي في المنزل”خاصة في المشهد الذي تذهب فيه يسرا لتطمئن على صحة خطيبة ابنها فيهجم عليها ابنا اختها لاعبا الكاراتية.

فشل السيناريو ضمن ما فشل في تأصيل دوافع الام لرفض الفتاة وكان عليه أن يكتفي بفكرة الفرق الطبقي رغم انها فكرة مستهلكة ولكن اصراره على تقليد الفيلم الاجنبي جعل الام تؤكد على انها تريد ان تعيش امومتها مع ابنها وهو مبدأ منحرف نفسيا لأن ابنها رجل مكتمل الرجولة ولو انه وضع الام في موضع التعلق الهوسي بالأبن نتيجة غياب الأب واعتبار الأبن هو الرجل في حياتها لكان اكثر موضوعيه ولكنها امور نفسية اصعب من ان يصل إليها كتاب السيناريو.

محمد نور اكبر دليل على تواضع قدرات المخرج في تحريك الممثل وتجويد ادائه لأنه ممثل ضعيف جدا وقدرات المخرج تظهر مع الممثل الضعيف وهولا يملك القدرة الصوتية على الأداء ولا الطاقة الملامحية للتعبير أو اللغة الجسدية لكنه مجرد شاب وسيم ببنية رياضية حتى عندما يغني تشعر به يؤدي ولا يُطرب, وهو اختيار سئ ولكنه جزء من تركيبة البطل/المطرب التي يحرص عليها السبكية وبينما يفضل أحمد المطرب الشعبي يفضل محمد السبكي مطرب”عاطفي”على شاكله تامر وجيله.

ولكن محمد السبكي لا يتنازل ايضا عن تقديم الاغنية”الشعبية”مستخدما تكنيك”دي جي وزة” في صياغة اغنية الفيلم الأساسية التي”تتبارز”فيها يسرا ومي بشكل منفر جدا وبكلمات سوقية واداء مهترئ وتفكك مونتاجي وتصويري كامل, حتى لا نتصور أن الفيلم يحمل اسم محسن احمد كمدير للتصوير ويكفي ان ننظر إلى مدى ظهور علامات كبر السن على وجه يسرا بسبب الأضاءة الغير فنية وزوايا التصوير التي اختارها المخرج والتي جعلتها تبدو اكبر من فاتن حمامة التي كان الحاج وحيد فريد يعرف كيف ينقص عشرات السنوات من عمرها بإضاءته المميزة.

والبدري نفسه في اضعف حالاته فمي عز الدين تعيد افهياتها الملامحية والجسدية التي اصبحت نمطية جدا وتكررت في شيكامارا وايظن وعمر وسلمى, اما يسرا فلو انها لم تقدم فيلما اخر تمحو به هذا الفيلم من ذاكرة جمهورها فسيكون اسواء نهاية لممثلة كبيرة, فابعاد الشخصية غائبة عنها تماما حيث انفعال مبالغ فيه وملامح متوحشة لا تناسب فكرة ادعاء البراءة من اجل تطفيش خطيبة الأبن وعيون حادة وحواجب مرفوعة بسبب وبدون سبب وحركة مرتبكة امام الكاميرا وافتعال واضح من اجل استجلاب الضحك رغم انها احد اهم الثنائيات الكوميدية في الثلاثين سنة الأخيرة ولديها خبرة كبيرة كان من الممكن ان ترتقي بهذه”اللعبة”الماسخة.

وبالطبع يصبح اهم مشاهد الفيلم هو ظهور محمد السبكي والذي ينتظره الجمهور بشغف ويتفنن كل مرة في اختيار موقعه وهنا يقدمه في اخر لقطة  كاسرا الايهام كعادته حيث يطلب من يسرا ان تتوقف عن مطاردة مي, وظهوره هو تأكيد لنفوذه الهائل الذي لا يعطله انتقاد او سخرية فهو المنتصر بفلوسه وتركيبته في معركة خسرت فيها السينما المصرية نفسها وتاريخها وامسخت حتى ملامحها التجارية التي تشكلت عبر اكثر من مئة عام.

 

ريفيو

سيناريو:  محمد القواشطي- مصطفى عمار

بطولة: يسرا- مي عز الدين

إخراج: احمد البدري

إنتاج : محمد السبكي

مدة الفيلم: 100 ق

ــــــــــــــــــــــــــ

*ناقد سينمائي مصري

 

مقالات من نفس القسم