ثلاثية الحكمة: النهر حين يغضب.. الفيل حين يطير.. الملك حين ينجب

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

"أراد قنفذ صغير أن يتمرد على حياته، وأن يتخلص من الأشواك التي يراها- وعدد من أصدقائه مؤذية-  فراح إلى حكيم القنافذ، وطلب منه أن يساعده في إيجاد طريقة للتخلص من الشوك".

كان هذا القنفذ أحد الحيوانات التي تتسرع وتختار أشياءً غير التي اختارتها الطبيعة. لكن حكيم القنافذ سيعلمه بحكمة كيف يحفظ غطاء الأشواك حياته.

كتب الحكاية سمير الفيل في مجموعته “القرش الضحوك” الصادرة في سلسلة دار الهلال العام الماضي. ولم يترك القنفذ وحيدًا في الحكايات، إنما جاء معه الفيل، والنعجة، والقرش والثعلب والأرانب.

البحث عن أسطورة للحيوانات هي محاولة جميلة لفهم الحياة، وأن الإنسان ليس بطل كل شيء وحده.. فهناك كائنات تتحرك حوله وتدير أمورها بشكل مثير للاهتمام. وتجربة الكتابة عن الحيوانات هي سلسلة من التجارب التاريخية التي اعتمدت على حكمة الحيوانات في كتابة الحكايات. ويأتي كتاب “القرش الضحوك”  للكاتب سمير الفيل في سياق الأعمال التي يبرز فيها الحيوان بكل إمكانياته المميزة.

نجد الحكمة كبطل حقيقي في قصص “القرش الضحوك”.. لأنه كما علم الفيل بحكمته الثعلب درسًا ليكف عن إثارة الفتن.. سنجد بقية الحكايات تقدم لنا حكمة مختلفة، حكمة البشر وحكمة الأشياء. المهم هو تحقيق الأهداف بحكمة.. فالملك الذي يتمنى أن ينجب طفلا.. سيحبسه في غرفة مغلقة يخشى عليه الهواء والناس والشمس، ويؤدي ذلك إلى ذبول صحة الرضيع..إلى أن يتدخل الحكيم، ويفتح النوافذ: “صعد الحكيم على مقعد صغير، تكسوه القطيفة الحمراء، بعد أن خلع نعليه، مد يده، وبقوة فتح شراع النافذة، فهب ريح طيب . انحنى الحكيم على الطفل يناغيه.

قال للملك: هيا حدثه. لا تقف ساكنًا كقطعة حجر صوان. سيفهمك الطفل، لا تخف” .

ثلاثية الحكمة، ربما هي عنوان حكايات الأطفال في تلك المجموعة، لأنها حكت لنا عن حكمة الحيوان، وحكمة الإنسان، وأيضًا حكمة الأشياء. فكانت حكاية حكمة النهر الذي أراد تعليم الإنسان كيف يكف عن إفساد الماء النظيف بملوثات عديدة، ورغم الفكرة التعليمية إلا أن المؤلف قدمها بسحرية، وحكى عن اجتماع الأنهار والبحيرات معًا، واصفًا كل نهر بصفاته عند حضوره: “أتى (عطبرة) كعادته متبخترًا في ثوب فضفاض، يحيط نفسه برائحة الصندل وعلى رأسه طوق هائل يأخذ شكل القلب (بحيرة تانا): أنا وصلت يا أبي.

قدم سمير الفيل للأطفال قصصا مميزة، ومن أفكار بسيطة صنع أجواءً سحرية، واستعمل عناوين جذابة وسحرية للقصص أيضاً، مثل: “سر تلك النافذة”، “حين غضب النهر”، “عودة القنفذ”، “هل رأيت الفيل يا خليل”.

خفة الظل حاضرة في الحواديت، فالحكاية صاحبة العنوان الرئيسي عن القرش الضحوك، والذي يفضل أكل الأعشاب والطحالب على أكل الأسماك. تنقذ الأسماك القرش في النهاية بقرضها للشبكة التي اصطادته.

ربما ما لا يبدو ملائمًا هو استخدام القصص لكلمات كلاسيكية وكان هناك كلمات أبسط منها وأفضل، مثل: “متبخترًا في ثوب فضفاض”، لكن يحسب للكاتب أنه يقدم المعلومة بطريقة ممتعة جدًا للطفل وسحرية، فحكاية البنت التي تنفخ في الطعام ليبرد، فيمرض أخوها بسبب ما نقلته له من تلوث. هي حكاية من أهم الحكايات في الكتاب التي تثبت قدرة المؤلف على تطويع أي معلومة جامدة في سياق سحري ومشوق وحكي ممتع للطفل، بعكس ما يفعله كثيرون آخرون من كتابة المعلومات بشكل مباشر.

 

عن الكتاب

ياسمين مجدي

المؤلف: سمير الفيل

الكتاب: القرش الضحوك

رسوم: رشا سالم

سنة النشر: فبراير 2016

 

مقالات من نفس القسم