تيمة الرعب في القصة القصيرة جدا

تيمة الرعب في القصة القصيرة جدا
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

تقديم وترجمة رشيد الأشقر   

يحتل موضوع الرعب – و لا يزال – مكانة مهمة في الآداب الغربية، إلى درجة يعتبر فيها بعض الدارسين أن تيمة الرعب هي أصل المحكيات والمسرودات في الثقافة الغربية، وذلك لما تضمّنته الأساطير والقصص الدينية والحكايات الخرافية القديمة من مادة تخييلية تقوم على الإغراب و الترهيب، وتثير في المتلقي غير قليل من مشاعر الشك والخوف والإثارة. إنّ الإنسان مذ وُجد، وهو يتوق إلى الإجابة عن أسئلة تتعلّق بهذا العالم الذي يبدو عدائيا ومرعبا، فكانت الحكاية الأسطورية والدينية والخرافية بمثابة مرآة تنعكس عليها كوابيس ورغبات اللاوعي لهذا الكائن البشري المحتار القلق باستمرار.

تقديم وترجمة رشيد الأشقر   

يحتل موضوع الرعب – و لا يزال – مكانة مهمة في الآداب الغربية، إلى درجة يعتبر فيها بعض الدارسين أن تيمة الرعب هي أصل المحكيات والمسرودات في الثقافة الغربية، وذلك لما تضمّنته الأساطير والقصص الدينية والحكايات الخرافية القديمة من مادة تخييلية تقوم على الإغراب و الترهيب، وتثير في المتلقي غير قليل من مشاعر الشك والخوف والإثارة. إنّ الإنسان مذ وُجد، وهو يتوق إلى الإجابة عن أسئلة تتعلّق بهذا العالم الذي يبدو عدائيا ومرعبا، فكانت الحكاية الأسطورية والدينية والخرافية بمثابة مرآة تنعكس عليها كوابيس ورغبات اللاوعي لهذا الكائن البشري المحتار القلق باستمرار.

وابتداء من القرن السابع عشر، أضحى موضوع الرعب نوعا أدبيا قائما بذاته، يبني عوالمه العفوية من رموز تكمن في الزوايا المعتّمة من أذهاننا، كما نراها تماما في أحلامنا. وبدعوته إلى الخوض في العوالم الفانتازية والميتافيزيقية الشديدة الغموض والتعقيد، شكّل هذا الأدب ردّة فعل معاكسة للتيار العقلاني الذي ازدهر في تلك الفترة.

واليوم، على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل، لا يزال هذا الأدب يحظى بقاعدة واسعة من المبدعين  والقراء، خاصة في البلدان الناطقة بالإنجليزية، فما يكتبه «ستيفن كينغ» و«دين كونتز» و«آن رايس» و«بيتر ستراوب» و«كليف باركر»،  يتصدّر  قائمة مبيعات الأعمال القصصية والروائية في الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية.

أمّا القصة القصيرة جدا كنوع أدبي سردي حديث الظهور والنشأة، ونظرا لطبيعتها “الطفيلية” القابلة للتهجين مع كافة أنواع الخطابات والأشكال الأدبية وغير الأدبية السابقة لها، كان من الطبيعي أن يستثمر كتاب القصّ الوجيز المعاصرون هذا القبول الجماهيري لأدب الرعب، فيجعلون من تيمات الجنّ و الأشباح و الموتى و الشياطين و السّحرة محورا للعديد من نصوصهم و مجموعاتهم القصصية.

وقد جاءت هذه  النصوص حاملة في جيناتها لكثير من الملامح والسمات التي ميّزت هذا الأدب كما رسّخه كبار كتاب هذا اللون السردي أمثال «لوفي كرافت» و «إدغار آلان بو» و«ناتانييل هاوثور» و «ستيفن كينغ». وفي مقدمّة هذه الملامح و السمات القدرة على شدّ انتباه القارئ والنفاذ به إلى باطن ذهنه وعميق رغباته. إنها نصوص ترحل بنا إلى عوالم مجهولة و فضاءات غريبة غير موجودة  في كثير من الأحيان .. سفر مرعب عبر الزمان و المكان يحفّه الشر والخطر باستمرار..  لقاء مشحون بشخصيات محيّرة تجمع بين الذكاءات الخارقة والقدرات العجيبة.. إنها نصوص تدعو إلى الحلم وتطمح إلى انتشال القارئ من حياته اليومية وجعله ينشغل قليلا عن التزاماته الروتينية. لا شكّ أنّ ضغط الحياة المعاصرة قد أفقدنا لذة الحلم؛ لذلك فأدب الرعب – و الأدب الفانتازي عموما – بما يوفره من قدرة على إيقاظ الذهن وتحفيز الخيال، يوفّر لنا هذه اللذة في الانتقال إلى عوالم أخرى حيث لا شيء يُشبه عالمنا هذا. 

هذه نماذج من عيون هذه النصوص الحكائية الوجيزة المرعبة مترجمة إلى العربية. وهي نصوص يقول عنها بعض ظرفاء النقاد إنها من الصنف الذي يطرد النوم عن الجفون، غير أنّا نعيش في زمن استطاع فيه العلم أن يجد تفسيرا لكثير من الظواهر الماورائية الغامضة؛ لذلك فنحن اليوم – ربما – لا نشعر بأي خوف و نحن نقرأ قصة أو رواية من هذا الأدب “المخيف”، لكنها نصوص تقدّم للقارئ – على الأقل – حكايات ممتعة مشوقة، و تفتح بالتالي أمام المبدع آفاقا جديدة للتخييل و الإبتكار.

o       النص الأول لـ «جيورج لورين فروست» بعنوان [ المؤمن ]:

    عندما حلول المساء، غريبان يلتقيان عند الدهاليز المظلمة لرواق معرض للوحات الفنية. يقول أحدها للآخر و قد  

       انتابته قشعريرة خفيفة:

         هذا المكان موحش شرّير. أتؤمن بالأشباح؟

         لا –  أجاب الثاني –  وأنت ؟

         أنا أومن بوجودها.

قالها الغريب الأول ثمّ اختفى ! .

o       النص الثاني لـ «لويس كارول» بعنوان [ حلم الملك ]:

        إنه الآن يحلم. تُرى بمن يحلم ؟ أتعلم بمن ؟

         لا أحد يعلم بحلم الملك.

         إنه يحلم بك أنت! أتدري ما يكون مصيرك لو كفّ عن الحلم؟

         لا ..

         سوف تنمحي؛ فأنت لست سوى طيفا من أطياف حلمه. حين يستيقظ هذا الملك، سيُطفئك كما تُطفأ الشمعة.

o       النص اللثالث للكاتب  «توماس بايلي ألدريتش» بعنوان [ وحدة ]:

      تجلس وحيدة في بيتها. تعلم أن لا أحد غيرها موجود في هذا العالم. مات كل الخلق وباقي الكائنات.. فجأة، تسمع 

       طرقا على الباب !

o       النص الرابع  لـ « أ. أيرلاند»  بعنوان [ نهاية لقاء ]:

         يا للغرابة ! – قالت الفتاة وهي تتقدّم بحذر –  ما أعسر هذا الباب!

    أثناء الكلام، دفعت الباب  ثمّ صفقته وراءها بقوّة.

         يا إلهي! – قال الرجل –  ليس للباب مزلاج داخلي. لقد وقع كلانا سجينا هنا!

         كلانا ؟ لا ! بل سجين واحد فقط.

قالتها الفتاة و هي تخترق الباب و تغيب.

– ناقد و مترجم من المغرب.

مقالات من نفس القسم