“تقنيات الكتابة” مرّة أخرى

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد عبد النبي

تناولنا في هذا الباب، قبل شهور، كتاباً بعنوان "تقنيات الكتابة الروائية"، للكاتبة نانسي كريس، وعلى مدى خمس حلقات اقتطفنا منه بعض ما رأينا فيه نفعاً ممكناً لأي كاتب سرد يسعى لتطوير أدواته، ونعود الآن مرةً أخرى لكتاب آخر صغير، ترجمه د. رعد عبد الجليل جواد، قبل سنوات، وصدرت طبعته الأولى عام 1995 عن دار الحوار في سوريا. وخلال 25 فصلاً، أو 25 مقالة قصيرة يتناول فيها أحد الكتّاب المتخصصين في الكتابة السردية بأنواعها، جانباً محدداً من جوانب عملية الكتابة السردية، في محاولة للإجابة عن أسئلة محددة خاصة بهذه المسألة أو تلك، من قبيل طرق تجاوز ما يُعرف بشلل الكتابة أو العجز عن الكتابة، أو طرق تمتين الحبكة الساخرة، والعمل على الحبكات الفرعية، وغير ذلك.

ورغم أنّ هذا الكتاب ليس في مستوى وعمق وشمول كتاب نانسي كريس حول تقنيات الكتابة الروائية، إلّا أنه يظل فرصة لا بأس بها للاطلاع على نصائح وحيل بعض الكتّاب المحترفين، ولو كانوا يميلون للطابع التجاري بوضوح، حول آليات الكتابة السردية المختلفة، بل وفي أنواع فرعية بعينها مثل القصة العاطفية الساخرة أو المقال الأدبي أو المسلسل الدرامي، ولعلّ هذا النطاق الواسع لأنواع الكتابة المختلفة يأتي من أن هذه المقالات نشرت في الأساس المجلة الأمريكية رايترز دايجست (Writer’s Digest)، حسب ما ورد في مقدمة المُترجم، تلك المجلة التي تحاكي شقيقتها الأشهر Reader’s Digest وإن كانت الشقيقة الأحدث توجّه اهتمامها للكاتب لا القارئ، بحيث توفّر له مواداً تخص عمله وتجيب عن بعض تساؤلاته الحرفية والتقنية.

وهذا هو لنك موقع هذه المجلة على الانترنت لمن يستطيع القراءة باللغة الانجليزية وسيجد عليها مواداً كثيرة جديرة بالاهتمام:

http://www.writersdigest.com/

بالعودة للكتاب، ورغم لغة ترجمته التي لا تبدو مستقيمة وصافية معظم الوقت، ففي بعض الفصول يمكن أن يجد الكاتب المبتدئ والحريص على تطوير أدواته الكثير مما يستحق التأمل والدراسة، حتى ولو بالاختلاف مع بعض المطروح من تقنيات وأساليب وحيل.

بالنسبة لي كان الفصل الأوّل بقلم مارشال جي. كوك من أكثر الفصول المفيدة، وعنوانه “كيف تُنهي دائماً ما بدأت”، ويقترح بعض الحيل للتغلب على شلل الكتابة في منتصف أحد المشاريع الكتابية، ومن بينها إدارة حوار مع شخصياتك أو التخلص من شعورك بالخوف من الفشل، وإخراس صوت الناقد الذي يجثم على كتفيك.

ويتسعرض وليم برواننج سبنسر في فصل آخر بعض الطرق التي تتيح للكاتب أن يستحوذ على انتباه قارئه، ويجعله يسلم زمامه للسرد بلا شكوى أو تململ، من قبيل مراعاة الدقة فيما يخص الحقائق والمعلومات التي يتم عرضها، وضرورة الحرص على دفع القصة إلى الأمام قدما بصورة متواصلة، والتخلّص من الحشو.

اهتم أكثر من فصل في الكتاب كذلك بمسألة شديدة المراوغة والتعقيد وهي الحبكة الرئيسية وكذلك الحبكات الفرعية، وإذا كان الكتاب السابق الذي تناولناه في نفس هذا السياق للكاتبة نانسي كريس فإن لها وحدها ستة فصول في هذا الكتاب الصغير، تتنوّع موضوعاتها ما بين الاشتغال على قوة الدوافع الخاصة بالشخصيات، والحذر عند رسم الشخصيات المستمدة من الحياة الواقعية، وأيضاً مسألة شديدة الغموض والتعقيد في الكتابة السردية هي مسألة الإيقاع ومراقبته، والذي تقول بشأنه: “إن الإيقاع ليس موضوعاً سهلاً للمناقشة. إنه معقد دقيق، مثل الهواء باعتباره الجزء الأساسي للحياة، ولكن لا يتم الحديث عنه إلا متى فسد.”

ثمّة فصول أخرى تقترب أكثر من مسائل أسلوبية أكثر دقة، مثل فصل “تجنب الأخطاء العشرة الشائعة”، لجوديس آرشر، أو فصل “الهرب من مصيدة الصيغ”، والمقصود بها بطبيعة الحال الصيغ الجاهزة أو [الكليشيهات] الأسلوبية المعلبة.

لا شك أن كلاً منا قد يجد في أحد فصول هذا الكتاب الخمس وعشرين ولو نصيحة واحدة كان بحاجةٍ إليها، أو جواباً على سؤالٍ ما قابله في أثناء عمله على مادته ونصّه. ومن الجيّد أن هذا الكتاب متوفر في صيغة بي دي إف على شبكة الانترنت، ويمكن تحميله من خلال أكثر من رابط.

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم