بلاى بوى

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

قصة : شريف الغريني

أعشق الساقطات  وأكره نفسى ، ليس هناك فى حياتى ما هو أهم من مجلة البلاى بوى ، لو علمتْ بطلات وموديلات هذا المصور أن اصدارته ستسقط فى يدى انا ملك العالم فى القبح و الدمامة  ما تفننّ فى هذا الإغواء.

أسقط بين دفتى المجلة فتتلقانى أجساد بمقاييس محسوبة بدقة ، اطارد بعينى هذا البروفيل الجانيى للنهود المحفوفة بضوء أبيض يتماهى مع شمع ذائب بين النور والجسد والعق بقلبي الخصور والأرداف الأغريقية وأنفلت واتمزق ليسكن بعضى فى الزوايا الكثيرة التى تصنعها  السيقان النائمة والواقفة والمنبطحة والمضمومة والمتقاطعة وأهيم مع طرف لسان متدل بوله من شفاه مصورة بالحجم الكبير فتبدو هوة مشتعلة أتمنى السقوط فيها دون أن أدرى هل ستطفئ أم ستزيد رغباتي اشتعالاً.

دمامتى نفّرت كل النساء وحالت بينى وبين حرارة أجسادهن  ، لم تسمح لى أية أمراة بالاقتراب فاكتفيت بالتصوير ، أصبحت أشعر بقداسة ما عندما أنظر ناحية أى امرأة  ، لا لوم عليهن فى ما يبدين لى من نفور ، عندما انظر فى المرآة أعذرهن جميعاً ، فانا لا اطيق النظر إلى وجهى فى الدقائق التى أمشط فيها شعرى .

منذ دهر وأنا أختبئ وحدي خلف أكداس الورق في أرشيف النيابة التابع لوزارة العدل ، أصادق التراب المتكاثف على الملفات والأضابير مفتخراً أنى المكتشف الأول وصاحب براءة اختراع الساعة الترابية ، عمري و الأتربة يتسابقان فى التكاثف علىّ وعلى الرفوف و انا ما أزال قابعاً  متوحداً مع الصور العارية التي أحياناً كنت الفظها ولتململ و أضيق بها لكنى أعود فى لحظات وألملم وريقاتها داعيا أن تسكن الروح أى صورة من تلك الصور الكثيرة فى المجلة ، لكنى أعود مرة اخرى ناكصا متمنياً ألا يستجاب لى ، فمن يضمن أن لو سكنت الروح الصور انها لن تنفر وتفر هاربة ، ثم لا يبقى لى من بعد ذلك شيئاً .

كنت جاث خلف مكتبى الملم صورى و وريقات مجلتي حتى وقعت عينى على أطراف أصابع أقدام  تطل فى نافذة فضية من مقدمة حذاء رقيق ..أصابع أقدام أنثى ..أنثى حقيقة ،  بدت لى بلحات حمراء رقيقة تتراص و تبرز منها أظافر كريستالية ، ارتفعت تدريجيا متكئا على المكتب حتى صرت أمامها ، كانت ترتدى بانتالون  جينز ضيق وقميص أبيض ، ينساب شعرها الكستنائى على اكتافها ، بدت لى موديل بل أجمل من كل موديل فى المجلة قالت انها تبحث عن رئيس القسم وأنها متدربة وأنها مرسلة بخطاب رسمى لتعمل فى الأرشيف شهوراً قبل إعادة تدويرها على الاقسام الأخرى .

طول مدة تواجدها كنت أتابعها وأسير معها وخلفها بعيني وانفي وحواسي المختبئة خلف قضبان الحرمان المخثر فى ورم النفس ، أسترق لمحة لأعلى صدرها المرمرى عندما تضطر للإنحناء ، ولقطة للأرداف عندما أسير وراءها ، اقترب منها مدعيا السذاجة و اصطدم بها متغافلاً لأعبق روحي برائحة جسدها وأدور حولها مثل الكلب الأعور الجرب وانا أتشمم يائساً أى شبق لديها ، أنستني رقتها دمامتي لكنى عندما تنبهتُ  وتذكرت من أنا ، تراجعتُ ثم ابتعدتُ وفى النهاية سكنتُ فى مقعدي خلف مكتبي .

لم أعد أنظر فى البلاى بوى أصبحت مهتماً فقط بإطلالة و صولها كل صباح و معها حلوى تضعها على مكتبى بصحبة وردات ؛ مرة صفراء ومرة حمراء ومرة بيضاء وهى تضحك كطفلة وترفض أن يقال عنها أنها بريئة ولا تعرف أن في هذا كل البراءة ،فى صباح من صباحات اشراقاتها ؛ أخرجتْ من حقيبتها غطاء رأسها تعصبت به وتشمرت ثم لم تنتهى إلا بعد ان نّظّمت ونظفت وأضاعت التراب تماماً ، كنت أشيعه كأنما سيأتي دورى وأنها ستلتفت إلى لتضعنى فى صندوق القمامة مع التراب لكنها انشغلت بترتيب الأوراق فى نسق جميل منمق ومرتب ، اضىء المكان و اكتسب كل شىء رونقاً و اصبح نظيفاً مشرقا مزقت البلاى بوى ووضعتها فى كيس أسود وألقيتُ بها فى القمامة ، لم أعد اختلس النظر لجسدها ، لم يعد يعنينى أى جسد ، كلما حاولت العبث معها اصطدم بضوء يحول بين نفسى النزقة وعينى المتهجمة ، هذا الضوء لم يكن سوى سنا برق روحها الشافية

 

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون