المَقبِى

المَقبِى
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
 
 
قصة : إسلام يوسف *
محاولات فاشلة لملء فراغات ربما فى تمامها أرسم صورةً مكتملة لما يكون عليه و لما هو كائنٌ فعلاً و لما سيكون عليه، ترسباتِ لقطاتٍ مستكينةٍ فى كهوف الذاكرة الملقاةِ على قارعةِ الوقتِ المنسىّ، أو الذاكرة المتزامنة مع الواقع الآنى، أو أى إحتكاكات بينى و بينه كان لابد من خلالها أن أستبين ملامحه،لكنى أبداً أصاب بالإخفاق، حتى هو إلى الآن لم يقدر على أن يتبين تشكّل وجهه فى المرآة، حاول مراراً..لكن، تقلصات وجهه المتسارعة مع الوقت و المتسابقة فى أحيان أخرى لم تترك له فرصةً لأن يكوّن عن نفسه صورةً شبه مكتملة، متاهات تأخذه بعيداً بعيداً و تترك له خياراً بين أن يخرج لطاقة الضوء فيغيب فى نفوذِ الوَهَج، أو يبقى هكذا بعيداً بعيداً، عميقاً عميقاً، فى قبوه المظلم يستكشف روحه المبتذلة بين مشاهد و صور و حروف و كلمات متعاقبة تفتته و فى الوقت ذاته تستجمع ذكرياته الباهته علّها فى يوم من الأيام أن تستنطق صورةً واضحه لما هو عليه و لما يود أن يكونَه
.........................................................................
كرّاسٌ مهترىء لكتابة يومياتٍ متكررة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية أولى لكتابة يومية أخيرة
................................
مهترىء، مهترىء، مهترئة، مهترىء، مهترئون، مهترئات....حاولت أن أحذف أصل الكلمة من قاموسى الذى أستخدمه فى كتابة يومياتى التى تأملتها مراراً لأجد قاموسها لا يحتوى إلا على كلمات محدودة و محددة، تلصُّصْ أصدقائى دائماً على يومياتى الكائنة أسفل الأريكة تجعلنى فى قمة التحفز للدفاع، ملاحظتهم الواضحة لكلمة مهترىء تبعث فى نفسى الضيق، حتى أنهم لم يعودوا ينادوننى بإسمى، و لا يطلقون علىّ غير كلمة مهترىء، و من حسن حظى أنهم يفعلون ذلك بين فترات زمنية متباعدة تتراوح بين شهرين أو ثلاث هى المدة التى أسمح لهم فيها بزيارتى ، أو على أصح تقدير عندما يأتيهم المزاج لذلك
أنا الآن مستكفٍ بنفسى، حجرةٌ شبه مظلمة فى الأسفل، مغلقةٌ علىّ دائماً، بها جهاز كومبيوتر، أرائك ملقاة باهمال ترتمى عليها كتب كثيرة لا أعطى لواحد منها الفرصة لأن يستحوذ على مزاجى فى القراءة، أمد يدى لكتاب و فى الساعة المقبلة سيكون فى يدى آخر، فى الفترة الأخيرة أصاب بالملل سريعاً، أحيانا كثيرة أرجع إلى كتاب "اللاطمأنينة" لفرناندو بيسوا أو كتاب عن سورين كيركجور، أو هكذا تكلم زراديشت لنيتشه، و فى أوقات الفراغ-إن كان هناك ما يسمّى بذلك- أشاهد أفلاماً تساعدنى على معرفة ديناميكية الممارسة الجنسية، و فى الوقت ذاته تتسحب يدى إلى قضيبى تتلمسه ثم تحتك به فى عنف، لا أنوى الآن الإنزال بسرعة، و أفكر....أشكر نفسى أنها لا يزال لديها القدرة على التفكير الفلسفى وقت الممارسة و تجميع أفكارٍ ربما لن تأتِ إلىّ فى وضعٍ آخر، عندما أجد أن حواسى كلها تشبّعَت بالفعل و فى أُفْعِمت باللذة و قليل من الإشمئزاز، و كثير من التوتر، لا تلقائياً تنساب قطرات من عينى، حاولت مراراً تأويل سقوطها على ذراعى الفاعل المتحرك للخلف و للأمام بعصبية، و أقول: ربما هو  شعور بالذنب من آثار تخلفت من الماضى أو أنها قطرات اللذة ، أو أنها تعبير عن مازوشية أجلد بها ذاتى عن وضعها المزرى و عدم تيقنها بشىء يصل إلى حافة المطلق، و أنتهى دائماً بعدم الفهم.
رعشةٌ فى الأطراف، دقاتٌ عنيفة فى القلب و حرارة منبعثة من الدماغ، عرق متفصد لا أقدر على إيقافة بالخرقة المهترئة بجانبى، شعورٌٌ مقبض يجتاحنى لحظة الإنزال، و أشعر بالألم الذى يحفر فى ذاتى على مر الزمن أخاديدَ و حفر ستمتلىء بمشاعر باهتة ترسم ملامحى أمام نفسى و أمام الآخرين، و أشعر بالخوف، ربما لأنها تتصيد من ذاكرتى صوراً قديمة لى و أنا أقف بخشوع و بتبتل أمام والدى الذى يعنفنى على كل صغيرة و كبيرة لم يستسيغها عقله أو تلائم ما إستقر عليه هواه، أحمل معى إحساسات بالذنب متكررة و متواطئة و متكالبة و متكومة طبقات فوق طبقات، تتعقبنى و تهرول نحو الزمن الذى يستخدمنى كفتيلٍ لإشعالها كل لحظة، و أبقى هكذا طويلاً، لمدة ربما تتجاوز الساعتين أو الثلاث كطفلٍ وديع أمام والده الذى يتكلم و يتكلم و يسب و بين كل دفعةٍ و أخرى يستجمع أنفاسه ليعيد الكرّة على فعلٍ لم أفعله بعد لمجرد أنه لديه اليقين بأنه كامنٌ فىّ و بأنه سيكتسب القدرة على التشكُّل فى المستقبل كقدرة من قدراتى فى إختلاق الخطيئة و تصديرها، فى الوضع الذى أُحسَد عليه ككبير الإخوة، تساءلت دائماً ربما كان على حق و أعطيته العزر و أعطيت لنفسى كثيرٌ من الضعة و المهانة كابنٍ مطيعٍ و مسالم، سيكون صورةً مطابقة للصور التالية التى ستنتجها الكاميرا الفوتوغرافيه التى منحها الله له.
ربما لذلك، لم يكن عندى القدرة لإلتقاط الصور، أو تكوين علاقات يكون من نتائجها صورٌ لا أعلم مدى صدقها، ربما لذلك أيضاً لدى القناعة أننا مستنسخون من صورةٍ واحدةٍ أمقتها لديها كل المواصفات من الصورة الأصلية..لا أنكر أننى حاولت و لكن عندما أقترب من تكوين صورة مزدوجة مع أشخاص وجدت أنى- هكذا- أحبهم ، أسارع بحرق الصورة، لأفعل صوراً أخرى سيكون مصيرها الحرق فى محرقتى التى لم أقدر إلى الآن على تفكيك أجزائها لأتمكن من تعديلها أو العدول عن قيامها بالفعل، كأنها هكذا و كأنى هكذا و كأنى أنها.
من الأفكار التى ستحاول دائماً على المراوغة و الإختفاء تتشكل الأحداث التى ستشكل كل النصوص المختلقة التى أبعثها هنا و هناك مصدرة آلامى إلى الآخرين الذين لن تعوزهم الفطنة لكشف الأسطر الخفية خلف النص محاولين تفكيكه لا إرادياً حسب مقولات دريدا أو ميشيل فوكو أو غيرهم من التفكيكيين أو كافة المذاهب السيكولوجية، لكنهم ستعوزهم الفطنة كى يتيقنوا كل التيقن أن ما أكتبه ما هو إلا صورة فوتوغرافية غاية فى الدقة لكل الإنفعالات التى تحرقنى كل لحظة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما أختلس النظر إلى هذه الصفحة من يومياته، أوقن أنه -بطريقة مفتعلة- يحاول إستلاب عطف العالم، كأن لا أحد غيره مر بما مرّ به، منتظراً أيادٍ مهدهدة و عيونٍ تطفر بالدموع و صدورٍ تأوى آلامه و أفخاذٍ تُفتح على مصراعيها لتطفىء جذوة حُرقته، لكننا أيضاً يكفينا ما فينا،و مع قدرتى على قراءة الأفكار و تكوين صورة داخلية لمجرد مشاهدتى لملامح الآخرين لم تكن لدى القدرة أبداً للإبتعاد عنه كمرفىءٍ أخير.
 
 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون