المنطقة الخضراء : الحرب في العراق لم تنتهي بل بدأت

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

يتزامن عرض فيلم المنطقة الخضراء مع مرور سبع سنوات على الغزو الأمريكي للعراق بحجة البحث عن اسلحة الدمار الشامل وتدميرها..حماية للمنقطة من الخطر الذي كان "يتهددها"على يد صدام حسين وجيشه واسلحته..ويتزامن مع شهر الأنتخابات العراقية وفوز كتلة "العراقية "التي يتزعمها اياد علاوي وبدء المفاوضات مع القوي العراقية لتشكيل "حكومة قوية" على حد تصريحاته..وربما تأتي اهمية الفيلم من انه ينتمي لتيار السينما المناهض لحرب أمريكا على العراق وهو يقف على الطرف المناقض لفيلم مثل خزانة الألم الذي فاز بالاوسكار منذ اسابيع قليلة.

يتزامن عرض فيلم المنطقة الخضراء مع مرور سبع سنوات على الغزو الأمريكي للعراق بحجة البحث عن اسلحة الدمار الشامل وتدميرها..حماية للمنقطة من الخطر الذي كان “يتهددها”على يد صدام حسين وجيشه واسلحته..ويتزامن مع شهر الأنتخابات العراقية وفوز كتلة “العراقية “التي يتزعمها اياد علاوي وبدء المفاوضات مع القوي العراقية لتشكيل “حكومة قوية” على حد تصريحاته..وربما تأتي اهمية الفيلم من انه ينتمي لتيار السينما المناهض لحرب أمريكا على العراق وهو يقف على الطرف المناقض لفيلم مثل خزانة الألم الذي فاز بالاوسكار منذ اسابيع قليلة.

 تبدا احداث الفيلم بعد دخول القوات الامريكية إلى بغداد عام 2003 وبدء عمليات البحث عن اسحلة الدمار الشامل..التي كانت السبب المعلن وراء غزو العراق واسقاط نظام البعث وحكومة صدام..حيث يتولى الضابط الشاب مير/ مات ديمون قيادة أحد فرق التمشيط والبحث وحيث العالم كله ينتظر من القوات الأمريكية أن تعلن عن عثورها على تلك الأسلحة..حتى يتم تبرير الحرب الوحشية التي قتل فيها مليون عراقي..لكن القائد مير الذي جاء من أمريكا مصدقا لفكرة اسلحة الدمار الشامل..ومؤمنا انه بإسقاطه لنظام صدام وتفتيش العراق يساعد على حماية ارواح الأبرياء في العراق والمنطقة العربية باكملها..يكتشف تدريجيا ان كل المواقع التي يتم تمشيطها والأبلاغ عنها على اعتبار انها مصانع للأسلحة الكيماوية..ما هي إلا اماكن مهجورة او مصانع مدنية عادية!ومن هنا يبدأ في التساؤل والأعتراض على ما يحدث..ويتزامن هذا الأعتراض مع تعرفه على ضابط كبير في المخابرات الأمريكية يبلغه أن اغلب تلك المواقع المزيفة تم الأبلاغ عنها من قبل مصدر سري للقوات الأمريكية اسمه الحركي ماجلان..بينما تقوده الصدفة إلى اقتحام اجتماع لمجموعة من قيادات حزب البعث قبل حله ومطاردته لواحد من جنرالات جيش صدام يدعى محمد الراوي .

تتطور علاقة القائد مير بضابط المخابرات الأمريكية..وفي نفس الوقت يصاحبه في عملية البحث عن محمد الراوي شاب عراقي اعرج فقد ساقه في الحرب العراقية الايرانية هو فريد الذي يقول للقائد مير عندما يتعرف عليه نادني فريدي ..وهذا الفريدي يقدمه الفيلم على انه نموذج للشباب العراقي الذي شعر بالتحرر بعد سقوط حكم صدام البعثي..لكن فرحته لا تكتمل نتيجة الاحتلال الامريكي..ولكنه يتعاون مع الامريكان بغرض الوصول إلى ديموقراطية حقيقية في البلاد..لكنه يعاني طوال الوقت من سوء معاملة الأمريكان له..لكن القائد مير يستعين به كمترجم خصوصا انه كان المصدر الرئيسي وراء اكتشاف مكان محمد الراوي واجتماع قيادات البعث..هذه الشخصية تتحول ضمن الخطاب السياسي للفيلم إلى شخصية مهمة جدا خصوصا عندما ننظر إلى الشخصيات العراقية الأخرى في الدراما..فهناك الجنرال محمد الراوي نموذج القيادة البعثية والعسكرية في حكومة صدام..وهناك أحمد زبيدي وهو نموذج السياسيين العراقيين الذين كانوا منفيين وقت حكم صدام واعادهم الامريكان لكي يتولوا الحكم او كما يقول الفيلم كي يكونوا دمية في يد الأمريكان..حتى ان اول تصريح لزبيدي عندما يهبط من الطائرة في مطار صدام الدولي يقول ان القوات الأمريكية سوف تظل في العراق طالما هناك حاجة لها..ومن هنا تأتي أهمية هذا الفيلم لانه يتعرض إلى ثلاثة نماذج عراقية واقعية وحقيقية على عكس الافلام المؤيدة للاحتلال الامريكي والتي تظهر العراقيين والمقاومة على انهم اما ارهابيين أو متخلفين .

صاغ المخرج بول جرين جراس الشخصية البصرية للفيلم من خلال نفس التكنيك المستخدم في أغلب الأفلام التي تناولت الغزو الأمريكي او الوضع في العراق..حيث استخدم نظام الكاميرا المحمولة التي تشبه زواياها ولقطاتها زوايا ولقطات المراسلين العسكريين في الحرب..خاصة أن الكاميرا المحمولة والكادر غير المستقر يعطي انطباع بعدم استقرار الأرض تحت اقدام الشخصيات..وهو ايحاء بصري عن الأوضاع غير المستقرة في العراق..ولكن بحكم كونه مخرج متمرس في افلام الأكشن حيث قدم من قبل سلسلة افلام بورن مع نفس البطل مات ديمون فلديه القدرة الأيقاعية على حبس الانفاس وتقديم مطاردات ومعارك لاهثة وشيقة..اكسبت الفيلم طابع اثارة ناضج رغم نمطية تكنيك التصوير..كذلك استطاع أن ينقل لنا وبشكل مباشر جدا من خلال المعلومات الحوارية بين الشخصيات وجهة نظر الفيلم حول حقيقة الغزو..ولكن بمشاهد شابتها الخطابية ومن خلال اقتباس اسلوب الشرح الصحفي جعلنا نقرأ التقارير والأخبار مباشرة من على شاشة الكومبيوتر..ربما لأن سيناريو الفيلم مأخوذ عن كتاب صحفي حول حقيقة اسباب الغزو وانهيار شائعة اسلحة الدمار الشامل.

لا يمكن مشاهدة هذا الفيلم دون التوقف أمام الخطاب السياسي الذي يبثه خلال احداثه..وهو في مجمله خطاب مناهض للحرب الأمريكية على العراق..فالمسئول الامريكي المقرب من البيت الأبيض والذي يكتشف القائد مير انه وراء المعلومات المضللة لمواقع اسلحة الدمار الشامل نكتشف أنه ايضا على علاقة بالجنرال محمد الراوي..الذي يمثل القيادات البعثية التي تعاونت مع القوات الأمريكية قبل الغزو على امل اسقاط نظام صدام..ثم تخلت عنها حكومة الاحتلال الامريكية..واعتبرتهم خارجين على القانون ورفضت التعامل معهم بل وقامت بتسريح الجيش العراقي مما ذاد من مساحة الفوضى في العراق..وفي جملة سينمائية بليغة يقول الجنرال الراوي ان الحرب لم تنتهي بدخول القوات الأمريكية لبغداد بل بدأت..وتقترن تلك الجملة بمشهد معركة بين فصائل المقاومة التي تحاول حماية الراوي وبين الطائرات الأمريكية في لقطة معبرة عن اشتعال الوضع في العراق..ولكن اخطر مشاهد الفيلم في رأيي ان يقوم الشاب العراقي فريدي بقتل الجنرال الراوي الذي كان ينوي أن يعلن عن صفقة التعاون بين بعض القيادات البعثية وبين الأمريكان والأعلان عن عدم وجود أي برنامج لاسلحة الدمار الشامل..وهي المعلومة التي وضعت أمريكا في وضع محرج جدا..ولكن مقتل الراوي على يد الشاب العراقي الذي يرفض ان يكون لجنرالات صدام اي وجود في السلطة هو وجهة نظر سياسية خطيرة وخبيثة..خصوصا لو اقترنت بمشهد مهم وهو فشل القوى السياسية في العراق أن تجتمع على موقف سياسي موحد وهو مشهد بليغ وحقيقي يعبر عن الفوضى التي حدثت في العراق بعد الحرب ..ويلقي بأسئلة كثيرة تاركا اجابتها للمشاهد !فماذا يريد ان يقول السيناريو من وراء مقتل الراوي على يد شاب عراقي رافض لعودة حكم البعث؟ وفي نفس الوقت فشل القوى السياسية في العراق على اتخاذ موقف واحد؟ صحيح انه حمل الأمريكان مسؤلية الفوضى التي حدثت في العراق لكنه ترك المشاهد ليخرج من الفيلم إلى صفحات الجرائد وشاشات الاخبار ليتابع الوضع في العراق.. ويحاول أن يجب على بعض الأسئلة التي طرحها عليه الفيلم بذكاء سينمائي مركز

ــــــــــــــــــــــــــــــ

*ناقد سينمائي مصري

مقالات من نفس القسم