المتورط

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

شعر: صالح احمد*

[ 1 ]

لم نكنْ في البدء إلا

شهوة ً تنغرُ في صدر آبائنا،

رهجاً غامضاَ لدى الأمهاتِ

يمنـِّيهنَّ في دميةٍ ..

يتسلينَ بها في وحشةٍ مطبقة.

( كل شئٍ كان معداً تماماً

لكي يدخلَ الجحشان ِ

في شـَرَكٍ أحكمه الـلهُ

ويأتوا بجحشٍ جديد )

*****

من زبد ٍ ناضر ٍ

، كان يطفو على غليان ٍ

جرَّبا ناره في شبابهما الفقير،

شكـّلا مقعدا في الخيالْ

رأياني على متـنه فارهاً.

وقفا عند مفترق ٍ

ثم ما لبثا يـُخفيانِ بجسميهما

كلَّ درب قريب ..

يصير صحابي الصغارُ إليهِ

أشارا نحو رابية ٍ

خلف البنايات ِ

قالا : هـنـاك .

 

الصحابْ

، بعدما استبقت أقدامنا بشوارعنا

في الطريق إلى كرة ٍ

أسرعتْ للأمام ،

أخذوا يكبرونَ

فيمتزجون بلون الترابِ

هياكلهم تتماهى بجغرافيا المدينة

تأخذ راحاتهم نفس انحناء المقابض

ربما

لا أستطيع أميّزهم

عن جدارٍ بناصية الشارع يستندون إليه .

 

وأنا أصعدُ في مرتقى ً..

يتغشاه الضباب

ألفُ هاجسةٍ تسبقُ الخطوة الصاعدة

لغط ٌ يتناسلُ دوني

بينما نظرتي للمنتهى..

ترجعُ مغبرّة ً بالدخان.

( اللاعب المتورط في وَسَطِ الحلبة

يعلو إليه الهتافُ الحماسيّ

يجعل الموتَ أسهلَ من لحظة الانتصار! )

 

فجأة ً يـُنزل الوالدان اليدين ِ

وقد سئما البطء في منتصف اللعبة.

اصطبغا قدراً يدعي الحكمة

وبوجهين استعيرا من معبدٍ

نطقا :

” يا فتى دونك والعالم “

 

واقف ٌ

من كاميرا فوق رأسي أراني لأول مرة ،

أتحسّـس نفسي مثل لافتةٍ في المكان الخطأ ،

مثقلاً بملامح وجهي ..

أرزح تحت القسَمَات .

أستغرب ظلي الذي لم أحددْ شكلَه أبداً

عالق ٌ ..

فوق أرضٍ تجللني بالغرابة

تحت سفحٍ زائغٍ لا يبـيـن .

 

ألقِي من النافذة

علباً جاهزة علموني أنها تحصر العالم

ثمّ منفرداً

أمضي إلى الطرقات ِ

أدور على كل شئ ٍ

مثل بدائيّ يدور على شجر ٍ؛

أمنح الأشياء أسماءً جديدة .

 

يجذب اليومً ليلة

تجذب الليلة ُ يوما

وما زال ظهريَ مرتـَهَنا

             ببناءٍ مائلٍ

لم أضعْ فيه من حجرٍ قط . !

 

فبراير 2006

 

 

[ 2 ]

 

كلَّ مرة أملأ استمارة بيانات

اكتشف أني لا أكتب اسمي على نحوٍ أوتوماتيكي ، مثلما يفعل أيّ شخص

وأنه ، بعد كل هذه السنين من ملازمتي إياه ،

يثير دهشتي واستنكاري.

 

أتذكر ُ ..

في أول العام الدراسيّ غالباً

عندما كان الأستاذ يأمرنا

أن يقول كلُّ طالب اسمَه في الكشف

أدخل في طقسِ من يسأله اللـهُ ..

عن ذنبٍ قد نسـيَه تماما

وأفزع من وضعية العادي في حفلةٍ تنكرية

أنضغط ُ

إلى عينين ترقبان الدور الذي يتقدم نحوي

وعقلٍ يردد اسمي مرة ً بعد أخرى

حتى إذا أدركني

نطـقتـُه بانضباط إنسانٍ آلي

وجلستُ متواطئاً مع “الباركود” الملفـَّق ، والمجمع عليه !

 

طبعاً سيبدو الأمرُ

كما لو أنَّ لديّ بديلاً ناجعاً للتعريف بنفسي

أو أنني أنـشئُ هوّيتي بيدي !.

 

اسمي الأول

لم أختره ولو حتى من بين أقواس

وطولَ الوقت أحس أنني مقيد ٌ

مع مانيكان في كلبش واحد.

أحيانا .. أشفـق عليه ؛

فأنا نازلٌ به إلى الحضيض

وفي أوقات النرجسية المفرطة ،

أقول إنه حتما مستفيدٌ من ورطته ؛

فإنّ وضعَ نفسي في معصرةٍ كهذه ،

جالبٌ إليه مجداً

لم يكن ليحصلَ عليه مع غيري

غيرَ أننا ، في كل الأحوال ،

                      لسنا شيـئـاً واحدا .

 

والأسماء الثلاثة التي تأتي بعد

اثنان لم أرَهما قط ،

ولا يظهر لهما وسط الأقارب أيُّ خبر.

وعليه يجوز أن يـُستبدَلا بأىّ اسمٍ في العالم

ويمكن التعويض عنهما

بمتغيريـن “X” و “Y” .

المحبط ُ

انهما يماثلان الكونتيـنر “Container

(كل من يعيش قريبا من ميناء

يعرف وحدة نقل البضائع هذه ،

يسميها العمال “كونتر” )

إنه ثقيل جداً وهو فارغ !

 

أما الاسم الذي أعرفه جيداً

فمستحيلٌ بخصوصه أمران :

أن أكون صادقا كما أبغي

وأن أكتب عنه في ظروفي الراهنة

 

إذن أنا أسير في “محطة مصر” ،

ساعة الذروة

مكومة ٌ على كتفي ثلاثُ لوحاتٍ

لإعلانات ممحوّة

ولست أعلم سببا لحملي إياها .

 

وعلى غرار ما يحدث في المأساة

حيث لا تنحلُّ خيوطُ الحدث ، بعد ذروتها ،

وإنما يـُدفـَع بها إلى نهاية مؤسفة..

تضفي جواً أسطورياً على

                         خلـلٍ كامنٍ في الوجود

فإنّ كل هذا الخـَبـَل ،

يجرّ وراءه

            – في صلفٍ تراجيديّ –

لقبَ عائلة ٍ مكوناً من مقطعيـن !

مارس 2007

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر مصري

 [email protected]

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني