السينما المصرية وحقوق الإنسان السياسية «2»

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 1
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

صفاء النجار

اعتمدت السينما المصرية على اللجوء إلى الماضى القريب أى ما قبل ثورة يوليو أو الحكايات الشعبية للتعبير عن قضايا حقوق الإنسان السياسية

أدركت الحكومات المتعاقبة فى مصر قبل ثورة ١٩٥٢، بما فيها الحكومات الوطنية، حكومة الوفد، قوة تأثير السينما على الجماهير، فعملت على تقييد حرية السينما، بدلًا من الاستفادة منها كأداة للعمل الثورى، أو لنشر ثقافة حقوق الإنسان، بما فيها حق تقرير المصير الذى كانت تطالب به.

لم يكن «استوديو مصر» هو الجهة الإنتاجية الوحيدة التى قدمت أفلامًا تتناول حقوق الإنسان المصرى، ففى عام ١٩٤٣ قدمت شركة مصر الحديثة «حسين صدقى» فيلم «العامل» إخراج «أحمد كامل مرسى»، الذى يصور استغلال الرأسماليين أصحاب المصانع للعمال لديهم، وعدم تعويضهم عند حدوث إصابة لهم أثناء العمل، بل وفصلهم من العمل دون تعويض، ويطرح الفيلم فكرة الإضراب كوسيلة للضغط على المستغلين، بل ويجعل الفيلم العمال ينجحون فى الاستيلاء على مصنع الرأسمالى ويديرونه ذاتيًا.

وقد صدر فى أعقاب نجاح الفيلم قانونًا يقضى بإلزام صاحب العمل بتعويض العامل عن الإصابة بسبب العمل.

وبعد الحرب العالمية الثانية، استمر نمو السينما المصرية، فتضاعف عدد الأفلام المصرية من ١٦ فيلمًا عام ١٩٤٤، إلى ٦٧ فيلمًا عام ١٩٤٦، وقد بلغ عدد دور العرض فى مصر فى تلك الفترة ٢٤٨ دارًا.

وتضاعف إنتاج الأفلام وزيادة عدد دور العرض ما يدل على أن السينما المصرية توافر لها عدد من العوامل المواتية لكى تكون صناعة، وهذه العوامل هى: «بنية تحتية صناعية عامة، وجمهور عريض من المشاهدين الحضريين لديه ما ينفقه على التسلية، ونظام توزيع منظم للأفلام، ورأسمال سهل المنال لاستثماره فى التيسيرات اللازمة للعملية ككل».

لكن هذه المقومات لم تجعل السينما المصرية تلعب دورًا مؤثرًا فى الدعوة إلى حقوق الإنسان، وكانت الأفلام التى تناولت قضايا حقوق الإنسان قليلة جدًا مقارنة بحجم الإنتاج السنوى أو الإنتاج الكلى فى هذه الفترة، ويعود تفسير هذا إلى بدايات السينما العربية، حيث «نجد فيها محاولات لتناول قصص من واقع ومعاناة الإنسان العربى فى مجتمعه، ولكن تلك البدايات تحولت بعد ذلك- وفى مصر خاصة- أيام الاستعمار البريطانى، وفى فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها، وعلى يد عدد من المنتجين التجار، إلى سلعة تجارية جديدة، فتحولت القصص الجادة التى كان يختارها بعض المخرجين الجريئين والمخلصين إلى نوع من الرقص المثير المتهافت، فى مشاهد أقرب ما تكون إلى الأوبريتات المبتسرة التى تُدس فى الفيلم بمناسبة وبغير مناسبة، وتحقق للمجتمع نوعًا من التسلية والانشغال عن هموم الواقع، ومنها مآسى الحرب والاحتلال ووجود الاستعمار، والأزمات الاقتصادية.. إلى آخر هذه القضايا التى كانت تنخر فى عظام الناس والمجتمع والوطن».

وقد ارتبط إنتاج هذه الأفلام بوعى مخرجيها واهتماماتهم.. أمثال كمال سليم، الذى أخرج فيلم «العزيمة» ١٩٣٦، وكامل التلمسانى، الذى قدّم فيلمه «السوق السوداء» عام ١٩٤٥.

عندما قامت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ كانت السينما المصرية مزدهرة، فقد شهد الفيلم المصرى نشاطًا ورواجًا متزايدًا منذ سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ارتفع متوسط عدد الأفلام كل سنة إلى ٦٠ فيلمًا، كما وصل عدد دور العرض إلى ٣٥٤ عام ١٩٥٤.

وخلال الخمسينيات اتسمت معالجة السينما لقضايا حقوق الإنسان السياسية بعدة سمات:

– كانت قضية حق الشعوب فى تقرير المصير هى القضية الأولى التى عالجتها السينما المصرية فى هذه الفترة.

– اعتمدت السينما المصرية على اللجوء إلى الماضى القريب، أى ما قبل ثورة يوليو، أو الحكايات الشعبية للتعبير عن قضايا حقوق الإنسان السياسية، مثل التعذيب، الاعتقال، ولم تقترب من الانتهاكات السياسية التى كانت تحدث فى الخمسينيات.

– قامت السينما بإنتاج أفلام تؤيد النظام، مثل: «بورسعيد، سجن أبوزعبل»، وغيّرت فى وقائع بعض الأفلام مواءمةً للتغيرات السياسية التى حدثت بعد إنتاج الفيلم وقبل عرضه جماهيريًا، مثل فيلم «الله معنا»، حيث تم حذف دور الرئيس محمد نجيب بعد التخلص منه.

مقالات من نفس القسم