السينما المصرية وحقوق الإنسان السياسية «4»

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 17
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

صفاء النجار

مع أوائل السبعينيات بدأت سينما جديدة فى مصر غير السينما السائدة، وصفها الناقد على أبوشادى بأنها «سينما هامشية تحاول أن تكون جادة، وأن تقدم فنًا يحترم عقل المشاهد، ويسعى إلى إمتاعه فنيًا، ويدعو إلى القيم النبيلة».
عالجت أفلام السبعينيات العديد من قضايا حقوق الإنسان السياسية، وهى:
١- حق تقرير المصير.
٢- الاعتقال والحجز التعسفى.
٣- التعذيب، والتعذيب حتى الموت، والمعاملة القاسية واللا إنسانية، الحاطة بالكرامة.
٤- التدخل التعسفى فى حياة الفرد الخاصة، وفى شئون أسرته، وفى مسكنه، وفى مراسلاته، وتعريضه لحملات تمس شرفه وسمعته.
وتم ذلك من خلال أفلام: «الأرض» إخراج يوسف شاهين «١٩٧٠»، «العصفور» إخراج يوسف شاهين «١٩٧٢»، «الشوارع الخلفية» إخراج كمال عطية «١٩٧٤»، «الظلال على الجانب الآخر» إخراج غالب شعث «١٩٧٥»، «زائر الفجر» إخراج ممدوح شكرى «١٩٧٥»، «الكرنك» إخراج على بدرخان «١٩٧٥».
وأيضًا: «عودة الابن الضال» إخراج يوسف شاهين «١٩٧٦»، «شفيقة ومتولى» إخراج على بدرخان «١٩٧٨»، «أسياد وعبيد» إخراج على رضا «١٩٧٨»، «وراء الشمس» إخراج محمد راضى «١٩٧٨»، «إحنا بتوع الأتوبيس» إخراج حسين كمال «١٩٧٩».
اتسمت تلك الأفلام بعدة سمات:
١- إنها قدمت تفاصيل انتهاك حقوق الإنسان التى حدثت فى المعتقلات أثناء فترة حكم عبدالناصر، وإن كثيرين ممن وقعت عليهم الانتهاكات كانوا مواطنين عاديين لا ينتمون لأى تنظيمات.
٢- تجاهلت ما حدث من انتهاكات لجماعات الإخوان أو الشيوعيين، التى وصلت إلى حد الموت تعذيبًا.
٣- قدمت تفاصيل التعذيب فى المعتقلات من الضرب والصفع والتعذيب حتى الاغتصاب والانتهاك الجسدى.
٤- أظهرت أفلام السبعينيات، لأول مرة، الآثار المترتبة على انتهاك حقوق الإنسان على المدى البعيد، والآثار النفسية المدمرة لهذه الانتهاكات.
٥- أظهرت جزاء بعض منتهكى حقوق الإنسان.

مع بداية فترة الثمانينيات ظهرت مجموعة جديدة من المخرجين الشباب الذين استطاعوا أن يتغلبوا على التقاليد الإنتاجية السائدة، وأن يصنعوا سينما جادة، وأطلق عليهم تيار الواقعية الجديدة، أو جيل الثمانينيات، من هذا الجيل المخرجون عاطف الطيب، ورأفت الميهى، ومحمد خان، وخيرى بشارة، وداوود عبدالسيد، وغيرهم.
وعلى المستوى السياسى، شهد عقد الثمانينيات، وأوائل التسعينيات، نشاطًا مكثفًا لجماعات الإسلام السياسى، أو الجماعات الأصولية، أو الجماعات الدينية المتطرفة.قضايا حقوق الإنسان السياسية التى تناولتها أفلام الثمانينيات هى: حق تقرير المصير، الاضطهاد والاستبداد، عدم المعاملة معاملة إنسانية، الاعتقال، حرية التعبير عن الرأى.. وهذه الأفلام هى: «الزمار» إخراج عاطف الطيب «١٩٨٤»، «الوداع يا بونابرت» إخراج يوسف شاهين «١٩٨٥»، «البداية» إخراج صلاح أبوسيف «١٩٨٦»، «البرىء» إخراج عاطف الطيب «١٩٨٦»، «زوجة رجل مهم» إخراج محمد خان «١٩٨٨»، «الأراجوز» تأليف عصام الشماع، إخراج هانى لاشين «١٩٨٩». كما شهدت نهاية الثمانينيات معالجة السينما قضية الإرهاب، وما تتضمنه من حقوق سياسية، تشمل الحق فى التعبير عن الرأى، الحق فى الحياة، الاعتقال والتعذيب، وغيرها من القضايا: «الإرهاب» إخراج نادر جلال «١٩٨٩». ومع ذلك فوسط هذه الأفلام، فى الثمانينيات، وفى منتصف الثمانينيات، وبالتحديد مع بداية عام ١٩٨٤، ارتفع عدد الأفلام المعروضة بشكل مفاجئ إلى ٦٣ فيلمًا، فيما يشكل بداية موجة أفلام المقاولات، وهى عبارة عن أفلام كانت تُعَدّ بميزانيات ضئيلة ومستوى فنى ردىء لتعبئة شرائط فيديو وتصديرها إلى دول الخليج، حيث بلغ عدد الأفلام فى عام ١٩٨٥ نحو ٩٥ فيلمًا، ويمثل هذا الرقم ذروة الخط البيانى لتزايد سينما المقاولات. وقد أدى اعتماد الأفلام المصرية على أسواق دول الخليج والسعودية، فى الثمانينيات، ثم على القنوات الفضائية لهذه الدول، فى التسعينيات، إلى بروز محرمات وممنوعات كانت الأفلام المصرية قد تخلصت منها تمامًا منذ الخمسينيات وحتى السبعينيات، سواء فى الأفلام السائدة أو الأفلام الفنية، ووصل الأمر مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين إلى طغيان ما يسمى «أفلام الأسرة»، التى تفترض أن جمهور السينما من الأطفال فقط، وساعد على وجود هذه الأفلام انتشار التطرف الدينى، الإسلامى والمسيحى، فى آنٍ واحد.
يتبع..

مقالات من نفس القسم