السبحة.. ماذا إن استيقظت الأصابع و نام القلب؟

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سبحتي.. هي عصاي أتوكأ عليها، وأهش بها غفوتي.

و السبحة هي سند السائرين، يقول الحسن البصري" إني احب أن أذكر الله بقلبي ويدي ولساني" . ويصفها الجنيدي عندما استفسر أحدهم عنها  فقال : " طريق وصلت به إلى ربي لا أفارقه"، و كان لأحد الصالحين مسبحة تدور حباتها من تلقاء ذاتها إن انشغل عن التسبيح بأمر من أمور الدنيا فتذكره  سبحته بالباقيات الصالحات فيعود مستغفرا للذكر.

وقد عرف الإنسان السبحة منذ الحضارات القديمة ، فهي تطور  طبيعي من فكرة القلادة. و إن كان يصعب التحديد بدقة متى تحول استخدام القلادة كسبحة للأغراض الدينية، إلا أن الأرجح أن فكرة السبحة بدأت في بلاد الرافدين من ثم انتقلت إلى بقية الحضارات الأخرى كالفرعونية والهندية والفارسية وغير ذلك من الحضارات

 وظلت السبحة مظهرا من مظاهر كل الأديان واستطاعت أن تسبح مع تيار الزمن فلم تندثر،  ولم ينكرها أصحاب دين على أصحاب دين آخر. بل كان لها حرمة وقداسة حتى في جاهلية العرب،

يروي “قتادة”: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من السمر قلادة فلا يتعرض له أحد بسوء .

وإن اتفق الجميع على رمزية  السبحة إلا أن عدد حباتها تختلف من دين لآخر.. تتكون السبحة عند المسلمين من تسعة وتسعين حبة مع فاصلتين صغيرتين حيث يكون بين كل فاصل ثلاثة وثلاثون حبة وشاهد أو من ثلاثة وثلاثون حبة مع  فاصلتين حيث يكون بين كل فاصل أحد عشرة حبة وشاهد. و تأتي سبحة المسيحين بثلاثة وثلاثين عقدة أو خرزة دلالة على عمر السيد المسيح حين صعد إلى السماء، وهناك السبحة الوردية التي تحوي على خمسين عقدة.

وسبحة البوذيين مؤلفة من 108 خرزه، أما الهندوس فيستخدموها بهيئات وأشكال معينة توافق صلواتهم، وخرزاتها من البذور، أو قطع العظام الصغيرة.

و من المهم في المسابح أن تكون حباتها ذات حجم مناسب يسهل معه تحريكها بأصابع اليد.،

وقد تختلف مادة صناعة السبحة فتصنع من تربة المجففة وتلون بألوان مختلفة منها الأسود أو الأزرق أو اللون البني الترابي أو تصنع على شكل حبيبات خزفية،  ويصنع بعضها من الأحجار الكريمة مثل  الياقوت، المرجان ، اللؤلؤ، أو من الذهب والفضة والعاج ، كما قد تصنع من المواد البلاستيكية الرخيصة، وتصنع أحيانا من الحبال كتلك التي يحيكها  بعض الرهبان والراهبات وهي  في كل الأحوال  طريق هداية .. وحتى رؤيتها في الحلم هو خير فالسبحة في المنام هي امرأة صالحة، أو معيشة حلال، أو عساكر نافعة لمن ملكها أو سبح بها.

 و لأَن السبحة   آلة الذكر فهي أداة للتسبيح ويأتي اسمها من الفعل سبح أي نزه الله عن كل نقص  وسؤ  فلها بذلك قدر عظيم ، لذا يقوم الكثيرون  وخاصة المتصوفون بارتدائها في العنق تعظيما لها ، وحكي عن الشعراني أنه قال: ” لقد وقعت رجلي مرة على السبحة فكدت أهلك من ذلك إكراماً لها.”

وقد أحضرت لي صديقة سبحة الكترونية على هيئة خاتم وبه زر للضغط عليه ، وعداد يحسب عدد التسبيحات .. لكنني لم أحبه وقد تاه منى لعدم ملائمته نفسيا لي، و الحقيقة أنني أحن إلى السبحة وأستند عليها و لا يعنينى  أن أعرف أو أسجل كم سبحت ، يمنعني الحياء أن أحصى على الله تسبيحاتي وما أقلها فيحصي على  ما اجترحت من ذنوب وما أكثرها وأعظمها. ورغم أن البعض قد يحمل السبحة  وما له  في التسبيح من شيء ، إلا أن المرء لا يستطيع أن يتأكد في أي لحظة قد تتنزل الرحمات ويقبل الرب ، فأين مني بسبحة  تأبى أن تدور حباتها  إن تحركت الأصابع  وغفل القلب

 

 

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار