البيات الشتوي

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد زحام

كانوا يشربون القهوة ويتغنون بأغاني فيروز بعدما فرغوا من زجاجات البيرة وأغاني الشيخ إمام، واتخذ كل واحد منهم مكانا داخل الغرفة لبياته الشتوي.

أمسك بيدي ووقف، ونادى عليهم:

- هل أحد منكم معه سيجارة؟

علب السجائر الفارغة لم تسلم من يده بحثا عن بقايا سيجارة تختبئ .

- سأذهب إلى البيت؟

- في هذا الوقت؟

- أبي ليس في البيت، أبي في ألمانيا، يمكنك أن تأتي معي، سأوفر لك سريرا تنام عليه .

بين بيت إلهامي وبيته شارع المساحة بطوله، وشارع التحرير، كان الهواء باردا، فأوقعنا في حيرة هل نكمل الطريق أم نعود إدراجنا إلى بيت إلهامي، فلفح الهواء وجوهنا فأطاح بعقلينا من كثرة ما شربنا .

تساقط علينا الظلام على دفقتين، الأولى اختفاء القمر من السماء، والثانية إطفاء أنوار مصابيح الشارع، فتحسست أقدامنا تحتنا الشارع علها تجد لها موضعا .

أمسكت به فمشينا متلاصقين، لا يغادر أحدنا الآخر .

قال:

- أنا أحبك

قلت وأنا أعرف أن عقله قد ذهب .

- وأنا

قال :

- أتعرف لماذا؟

- لماذا؟

- لماذا؟

قلت:

- لأنك صاحبي

قال:

- أنا أحبك لأنك طيب، أتعرف عندما تأتي إلى بيتي سأدخلك غرفتي وأعرفك على مكتبتي السرية، فأنا أحتفظ بكتبي فيها، لا أحد يعرف مكانها سوى أمي، في هذه المكتبة أحتفظ بكل كنب لينين .

- ولماذا تحيطها بكل هذه السرية؟

- لأن أبي لا يحب لينين، وكم من مرة ألقى به من الشرفة فوق رؤوس المارة .

أحاط ساعدي بكامل يده.

- أتعرف كنت أشتري من المقلاة القريبة من بيتنا تسالي فوجدت أن القراطيس من كتاب "ما العمل"؟

قلت مازحا:

- جميل ما فعله والدك لقد قدم لك وللينين خدمة جليلة، سيقرأ شارعكم ما تيسر من لينين .

قال وكان على عهده من الجدة:

- أبي دائما يرتكب في حقي جرائم صغيرة .

اقتربنا من البيت، بيت قصير من أربعة أدوار وسط بيوت تطال السحاب، أردت أن أنصرف ويعتلي درجات السلم وحده، لكني خفت أن يقع خاصة بعد أن لعبت البيرة برأسه .

أمسك يدي بحرص خشية أن يقع، أقسم بالله العظيم الذي لا يعرفه أن أصحبه وأنام عندهم، وكأن لسان حاله يقول "ألا تريد أن ترى ما تهواه"، فأعددت نفسي أن أكون متماسكا عندما تفتح الباب، ستدخل البهجة إلى قلبي.

دق الباب دقاته المعتادة، ففتحت الباب، وقالت:

- جئت

ونظرت إلي، وقالت:

- شكرا يا بني .

وأغلقت الباب في وجهي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

قاص وكاتب أطفال – مصر

ــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون