الباب الموارب

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد العنيزي *

( 1 )

في ضوء الصباح تفتح العجوز ذات الوجه المتغضن باب بيتها وتواربه .. تجلس في السقيفة المقابلة للباب الموارب .. يعلو صوت المارة في الخارج.. ينهش الحزن من قلبها .. وتقول لنفسها:

ــ  عيني تطرف اليوم .. ربما سيأتي أحد الأولاد لزيارتي

تعلو ضحكات الأطفال في الشارع .. تصدر العجوز آهة خفيفة .. وتقول لنفسها  :

ــ  الأولاد مشغولون دائماً .. يوسف عائلته كبرت .. وأشرف يعمل طوال النهار .. وعلي مغلوب على أمره .. الله يسامح بنات الحلال

في المطبخ الصغير تعجن العجوز الدقيق .. صوت المذياع في الصالة يردد ( يابيت العيلة ياعالي يا امظلل بالحب .. يااللي فيك اجتمعوا عيالي بالروح وبالقلب )(   ) .. تكور بيديها المتشققتين قطع العجين .. تضع الطاجين في الفرن .. تفوح رائحة الفطائر .. فتقول لنفسها :

ــ  ربما سيأتي لزيارتي أحد الأبناء مع صغاره .. فيأكلون منها

( 2 )

العجوز الغارقة في بئر أحزانها .. تجلس في سقيفة البيت .. تراقب الباب الموارب .. وتخاطب جارتها الجالسة قبالتها ترشف من فنجان القهوة ..

ــ الأولاد مشغولون دائما .. ولكن أليس باستطاعتهم أن يتفرغوا ولو لربع ساعة في اليوم  ؟ .. الله يهديهم .

تنصرف الجارة .. يكسو الحزن السقيفة .. تغلق العجوز الباب .. وبهدوء تقفز من النافذة القطة العائدة من أسطح الجيران .. يغرق البيت في الصمت .. تتثاءب القطة ..وتجلس قرب العجوز .. فيما يعلو صوت الدقات من الساعة الحائطية .

 ( 3 )

في هدأة الليل .. تضيء العجوز الأباجورة..تهجع إلى فراشها .. وبعد أن يستقر رأسها على الوسادة .. تذكر الوحدة .. والعمر المؤدي للقبر.. وتقول لنفسها :

ــ  لماذا يغيب الأولاد عني كل هذه المدة ؟

 ( 4 )

في الشادر الصغير الذي أقيم أمام بيت العجوز المتوفاة .. جلس الأبناء الثلاثة يرسمون الحزن على وجوههم .. ويتقبلون التعازي في موت والدتهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قاص من ليبيا

[email protected]

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون