اخرج في موعد مع فتاةٍ .. لا تحب الكتب!

اخرج في موعد مع فتاةٍ .. لا تحب الكتب!
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إبراهيم عادل

بدايةً لن تحيّرك طويلاً أمام الكتب حتى تختار ما تعتقد أنه يمكن أن يناسب ذوقها، ولن تفكِّر طويلاً في ردود فعلها إذا ما أحضرت لها كتابًا لا تحبه! اخرج في موعدٍ مع فتاة ترى العالم من عينيها وليس من بين صفحات وكلمات وورق، تتعرف على الدنيا من ممارستها العملية، تسخر من قراءاتك وكتبك وثقافتك، ستخبرك بأشياء جديدة تصدقها منها على الفور، وستحكي لك حكاية الولد الذي أحبته من أول نظرة "بجد" وتقول (مش زي الأفلام) وستضحك عندما تخبرك أنه يعمل "مناديًا" على ميكروباصات "إمبابة"، ستسألها أن تصفه لك ولكنها لن تفعل، ستفتح لك حكاياتها عالمًا آخر ظل مخفيًا عنك طوال الوقت، رغم أنه حولك..

هي الفتاة التي تطالب بحقها في باقي الأجرة، ولا تجد حرجًا في أن تخبر السائق بأن زيادة “ربع جنيه” افتراء وظلم، ويعلو صوتها بينما يحاول الجميع احتواء الموقف، فيما أنت تراقبها من بعيد، حتى تنزل في المكان الذي أرادته بالضبط وتتبعها بنظراتك، لتتذكر أنها هي نفس الفتاة التي تحب الولد ..

ستحكي لك عن أبيها ومعاملته القاسية لأمها وتخبرك ببساطة أنها تكرهه وتكره استسلام أمها له، وستفاجئك بأنها تفكِّر جديًا في قتله، ستخبرك عن خطتها “الشريرة” للإيقاع بالولد “المنادي” الذي تحبه لكي يقوم هو بهذه المهمة ثمنًا لحبها، ولكنها تخاف أن يكون قاسيًا مثله، ستسألك كيف أعرف إن كان طيبًا أم لا “يا أستاذ”؟! ستطمئنك بعد ذلك أنها أجبن من أن تصرِّح له بحبها فضلاَ عن أن تطلب منه أن يقتل.

 هي الفتاة التي تجعلك تفكِّر في كل من عرفتهن على أنهن بنات “عاديات” لا يصلحن إلا للثرثرة في المقاهي وأمام الشاشات، ولم يجربن مرة أن يخرجن إلى الحياة ويبعن مناديل ورقية في الأوتوبيسات، أو “الورد” لمحبي الورد على الكورنيش! تحدثها عن ذلك فتضحك ببساطة، وتخبرك عن صديقتها التي تصادف مضايقات يومية وتحرش من أولاد يصغرنها في السن، ولكنها تضربهن دومًا، وتعود إلى بيتها حزينة باكية، ولكنها تنسى كل ذلك صباح اليوم التالي، وتخرج بابتسامة أكبر ..

لن تتركك تحكي لها عن فتاتك.

 اخرج مع فتاةٍ لا تحب الكتب، هي لا تعرف “درويش” ولا تهيم بكلماته بل وربما لا تفهمها، تسمع عن “صلاح جاهين” من الأفلام والتلفزيون، لم تفكّر أصلاً في تعلم القراءة، بل وتتعجب فعلاً من هؤلاء الذين يمسكون بالكتب، وتعتقد أنهم جميعًا “تلاميذ”، وستخبرك أنها تريد أن تقول لهم اتركوا ما تذكرون وتعالوا اعملوا معي، وستعيشون “مبسوطين” تفكِّر في تغيير رنة هاتفها المحمول إلى (آه يا دنيا) وتخبرك أنها ترقص عليها حينما تكون “مبسوطة” و”لوحدها”.

 من السهل أن تخرج مع فتاةٍ لا تحب الكتب، لن تحضر لها كتبًا في عيد ميلادها، بل وردة و”شيكولاته” وستكون سعيدة بهما جدًا، لن تحجز لها حفلة في الأوبرا، بل ستأخذها إلى “السينما” وستكتشف أنه كان أحد أحلامها وتفاجئ من تعليقاتها على شكل الممثلين في الصالة الكبيرة!

 ستطلب منك فجأة أن تشتري لها فستانًا من إحدى هذه المحلات التي تمر عليها يوميًا وتحسد مرتاديها، وستجدها فرصة لكي تحقق لها حلمًا عابرًا، ستدخل معها المحل، وستختار ذلك الفستان الأسود الموشى بالورود، وتلبسه وتدور به دورتين في المحل وسط دهشة العاملين .. ثم تأخذك من يدك وتخرج..

إذا وجدت فتاة لا تحب الكتب، فلا تحكِ لها عن الكتب ولا عن أبطال الروايات الوهمية، أخبرها عن الحقيقة فحسب، وقل لها كما تحب أن تقول دومًا أن الحياة نعيشها ولا نكتبها، وأن ما نكتبه يا عزيزتي ليس إلا محاولات فاشلة لصنع حياة حلوة متخيَّلة، ولكن الحياة هي ما تفعلين والدنيا هي ما تعرفين ..

 ستعدها في المرة القادمة أن تذهب بها إلى شاطئ العالم، لأنك تدرك أن الفتاة التي لا تحب الكتب أحبت البحر طويلاً ولكنها تراه بعيد بعيد، وستقربها من البحر أكثر ..

 اخرج في موعد مع فتاة لا تحب الكتب .. ولكنها تحب الحياة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا النص معارضة للنص الشهير: (اخرج في موعد مع فتـاة تحب الكتـابة )

 

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار