إدوار الخراط: رقابة الرأى العام على الأدب أشد من الرقابة الرسمية

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاوره : محمد الكفراوى     

إنه الروائى والناقد والشاعر والمترجم إدوار الخراط، أحد المثقفين الكبار والمبدعين القلائل الذين نجحوا فى كسر حاجز المائة كتاب فى مجال النشر فى مجالات متعددة، ووجوده على الساحة الروائية والنقدية هو الأكثر وضوحا ومن أهم رواياته «حيطان عالية» و«رامة والتنين» و«صخور السماء» كما أن أعماله النقدية عن الشعر الجديد والاتجاهات الحداثية وما بعد الحداثية كان لها بالغ الأثر فى الساحة النقدية، وقد صك عددا من المصطلحات اقترنت باسمه مثل الكتابة عبر النوعية والحساسية الجديدة وغيرها، لذلك لم يكن غريباً أن يكرمه مهرجان العالم العربى فى دورته الأولى التى عقدت بكالابريا جنوب إيطاليا فى احتفال كبير يوم 26 سبتمبر الماضى كأبرز الأدباء المصريين والعرب.. عن رأيه فى قضايا النشر والإبداع وعلاقة الفن بالجمهور وسبب العزلة والخصومة بين المبدع والقارئ وغيرها من القضايا.. يتحدث فى هذا الحوار.

 

? ما تقييمك للمشهد الثقافى الحالى من حيث حجم النشر وقدرته على استيعاب حركة الإبداع؟

 

– المشهد الحالى به العديد من الإنجازات، فمساحة النشر كبيرة ومتنوعة سواء أكانت ممثلة فى دور النشر الخاصة أو الحكومية، وفى الوقت نفسه هناك جوانب قصور نأمل فى تجاوزها، سواء على مستوى المؤسسة أو الأفراد مع العلم بأن المؤسسات نفسها تقوم على جهود الأفراد، فهم الذين يبذلون الجهد ويقيمون أود المؤسسات ويجعلونها فاعلة أو مهمشة ومنسية.

 

? ما رأيك فى الدور الذى يقوم به النشر الخاص فى الحركة الثقافية حاليا؟

 

– هذا يتوقف على ما يقدمه هذا النوع من النشر، هل لديه مهمة ثقافية حقيقية أم أنه مجرد وسيلة تسعى للترويج لسلعة فاسدة إذا صح التعبير، ومن ثم يجب النظر إلى نوع النشر الخاص فى إطار ما يقدمه، فإذا كانت الكتب التى يقوم بنشرها تعنى بنشر الثقافة فهو يسير فى الاتجاه الصحيح لخدمة الثقافة والإبداع ولصالح رسالة معينة وبالتالى علينا أن نشجعه وندعمه، وهو إلى حد كبير من خلال متابعتى لإصدارات بعض دور النشر الخاصة يقوم بهذه المهمة ويلعب دورا مهما فى إثراء الحركة الثقافية، وهو يقوم بهذه المهمة جنبا إلى جنب النشر المؤسسى أو الحكومى.

 

? كتبت الرواية والقصة والشعر وترجمت أمهات الروايات العالمية.. أى الأجناس الأدبية أقرب وأحب إليك؟

 

– الإجابة على مثل هذا السؤال ستكون «كلهم أبنائى» ولكن بلا شك الرواية هى الأحب إلى قلبى التى أجد فيها المساحة الكافية للتعبير عما يدور فى عقلى وكذلك التعبير عن رؤيتى للعالم وقضايا المجتمع من حولى. وعموما أرى أن الأنواع الأدبية بها قدر من التداخل والتناغم يسمح بالتنقل فيما بينها، والفن واحد لا يتجزأ سواء أكان موسيقى أو فنا تشكيليا أو كتابة أدبية، كل الفنون تخدم بعضها البعض وتحيل إلى بعضها البعض.

 

? تحظى الرواية بقدر كبير من الاهتمام فى الفترة الحالية.. ما السبب فى رأيك؟

 

– السبب فى ذلك أن الرواية جنس أدبى مطواع ومرن وقادر على استيعاب أنواع وأساليب فنية كثيرة، كما أنه قادر على اقتحام مجالات كثيرة جدا بسبب مرونته وطواعيته، ولذلك فإن الرواية احتلت مكانة كبيرة فى الأوساط الأدبية خلال الفترة الأخيرة، ولكن البعض يتعامل معها باعتبارها الأوفر حظا فى النشر أو فى الفوز بالجوائز ومن ثم يتكالبون على كتابتها، وفى رأيى أن هذه الظاهرة غير صحية بالمرة، ومن يكتب الرواية لغرض خارج عن الإبداع ومقتضيات الفن فهو يضير الفن وينال منه ولا يضيف له.

 

? بعض الأدباء تخلوا عن كتابة الشعر والقصة القصيرة واتجهوا إلى الرواية جريا وراء مقولة إننا فى زمن الرواية ما رأيك فى هذه المقولة وتلك الظاهرة؟

 

– الجرى وراء المقولات الشائعة لا يؤدى إلى إنجاز حقيقى، المهم أن الكاتب أو الفنان عموما يتبع إلهامه الحقيقى أيا كانت المقولات الرائجة، وفى رأيى أن كل جنس أدبى له حراسه ومبدعوه وهناك تواصل بين الأجيال فى كل نوع، توجد اتجاهات جديدة تظهر إلى جانب الاتجاهات القديمة الراسخة، ولا خوف من أن يطغى نوع أدبى على آخر فهناك توازن معقول بين الأجناس الأدبية.

 

? تخطيت حاجز المائة كتاب فى النشر.. ما بين روايات وقصص وأشعار وترجمات وأعمال نقدية هل أنت راضٍ عما قدمته حتى الآن؟

 

– بداية «امسك الخشب»، كل ما أستطيع قوله إننى بذلت مجهودا وتقييم هذا المجهود يعود للنقاد والباحثين هم الذين يحددون ما إذا كنت قدمت إضافة وأوصلت رسالة أم لا، أما عن جانب الرضا فهذا طموح صعب المنال، بعض الأعمال حققت فيه شوطا مما أريد والبعض الآخر لا، الرضا غاية صعبة جدا.

 

? تعرضت للمنع والمصادرة فى الستينيات.. هل ترى أن هذا المناخ الذى تحكمه الرقابة ويعلو فيه صوت المنع والمصادرة مازال موجودا؟

 

– فى تلك الفترة حدث منع وسحب لبعض الكتب ولكن هذا لم يعن شيئا كثيرا بالنسبة لى، أما الآن فتوجد رقابة الرأى العام وهى أكثر خطورة من الرقابة الرسمية، لكن الكاتب الذى يؤمن برسالته ويعتقد فى صدق ما يقول لا يؤمن كثيرا بمثل هذه المعوقات ويتجاوزها لصالح مشروعه الإبداعى.

 

? تمتاز أعمالك بقاموس لغوى صعب لا يستطيع كثيرون استيعابه.. هل تعتبر نفسك كاتبا نخبويا؟

 

– هذه تهمة باطلة، وأرى أن قاموسى اللغوى عادى ولا يحمل صعوبة، فالقارئ الجيد أو العادى يستطيع أن يستوعب الكثير مما أكتبه.

 

? هناك مصطلحات تناولتها فى كتاباتك النقدية مثل الحداثة وما بعد الحداثة والحساسية الجديدة والكتابة عبر النوعية.. البعض يرى أن هذه المصطلحات وغيرها أدت للعزلة بين الأدب والجمهور.. ما تعليقك؟

 

– لا أعتقد أن مثل هذه المصطلحات هى التى أدت للعزلة بين الأدب والجمهور، وإنما قد تكون البيئة الثقافية أو التربية والإعداد التفكيكى هو الذى يمكن أن يؤدى إلى تلك العزلة فرسالة المثقف والمبدع تحديدا هى رسالة فنية بالأساس وبقدر ما تحمل من عناصر الفن ومقوماته تكون قادرة على الوصول إلى الناس، فالمثقف والمبدع فى حد ذاته يجب ألا يسعى لتكوين جماهيرية وإنما يترك مقتضيات فنه وإبداعه تفى بهذه الجماهيرية دون تدخل أو سعى منه.

 

? فكرة المثقف الموسوعى الذى يكتب فى أكثر من مجال ويتمتع بمعارف واسعة.. كيف تراها الآن علما بأن البعض يعتبرك تمثل هذا النموذج؟

 

– هذا النوع من المثقفين أصبح نادرا، لأن ظروف العصر تقتضى قدرا من التخصص ليس بالمعنى الأكاديمى وإنما بمعنى التعمق فى اتجاه معين، ولا أستطيع أن أعتبر نفسى أمثل هذا النموذج، هذا متروك للنقاد والباحثين.

 

? حصلت على جائزة الدولة التقديرية منذ أعوام.. ما رأيك فى جوائز الدولة ومصداقية لجانها؟

 

– هذا الموضوع يجب ألا نطلق فيه تعميمات، يجب أن نتناول حالات محددة، واللجان عموما تتمتع بالمصداقية، وإذا كان هناك ما أثير مؤخرا حول هذه الجوائز، فهذه وجهات نظر قابلة للنقاش وفتح حوار حولها.

 

? هل ترى أن النقد الأدبى قادر على متابعة حركة الإبداع؟

 

– هو طبعا غير موجود بالقدر الكافى، ولكنه غير غائب تماما، فهو موجود ويتابع الحركة الإبداعية ويعبر عنها ويرصدها، يمكن أن يكون ذلك بقدر أقل من المطلوب، ونتمنى أن يصبح موجودا بالقدر الكافى بحيث يغطى الحركة الإبداعية ويعبر عنها.

 

? البعض يتهمون النقاد بأنهم مجاملون.. ما رأيك؟

 

– كل أنواع النقد موجودة، النقد المجامل والنقد الموضوعى والنقد المستند إلى قواعد وثقافة والمستند على ادعاءات وأذواق شخصية وانطباعات خاصة، والساحة مفتوحة لكل أنواع النقد، والحوار والنقاش الأمين والمخلص هو الكفيل بالرد على الاتهامات الموجهة لبعض أنواع النقد.

 

? كيف ترى نسبة الاهتمام بالأدب بين المصريين؟

 

– النسبة ليست كبيرة، نرجو أن تزداد، فهى نسبة قليلة نتيجة عدة عوامل منها التعليم والإعلام وغيرهما من العوامل التى لم تنجح فى بناء جسور للتواصل بين المبدع والجمهور

 

مقالات من نفس القسم