أكيكو يوسانو .. أنا الجنة وعصفورها وحلمك عنها؟

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ولدت أكيكو يوسانو في السابع من ديسمبر سنة 1878 وتوفيت في التاسع والعشرين من مايو سنة 1942. وأكيكو يوسانو هو الاسم الأدبي للكاتبة والشاعرة والناشطة النسوية الرائدة وداعية السلام والمصلحة الاجتماعية والناشطة السياسية اليابانية "شو هو". هذا، ولدى ويكيبديا ما تضيفه بعد كل هذه الألقاب والصفات التي تخلعها على يوسانو والتي لا نعرف كيف اتسعت لها سنوات عمرها الأربع والستون. فعلاوة على كل هذه الاهتمامات. تضيف ويكيبديا أن يوسانو من أشهر شاعرات اليابان، وأكثرهن إثارة للجدل.

حسن، من كل هذه الوجوه يعنينا نحن وجه واحد. وجه الشاعرة، دون حتى أن يعنينا أنها كانت مثيرة للجدل. إليكم فيما يلي قصيدة ليوسانو ترجمت من اليابانية إلى الإنجليزية بقلم جانين بايتشمان.

***

ما الذي سوف أرتديه للنوم وحدي

ما الذي سوف أرتديه للنوم وحدي؟

كيمونو داخلي

من قماش حريري

مصبوغ بحمرة الشفق الباهتة.

يلمس الجلد

لمسَ الضباب الكثيف

للزهور.

 كلَّ مرة ألبس فيها

ينتابني الفرح

أني ولدت امرأة.

للهب الشمعة المضيء

بحركته الخافتة

جمالٌ يحبس الأنفاسَ

حتى في غرفة النوم هذه

التي لستَ فيها.

 

غريبةٌ

ولكنني أندسُّ بين الأغطية

في فراش فبراير البارد

ويرجع قلبي

إلى يوم أن كنت بنتا

حين أحببتك أولَّ مرة.

 

أنت يا زوجي المسافر

تراك نائما الآن في فرنسا؟

إذا خايلك في حلمك طائر من الجنة

فهذا أنا.

***

كان اسمها بينيلوب، ويقال بينيلوبي، وكانت تغزل كفنا لأبي زوجها، وفي الوقت نفسه، كان خطابها يتنافسون عليها في قصر زوجها، في حضور ابنها الذي لا حول له ولا قوة.

واضح طبعا من هذه الفوضى أن الكلام عن الأوديسة، الملحمة التي تجري وقائعها بعد الإلياذة، الملحمة التي خلد فيها هوميروس حرب طروادة.

لنبدأ من البداية، غضب أخيل فيما يروي هوميروس غضبة هائلة، لخلاف نشب بين القادة الكبار على امرأة. ونشبت حرب، حرب كبيرة من أجل هيلانة، ووضعت الحرب أوزارها، ورجعت الجيوش المنتصرة إلى أوطانها، وبقي جيش بقيادة أوديسيوس، جيش واحد لم يرجع، وكان على هوميروس أن يحكي قصة رجوعه في ملحمة مستقلة، من أكثر شخصياتها هامشية بينيلوب، الزوجة الوفية التي بقيت عشرين عاما تصر على انتظار زوجها، بينما يطمع الخطَّاب فيها وفي مملكة زوجها.

وكان لا بد أن تمر آلاف السنين، لتزيح النساء هوميروس، بحروبه وآلهته، وأبطاله المحاربين الفرسان الذين يجوبون العالم الأسطوري بينما تنتظرهم في وفاء ليس أقل أسطورية زوجاتٌ لسن أقل أسطورية.

أما هنا، فامرأة من لحم ودم. ووفاءٌ من لحم ودم. وحبٌ من لحم ودم. هنا امرأة كانت ذات يوم بنتا كأي بنت، تحب للمرة الأولى، ويبقى محفورا في ذاكرتها ذلك الحب الأول. وهي امرأة يابانية أيضا، ولنا أن نتذكر النمط الخالد الذي تكذبه ملايين النساء اليابانيات اليوم بمجرد وجودهن. نمط الزوجة اليابانية المطيعة الرقيقة التي تمشي مشية راقصة باليه، وتعمل عمل روبوت لا يكل ولا يمل، علاوة على مآرب أخرى.

لكن حتى هذا النمط مكسور في هذه القصيدة على رقتها. فالزوجة الوحيدة وإن وعت أنها وحيدة، وأنها ستنام وحيدة في فراش شتائي بارد، تعي أيضا بجسدها، تسعد وهي ترتدي كيمونو مصبوغا بحمرة الشفق، بأنها ولدت امرأة. تقدر برغم غياب زوجها أن ترى لهب الشمعة جميلا جمالا يحبس الأنفاس. وبرغم غياب الزوج، بيبقى لدى الزوجة ما تأتنس به، تبقى لها ذاكرة، بل إنها تستطيع أن ترجع بقلبها إلى قلب البنت الذي كانه، والتي كانتها.

ويبقى لها، فوق كل ذلك، يقينها بأن في الجانب الآخر من العالم زوج لا مهرب له منها ولا حتى بالنوم. يبقى لديها هذا اليقين لا بوفاء زوجها، ولا بحبه لها، بل بأنها هي أجمل ما في وعي هذا الرجل، بل هي تصوره الوحيد عن طيور الجنة.

لو أننا مضينا في هذا الخط، فلا بد أننا سوف نقول عن هذا الزوج ما لا يستحق أي زوج أن يقال عنه. سنطعنه في خياله، في قدرته على تصور الجنة، في قناعته الذهنية التي تجعل زوجته مطمئنة حتى إلى أحلامه.

أو ترانا سنتساءل عن هذا الزوج البارع الذي يستطيع أن يكون وحده في باريس، وتكون زوجته التي في اليابان واثقة أنه هناك لينام.

إما هوميورس أو يوسانو أكيكو.

يبدو أنه ما من حل وسط.

مقالات من نفس القسم