نص الوحشة

مروة الإتربي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

كنتُ أتمنى فقط أن أصير جناحك وتصير لي  قلبًا آخر، ينبض مع  قلبي الضعيف، لدي قلب ضعيف عليل بك ويرفض الانصياع لفقدانك، الآن لا أملك حق التمني، التمني حيلة الأحياء وأنا مِتُ بك – ولم أدفن.

الساعات طوال وأنا قلبي يحسبُ الوقت بحضورك وغيابك، وما قبلكْ وما بعدكْ والآن رحلت وأنا لا وقت لي، لا زمن.

عام جديد فارغ منك، أنا مثقلة بالأيامِ وأنتَ كما تقول تخففتَ مني، كيف، كيف أقنع قلبي أن هذهَ هي النهاية وكيف لعقلي أن يوافق على بدايةٍ أخرى؟

حضور – غياب

بداية – نهاية

وأنا تهت تمامًا ، ولا أرى.

كان لقاءنا لامعًا، شيء عصي على الحدوث/ التكرار، تعبتُ من وجودي حولك لا معك، خارجك لا داخلك، المسافات الطويلة التي لا تنقضي، وأيامي بقربك التي تمر كلمح البصر.

كنتُ أناديك، وكان صوتي لا يصل إليك، ذراعي ممدوة لكنها لم تقبض عليك، كنت أنادي – أنا – فيك، وتنكرتْ لي نفسي، وأنت وافقتني.

كنتُ أراكَ جليًا كما يُرى الأنبياء، لا البشر وكنت تغض الطرف عني لا ككافرٍ بل كخائفٍ من دين جديد لم يألفه.

كلانا بحث عن معجزة تجمعُنا، ونسينا الحب في قلوبنا كان وحده أكبر معجزة.

لماذا إذن ؟

لشهورٍ فتحتْ لك الباب ، وقفتُ انتظرك على عتبتهَ علكَ تأتي، لم أَمَلْ من الوقوفِ لكن كلماتك أصابتني فاختفيت عن الأنظار، عندما وصلتَ للبابِ ولم تجدني  اعتقدتَ أني رحلتْ – فرحلت عني.

كان الباب مفتوحًا كما هو، لو أنكَ خطوتَ خطوة واحدة فقط، واحدة فقط للداخلِ

لوجدتني.

كنتَ خائفًا من الاقترابِ أكثر،وكنتُ أدور حولك واحترق ، رأيْتُك النجاة والموت معًا و رأيتني نشيجًا متواصلًا مما لا تألفه ، كلانا كان عصي على التحققِ بشكلٍ مثير للدهشةِ .

في الحلمِ ، كنتَ تنظر نحوي لكنكَ لا تراني،وكنتُ أشدك من يدك ولا تلتفت ، كنتُ سرابًا يلفك وكنتَ حقيقة تسكنني ، وكنا وهمًا لا يمكن تصديقه .

كنتَ مخاضًا مستمرًا أمر به ، للنساءِ قدراتٍ رهيبةٍ على تحملِ الألمِ ، وحبه

الرجال ينفرون منه .

بقدر ما آلمتني ، أحببتك.

بقدر ما آلمتك ، فررتَ مني .

إنها تمطر بغزارةٍ الآن ، والوحل بيننا  يكبر ،أنت تخشى المطر وأنا أركض فيه

من منا سيفعل ماذا ؟

كنتَ بجواري وكنتَ غائبًا عن الوعي وأنا عكسك بكاملِ كل شيء فيما عدا حضورك الطاغي ، اقتنص الفرصة لأزرعني فيك دون أن تشعر لتصحو تجد أن لا انفصال بيننا ، وأن البقاء معًا لا مفر منه .

وكنتُ بجوارك نائمة،تعتقد أنني نائمة، نظراتك تحرقني وتتأمل هذا المخلوق الصغير العجيب،تتساءل كيف يمكنه التحول – دون الفناء،تتمنى لو تلمسه،لو تقبض عليه

لكنكَ خائف من أن تفعل .

حللتُ على رأسك كطيرٍ وكنتَ شاردًا ولم تشعر بي،ولما أفقتَ ظللتَ تبحث عمن شاركتك أحلامك ولم تجدني،وكنتُ ، كنتُ كما كنتُ لكنك لم ترنِ .

الآن أنا لا أخشاك، أنا أخشاني فيك، وأعلم أننا إن عدنا دمرنا كل ما بنيناه، كلانا يدرك الحقيقة وأن الحياة على استحالتهابيننا -ممكنة -أننا مذعورين تمامًا كأطفال ضلت أمهاتها و نريد أن نعود.

كانت تمطر بغزارةٍ، وكنتُ أراك لا اسمعك،وأشعر بنبضاتِ قلبك ترجني،ترج داخلي فانتفض في مكاني و أهرعُ إليك .

أريدُ أن نلتئم .

وكنتُ أنبض بك وكنتَ تعلم وكنت تعرف ، وغادرتَ مسرعًا ولم تلتفت،وفي الحلم كنتَ مستاءً مني وأنا أحاول مراضاتك واستعادة نبضي .

فالحلم،نمتُ على كتفك و تركتني أفعل، وصرنا تمثالًا لا يتحرك،يبصره الناس ويبتسمون .

كنتُ أتوق إلى دفئك ، وكنتُ أصحو ليلاً أبكي من شدةِ البرد،شدة الشوق،وكنتَ لا تبالي،أناديك – يا صديق – كما تريد لا كما أفعل ، ياصديقي، اشتقتُ إليك ولا ترد الشوق، يرتد شوقي إلي، يصفعني في قلبي،ويزداد البرد .

وكنتُ أحبك،كابن لي،كنتُ أحب أمومتي فيك،وشعرت أن هذا كافيًا وأن لا انفصال لأمٍ عن ابنها – مهما باعدت بينهم المسافات،لا الابن ينسى أمه ولا الأم ترضى بابن آخر.

وكنتَ دومًا تنقصني وكنتُ أكملك، وأنسى نقصاني وأحب اكتمالك بي ، وكنتُ أحن إليك،أنا أحن إليك،إلى بعضي وكلي فيك و إلى كلك،لا جزء  لا.

وكنتُ غاضبة منك، فرضيت فرضيتُ، والآن غضبتُ مرة أخرى،وأقول علكَ ترضى مرة أخرى  فأرضى،فأهدأ، ثم أتذكر أنك قصصتَ كل ما بيننا فأشعر باستحالةِ الرضا، فأحزن من جديدٍ .

لقد أحببتك،وأحببتُني فيك،ورضيتُ عن الحياة لأنها أهدتني إياك،وكنتُ أصحو من منامي وانتظر لتصحو، فتلقي عليَّ السلام فأسعد كأني امتلكت مال الأرض  .

والآن،كلانا غاضب، يؤلمني صمتك كما آلمتني كلماتك،تؤلمك كلماتي، طريق طويل من الصمت بيننا، طريق من الغضب .

كنتُ أراك فأراني،فعرفتُ كيف يمكن أن ترى نفسك في الآخر، وتذوب فيه دون أن تختفي،وكنتَ تحبني وكنت أرى ذلك سببًا كافيًا لأستمر بالعيشِ .

أحببتُ الصباح لأنه يبدأ بك ،وكرهتُ الوقت الذي تنامه،فكنتُ أفعل أنا الأخرى ،أنام بشوقِ المطمئن أن في الغد ألقاك مرة أخرى،والآن،لا عبارات بيننا ولا مساءات،والوقت،الوقت طويل ولا ينقضي،وأنا  لا أحب الوقت،وأهرب للنوم علني أراك،علك تأتي ولو غاضبًا وتقول أي شيء .

/

أحببتك وأحببتُ الأوقات التي زرتني فيها وجلبت الفرح إلي معك،والآن أنت لستَ هنا،لا الفرح أيضًا،وتقول أنك تخلصتَ مني،تعافيت من مرضك بي،وأنا ؟ أنا أفكر كيف تشتاق ملابسنا لمن لمسوها مرة ورحلوا ؟

أطوي ملابسي وأشعر أنها تبكي ،تلومني،أنها على الأغلب لن تلمس يدك مرة أخرى،وأشعر بغصةٍ لأني على الأغلب لن أراك مرة أخرى .

صرتَ بعيدًا ولا أراك لكن أحسك ، وقلتَ : لن نلتقي أبدًا ، فأخذت أبكي بكاء لا تراه لكن تعرفه،صرتُ غريبة في نفسي وغريبة عنك،والعالم  في اللحظة التي غادرتَ فيها ،لفظني .

 انهزمت .

كنتُ انتصر بك وانهزمت وصارت هزائمي بينة تشم رائحتها من بعيد،وأشم عطرك قريبًا ولا أجدك .

و كلما خلدت للنوم تمنيتُ أن أراك،أن تزورني،وتمنيت لو أزورك،فنلتقي دون أن نفعل .

والآن يا علتي الوحيدة،أحن إلي فيك و إليك في،وأنت أصدرت حكمك علي بصمت أبدي لا- أريده -لكن انصاع له – رغمًا عني .

كنت أبكي وكانت السماء تشاركني حزني،والشمس بازغة عندك،كنتُ وحدي وكنتَ حاضرًا معي رغم انفي وانفك .

كان العالم فارغًا،لا أرى منه شيء،كنتُ وحدي وجئتَ ملأتَ العالم وصرته ، وكنتَ شمسًا تدفيء صباحي بعينيها العسليتين .

وجئتني في المغيب،تقول فرغتُ منكِ و كنتُ قد امتلأت بك حتى فِضت من قلبي وانسكبت عليّ،رأيتك موليًا عني وكنتَ تتلاشى

والآن،أجلس على بابِ بيتك الذي لم أدخله يومًا

أنتظرُ غريبًا أن يعود .

 

 

يناير ٢٠٢٠

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون