نصوص

خديجة غزيل
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

خديجة غزيل

1

سأموت أنا أيضاً
ولن تعرف السّبب
هل كان جسدي الهشّ
أم وجع قلبي

ربّما نحن ميّتان منذ زمن
لَمّا توقّفنا عن القبل
بحجة أن الاكتئاب معدٍ

كمْ صفعَنا ذلك الورم
وتَخَفّى مرة بين جنْبَينا
ومرة على أكفّنا المحمّلة بالغيم

لأنّك كالخريف
تُزعزع صمتي حين تأتي مرارا
كأنّك شتاء قادم من حرب
وتشبه جُرحي
وحين تقفز تحت مقصلة الفرح
كغزال الجبل
تدحرج الكثير من أشعة الشّمس.

 

2.

كنّا سنلتقي من دون شكّ
حتّى
لو كنتُ وهما مريضا
مرميّا على قارعة الطّريق
وكنتَ ريحا ثائرة
تؤمن بأنّ العدوى حمامة وديعة
وبأنّ المرض مُخَلِّصٌ للعباد

في الليل البرازيلي الطويل
والأسمر
كنت سألتقيك
امرأة أخرى بصدر أكبر
وبقلب أصغر
وبِاسمٍ ساحرٍ كَإِزيدُورا

لا يحتاج الأمر إلى نهر رائع من المشاعر
يكفي أن أعود وحيدة من المشفى
غير خائفة من المرضى ومن الموت
وألتقي بك
فتتهمني بالثرثرة وبسرقة الليل الطويل
وبقتل إزيدورا.

 

3.

أمضي نحوك
بسرعة الدّعاء الذي يذهب
إلى الله
بقوّة الإعصار الذي يضرب اليابسة
ويخلّف جَزعا في القلب
ونُدَبا في الوقت

الخطوة التي تركتُها ورائي
تلاحقني
لكنّ الكدمة على كاحلي
تبتسم بمكر:
مرّة واحدة أيها الحبّ
ولا بأس بعدك بالموت.!

 

نحن الذين لم نشارك في الحرب
الذين لم نُقتل تحت ضوء القمر
الذين لم نُرْمَ بالرصّاص
الذين لم نتحوّل مع الشظايا
إلى أجزاء ناعمة
الذين لم تتعفن أرجلهم في الخنادق
مع الأبوات العسكرية
الذين لم نتفاوض بشأن الهدن
الذين لم يشلّنا الشتاء
الذين هربنا في قطارات الصّباح
ولم نُرَحَّلْ

كيف لم نسلم من رائحة الموتى
وورثنا عنهم لعنة الخراب؟

 

تهزّ العاصفة الباب
فأضحك

ربّما حملني الفرح المفاجئ
إلى صوتها الذي ينزّ

تتعاظم في روحي ارتعاشة الريح
تَذَرُ الأبوابَ المغلقة
تلك الليالي التي لم يلفّني فيها الظلام جيّدا
وغاب قلب أمّي عنّي
ليس بعيدا ولكن في الغرف الأخرى!

تهاوت أرصفة للحلم
وجدران غلفَّتني منذ زمن
بأنين فضّي
عصيّ عصيّ على السّمع

تلك الخيطان الرقيقة
والغليظة
التي تبدو ساعات عذبة كأوّل المطر
وساعات سامّة
سامّة كالأبنوس الأصفر.

 

6.

تظن الشّجرة القريبة
أنّي هجينة
فتصبغني بالأرجوان
وترسم على صدري وردة

كَمْ جَلدة على الجِلد
لتَدور ماكينة القلب
وتَخرس أصوات اللّيل الجائعة!

ألتصق بالشِّعر لأنزل
كما ينزل ملاك مصاحبا
لورقة تموت

أمدّ يدي من النّافذة
لتعانق أزهارك المتوحّشة
أبسط روحي
لعلّني ألحق برذاذك المنسكب

كرَّرتُها مرارا
قُبلَتُنا المُرجأةُ
وصَوَّرْتُها للأغصان المنكسرة
على الأفجر الموبوءة
على الجذوع المنهكة
على وجهك القلق

لم يكن غليظا هذا النّهار!
برغم الريح المزعزعة
وصلني حفيفك العذب
منذ الفَلَق
واختلط بأريج الأرجوان
وبأغنية الصّباح!

……………………..

*شاعرة من تونس

 

مقالات من نفس القسم