مكان الروح

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

قصة : ممدوح رزق *

لم يكن يبدو عليها الحزن أو الألم وبالتأكيد لم تكن هناك دموع في عينيها .. حينما يفاجئها الأطفال وهي واقفة أو تسير بالشارع .. حينما تجري هربا منهم .. حتى وهي تتعثر وتسقط بأنفاس متقطعة فينال من جسدها البدين بعض من قطع الحجارة الصغيرة التي تُقذف عليها .. كانت تحدق فقط .. تنظر إلى ما حولها بعينين جامدتين وملامح ساكنة تخلو من أي انفعال .. لم يكن الأطفال وحدهم هم الذين يطاردونها إذن .. كلمات ومشاعر الاستفهام والتعجب كانت تطاردها أيضا .. لأنها ـ رغم كل شيء ـ لم يكن يبدو عليها الحزن أوالألم وبالتأكيد لم تكن هناك دموع في عينيها ...

شيء ما اسمه العته المنغولي يفعل ببنت مثلها هذا خاصة لو كانت فقيرة وتسكن حيا شعبيا .. يجعلها تحب الوقوف أحيانا بجوار كابينة التليفون القريبة من بيتها والاستماع إلى الناس وهم يتحدثون في الهاتف .. جعلها ذات لحظة ما وبعد أن سمعت بنتً جميلة تقول :

ـ آلو .. إزيك .. وحشتني جدا …

بدأت تتلفت حولها بعد أن تركت البنت الكابينة لتتأكد أنه لا أحد يراها .. تحركت لتقف أمام التليفون وتمسك السماعة وتضعها على أذنها …

ـ آ .. آ .. لوووووووووو … إزززيك … وحشششتني جدددا …

كانت ستعيد السماعة إلى مكانها ، وكانت ستبتسم وهي راجعة إلى بيتها لولا أنها تكلمت كثيرا فلم تشعر بالوقت .. تكلمت كثيرا فلم تنتبه للأطفال الذين اقتربوا منها  وسمعوها فضحكوا بشدة .. لم يجروا وراءها ولم يقذفوها بقطع صغيرة من الحجارة .. كانوا يضحكون فحسب …

أعادت السماعة إلى مكانها ولم تبتسم .. لم يكن يبدو عليها الحزن أو الألم فقط .. بالتأكيد كانت هناك دموع في عينيها .

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون