مضاف ومضاف إليه

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 82
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

الأمر اذاً يحتاج لجنازة تليق بدموعها، لا يعنيني الفقيد لذاته. في جنازة كلب السيد يتقافزون، وفي جنازته إن حضروا يتنابحون .

في الطريق إلى المستشفى كادت تنهرني لأنني لا أملك هاتفاً نقالاً تحدث به صديقاتها حتى لاتفوتهن فرصة المشاركة في الجنازة .

قال الطبيب في مستشفى الكلب، وهي تتساند علىَّ :

ـ المشكلة الآن ليست في وفاة زغلول، علينا أن نعجل بفحص كرنبه خوفاً من انتقال العدوى اليها .

زغلول لم يكن يترك قطة في غنجها، يقذف شباكه، تدللت عليه كثيرا، خمشها بأظافره، هل تحتاج ممارسة الحب أحياناً للشدة ؟ أدماها، وأدمى قلبها .

مات شهيداً. قلت وأنا أعض على شفتي من الداخل خشية أن تنفرط سخريتي .

قالت بعصبية: لا، من حب فعف فشف ..

كانت ستلبي ولعه – لولا تعجله – دائماً الرجال متعجلون، لايستطيعون أن يصبروا على تمنع امرأه.

لم أشأ القول بأنه دفع حياته ثمن تهوره .الحي أبقى من الميت، قلت لها في خشية، خوفاً من ثورتها المعتادة حين أذكرها بأن هناك من البشر من يستحق الرعاية بجانب القطط. تربط ترمومتر علاقتنا مقابل اهتمامي بها، كان أهلها قد ائتمنوني عليها قبل سفرهم، ظللت أعودها إلى أن تولّد بيننا هذا الإحساس الواقف في منطقة مابين الصداقة والحب، وقفت خيانة صديقها القديم حاجزاً بينها وبين البحر .

على عجل اندفعت لأنقذ كرنبه وأهاتف الصديقات، ولكن كالعادة المصائب لا تأتي فرادى، ماتت كرنبه، كيف يعيش العالم بدون الأنثى ؟!

مات زغلول، وقتلها بالتوحش. الذكر الذي لايجيد لعبةالحب فينهي العالم وتنتهي معه .

جنازة لا تليق بالأعزاء، أنا وهي، وصديقتان .. فقط .

حاولت أن أفهمها أن أربعة أيضاً كانوا في جنازة موزارت، هكذا العظماء، كادت تطرني لولا مهابة الموقف.

تقدمت الجنازة في منطقة ليست بعيدة عن مسكنها، حتى لا تشق علينا الزيارة فيما بعد (كان هذا اقتراحي)

كانت المداولات على أشدها بألا ندفنهما معاً، القاتل والقتيل .

قالت إحدى الصديقات: لم يقتلها، لقد أحبها مع سبق الإصرار والترصد .

وانتهينا إلى أن نفصل بينهما بقالب طوب فقط ، حتى تستطيع كرنبه أن تستمتع بالعذاب الذي سيحيق بزغلول.

قالت الأخرى: ربما تسامحه، فلتكن قريبة منه .

حفرت المقبرة، ووضعت الأعزاء، الريحان وأزهار الليمون لكرنبه فقط ،وشاهداً من الطوب، إلى أن نجهز آخر من الرخام .

قلت: كان زغلول سينتحر حزناً وصمتاً، الحمد لله أن ماتا معاً، سوف يصالحها في العالم الآخر، كيف يحتمل العالم دون أنثى يحبها .

في طريق العودة .. تتشمم الأرصفة بعينين شاحبتين .

وبصوت شحيح باغتتني .. قل لصديقك هذا الذي اسمه موتسارت أن يضع كونشرتو لكرنبه في الأربعين .

……………..

من المجموعة القصصية “ خلف النهاية بقليل”

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون