متلازمة رفع وضع القيد

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

 

 

محمد ربيع*

لا تبدو البداية بعيدة أبداً، كأنها حدثت البارحة. كتم ياسر عبد اللطيف ضحكته عندما عرف مقدار شطحي. كنت أنوي كتابة عمل خيالي بالكامل. لكنّي هذبت خيالي، وكتبت «كوكب عنبر». بعد ذلك، وأثناء التحضير للرواية الثانية، «عام التنين»، اتسع المجال، وعدت مرة أخرى إلى الخيال غير المحدود. هناك دائماً شعور بأنّ ما أكتبه الآن سيكون آخر ما أكتب. تتراكم أفكارٌ كثيرة في رأسي، أحاول ترتيبها وتهذيبها، على أمل أن يكون هذا عاملاً يحثني على الكتابة. لكن هذا لا يحدث. الأفكار تبقى راقدة هكذا لا ترغب في الحركة، ولا أعلم ما الذي يحركها فعلًا. ربما طول الرقود؟ ما أراه حقاً أنّ الاستمرار في الكتابة المُرضية للنفس هو النجاح.

 

ويبدو أنّ متلازمة رفع/ وضع القيد هدفها في النهاية تحطيم كّل القيود، الأمر الذي يحدث تدريجاً وبلا وعي منّي. هناك جزء صغير من عملية الكتابة يحدث بلا وعي كامل، وأحياناً، بلا وعي على الإطلاق. هناك دائماً توق إلى التجديد، ورغبة في تأسيس بناء أكثر تماسكاً. والأهم من ذلك متجانس. أتخيل الرواية كالنسيج القماشي، منسوجة من خيوط طولية وعرضية، إذا ما تمّ نسج جزء منها من خيوط الحرير، فلا يجوز استكمال الباقي من خيوط القطن. التجانس يقتضي نسج جزء حريري وآخر قطني، ثم تكرار التبادل بين الاثنين حتى تنتهي الرواية _ النسيج، بالطبع مع خيارات لانهائية؛ يمكن إضافة خيوط أخرى، أو ألوان متعددة، أو أشكال جديدة، أو ربما نسيج آخر متداخل مع النسيج الأصلي، شرط أن يكون هذا كله متجانساً.

ـــــــــــــــــــ

* روائي من أعماله «كوكب عنبر» و«عام التنين»

 

 

 

مقالات من نفس القسم