لا وطن ولا منفى

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 8
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

فرانسوا باسيلي
أنت التائه في أدغال الوقت
وأروقة المتاهات
الضائع في الصحاري
الداخل في سراب السراديب
الخارج من انهيارٍ لانهيار
الواقف مستجدياً علي أبواب المدن
تطلب فلا تجد
تقرع فلا يفتح لك
أنت الهارب من يأسك إلى أمسك
الراقد في كهوف المخطوطات
ماذا أعددت لماضيك؟
ماذا تعلمت من محنٍ أهدرتها
وأزمنةٍ أضعتها في نزق
وممالكٍ من دم
وأنت تلوك نصوصا تمضغها كالقات
وتلثم فصوصاً في أصابع المحتالين
كي يرضوا عنك
وتلف ما بقي من روحك المتعبة
بمزقٍ من أكفان الموميات
علي أي لوحٍ خشبي
ستركب بحرك المقدس
ليلقي بك إلى جزرٍ غارقة
فتغرق ولا تغرق
تظل معلقاً في حصاة
تخور وتهذي فيتبعك الغاوون
في قاع منفاك لا تين ولا زيتون
وفي سماك لا جنات ولا حوريات
أجدب لا شيء تعطي
تحمل تاريخك كجثة
لا تجد لها قبراً
تدور كبائعٍ جوال
صارخاً علي بضاعةٍ فاسدة
ولا تجد مشترين
هل اختزنت ما يكفيك من هزائم
ويشبع حاجتك من اللطم في الجنازات؟
هل اكتفيت بما جنيت من وهمٍ
وما أضعت من أرضٍ ومن فلوات
لا ربحت نفسك ولا العالم
ولا نفضت عنك عبء الأساطير
وأتربة الحكايات
لعل شهرزاد تأتي لمخدعك
فتفر سابحاً في بحرها
إلي أبعد مما سافر السندباد
فلا تعود يوماً للبلاد
التي ذبحتك في الميادين
أي يقين
دفعك لشراء صكوك الشكوك
من كل دجال
وألقي بك عارياً علي موائد الطغاة
والدعاة
والغزاة
تناجيهم مرتجفاً مستعطفاً
أن يباركوا قبل أن يقتسموا جسدك
ويشربوا دمك
في أي مستنقع
ألقيت عقلك المسكون بالموتي
المهووس بالكلمات المبهمات
وهرعت مذهولا وراء الساحرات
والأرامل المهرولات من قبرٍ لقبر
يلطمن حتفك القادم
أي شهوة
دفعتك لاختيار الموت
وكنت علي قاب قوسين من الحياة؟
فبقيت بين بين
لا حس ولا صوت
لا منفى ولا وطن
لا ملاذ من نير أيامك الماضية
والآتية
ولا نجاة.

مقالات من نفس القسم