لا عيش لزهرات الصبار مع جذورها

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
 مي عامر  لا تثمر كل أنواع الصبار ورودًا ، الزهرة النادرة تشق طريقها بين الأشواك لتحيا لأيام بمنتهى القوة ثم ترحل، من هنا  التقطت مخرجة وكاتبة فيلم زهرة الصبار، هالة القوصي قصتين لامرأتين مستقلتين قررا العيش وراء أحلامهن  "مدام سميحة" التي ربما بلغت الخمسين وتحب حياتها التي عملت فيها بالفن والترجمة والإدارة، و"عايدة" القادمة  من إحدى المحافظات لتدرس الطب ولكن موهبتها وشغفها بالتمثيل جعلاها تترك الطب لدارسيه وتسير في حب الفن لمدة عشر سنوات باحثة عن ذاتها وما تجده فيه.  

تعيش البطلتان جارتين في سطح عمارة مزينة بنباتات الصبار، العمارة في حي شعبي بسيط لا تصل اليه المياه، ويضطر السكان لكي يحصلوا على المياه أن يشتروها من بائع متجول ويخزنوها،  ذات يوم  تكسر قدم “مدام سميحة” يوما وتستطيع عايدة نقلها إلى المستشفى بمساعدة صديق جار ويعودون ليجدوا الماء قد عاد للمنزل وأغرق السطح مما أدخلهن في مشادة مع صاحبة العقار التي همت بطردهن اذا لم يدفعن الايجار المتاخر واجر الرجال رافعي المياة منقذي العقار من الغرق. تبدأ رحلة السيدتين للبحث  عن مسكن بديل وتتحرك عايدة نحو منازل الاصدقاء المقربين مع رفض مجتمعى محافظ لوجودهن في منزل صديقها المريض حتى مع وجود مدام سميحة التى تبلغ الخمسين

في النهاية تأخذ عايدة مدام سميحة لبيت أمها التى تركت ابنتها لابيها وعادت لتعمل بالخياطة لتستطيع تحمل اعباء ابيها وامها المادية وعندما عادت اليها عايدة القت عليها عشرات الاحلام التقليدية بالزواج والولادة مغضة النظر عن احلام ابنتها الحقيقية التى تسعى ورائها سنوات الام لا تعرف ابنتها فقط بما انها ابنة وشابة فعليها ان تتزوج وتلد .

 عايدة تسير وراء حب لكاتب يحب العزلة ولا يصدق في الزواج يحب عايدة ولكنه لا يفضل شراكة الحياة مع احد هذا ما سرد عن لسانه وعايدة ولكن الام وسميحة رأين في ذلك ادعاء وكذب واستغلال وضغطن عليها حتى واجهته واختارت ان توقف تلك العلاقة في ظل تقصير من الحوار لبيان موقف الكاتب الحبيب ، الذي ربما لديه نظرية في نقد الزواج او مخاوف من التجربة اغلقت عليها السينارست الباب جميعها .

وهكذا ينتهى الفيلم ببقاء عايدة في بيت أمها وعودة سميحة الى بيت اختها التى كانت على خلاف معها أدى بهن لقطيعة  سنوات.

 هكذا ببساطة مخلة لقصة الفيلم والصراع الطويل الذي عاشته البطلتين مع المجتمع.

وهكذا نفاجئ بذلك الاتجاه الرجعي الذي اخذنا فيه الفيلم وكأن العودة للجذور هي الحل!!

 لا أتفق هنا مع الكاتبة وأتعجب من تجاهلها لالاف الصراعات التى تولد بين النساء الحالمات بالسير خارج قطيع المجتمع الابوي ليخرجهن مبتورات مشوهات معاقبات على أحلامهن.

 الالاف يفدن من الهامش الى القاهرة المركز، يأملن في تحقيق الكثير من الأحلام والمزيد  من الحرية، في مقابل التضحية بالامان والدعم الاسري ،هكذا تسير الامور في علاقات البنوة القائمة على الملكية الفظة، الولاية على أجساد النساء وعقولهن، ذكرت الكاتبة في الفيلم كيف كان عقاب عايدة من أبيها ومقاطعته لها لمجرد أنها رأت نفسها فنانة وليست طبيبة ، الامر يتعاظم في قصة مدام سميحة التى بلغت الخمسين وتعيش على هامش مجتمع رفضها وأجبرها على الوحدة والفقر . الامر ليس بهذه البساطة، وليست  بمقدورنا التسامح مع الناس بهذه البساطة متناسين سنوات الالم والتنكيل التى حظينا بها معاقبة ، لا يمكنني أن أرى عايدة مستقرة في حضن أم لا تعرفها بل وفي بيت ينتظر لحظة طردها “لبيت العدل” كل يوم. اما عايدة الاتية من منطقة الفعل بالحياة لا يمكنها ان تظل واختها التى لم تفهمها في لحظة الترحيب والوحشة الاولى على الباب ، وان تتحرك للا فعل وتظل عبئا على اختها غير مرغوب فيه .

كنت ارغب ان تعود سميحة وعايدة إلى الجذور، جذور الحلم المتأصلة فيهن ، والتي أمدتهن بالطاقة لسنوات من التضحية والتنازل ، الجذر هو البلاتوه ، هو الصوت التى حلمن كلاهما بوصوله الى اذان العالم ،هو الانين الذي طال في لحظات التأمل كل ليلة ، مراجعة الذات والتردد في كل خطوة ، هزيمة الخوف والسير عدوا وراء التجربة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة وباحثة في شؤون المرأة

مقالات من نفس القسم