كنتُ غاضبة ..

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 28
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
كنت غاضبة منك فعلًا، وتذكرت المرات التي لا تعد على اليدين التي اختلفنا فيها، المرات التي قررنا أنها النهاية فعلًا، ثم وبدون إدراك كنا نعود ، كنت غاضبة فعلًا صدقني ،ثم تذكرت سعادتي الطفولية عندما رأيتك ، تذكرت نحيبي في آخر مرة التقينا ، تذكرت تعلقي برقبتك ، يدي دون دراية مني وهي تقبض على يدك فأخذت في البكاء

كنتُ غاضبة منك، ثم قرأتُ ما كتبتُ خلال العام، وابتسمت ، تذكرت كم أنت رائع وكم أنا طفلة، كم كنت حنون وكم كنتُ مجنونة فعلًا، أنا امرأة مهووسة تمامًا ، أغلب الأشياء أو علها كلها تحمل النقيضين معًا ، وأنت ثابت في الأرض ، كوتدٍ ، كجذورٍ متغلغلة في الأرض ، كجبلٍ لا يهتز .

كنتُ غاضبة، ومر العام في رأسي ورأيتُ خط يدك، قرأتُ ما كتبت لي فابتسمت وقلتُ “يا لخطك السيء” تذكرتك، وأنت متجل أمامي كاملًا لا نقصان فيك، منهمك في الكتابة ، تحاول أن تقبض على الحرف لئلا تفر منك، وأنا أحاول أن أقبض على الوقت لئلا يفر مني ، أن أقبض على اللحظة ، أوقفها تمامًا، أحفظها عن ظهر قلب، أنك هنا أمامي ، ما من شريك لك ، وأنني لحظي السعيد أشاركك اللحظة .

كنت غاضبة منك، ثم تذكرت المرات الكثيرة التي كنت فزعة فيها ، خائفة ، قلقة ، مضطربة ، وجاء صوتك دافئًا ، هادئًا ، حنوناً من أقصى بقاع الأرض ليطمئنني ، بكل حب ، تذكرت تكرار الأمر لأيام متواصلة دون ملل منك .

تذكرت وأدركت كم أنا حمقاء لغضبي منك و كم كنت يائسة في محاولات البعد عنك ، تذكرت وأدركت كم أفتقدك وكم توغلت بلطف داخلي .

كنت غاضبة منك فعلًا، وتذكرت المرات التي لا تعد على اليدين التي اختلفنا فيها، المرات التي قررنا أنها النهاية فعلًا، ثم وبدون إدراك كنا نعود ، كنت غاضبة فعلًا صدقني ،ثم تذكرت سعادتي الطفولية عندما رأيتك ، تذكرت نحيبي في آخر مرة التقينا ، تذكرت تعلقي برقبتك ، يدي دون دراية مني وهي تقبض على يدك فأخذت في البكاء .

كنت غاضبة ، صدقني ،وشعرت بالحقد عليك ، ثم تذكرت أنك رويت لي قصة لأنام ، تذكرت أني طفلتك وصغيرتك ، تذكرت أني غضبت منك كثيرًا كثيرًا ولا أذكر الآن لماذا ؟ ، تذكرت أني أحبك ، فغضبت أكثر ، ثم تذكرت أني أحبك أكثر فهدأت ، ثم شعرت أني افتقدك فملأت عيني الدموع ، وتذكرت أنك نائم فحقدتُ عليك ، ثم تذكرت أنك مُتعب فاشفقت عليك ،ونسيت غضبي وحقدي ، وأردتُ أن أمسح على رأسك ، فتذكرت أنك لست هنا فغضبت ، ثم تذكرت أنني لم أكن لأصدق أن نصل إلى هنا فابتسمت ، فأردتُ أن أقبلك طويلًا ، ولم أجدك فغضبت مرة أخرى ، ثم أفكر أن علي أن أنهي الجدال الطويل وأن علي أن أطفيء الشوق داخلي ، فأجد أن الشوق لن يخمد

وأن حبي لم يتوقف ، وأن غضبي لم يهدأ ، وأنني امرأة كاللهب وأنك هاديء ، هاديء كنسيم ربيعي ، فأعرف في قرارة نفسي أن هذا سيستمر طويلًا ، وأنك غارق لا محالة في اشتعالي ، وأنني يومًا ما ، سأقتلك .

كنتُ غاضبة منك، أقسم لك !  ولا أذكر الآن شيء سوى أنك نائم ، وأنني أريد التسلل لأحلامك وأن ” أحرس نومك من شوكة حاسدة “

أنت نائم ،وأنا نسيتُ غضبي وأفكر في طريقة مُجدية تجعلني أحلم بك ، أو أن نتلاقى كلانا في نفس الحلم وكأنه موعد مسبق وفي اليوم التالي نكون قد احتفظنا بذات التفاصيل معًا .

سأكرر اسمك عشر مرات وأتذكر آخر مرة التقينا بها – لتكون البداية .

كنت غاضبة منك ، ولو قلت أي شيء أي شيء ، كنتُ سأصفو في ذات اللحظة ، وأنا أذكر نفسي الآن بذلك بأنني كنت غاضبة منك لأنني ” بلا ولا شي ” صفوت ، ولأنني صباحًا بمجرد أن تقول “صباح الفل ” سابتسم ابتسامة عريضة وأنسى أنني كنتُ غاضبة منك .

كنتُ غاضبة منك ، وابتسمتُ بلا سبب ، ثم تذكرت أن ” منك ” ، تعني أنت ، وأنه .. أنت .. أنت ، ولا أحد سواك ، فابتسمت لأنه أنت ، ولأنني ابتسم بسبب أي شيء يخصك ، وإن كان حرف .. فقط ! لأنه عائد عليك أنت .

كنتُ غاضبة منك ، فأخذتُ أكتب وأكتب وكلما كتبت أحببت ما كتبت لأنه عنك ولك ، وكلما كتبت رأيت ما لا أرى ، وأنني لستُ عالقة بك ولا أنك متوغل بي ، لقد نمَوتَ داخلي ، لا كطفلٍ لا كمرضٍ ، بل كحياةٍ ابتدأت بك ولك .

كنتُ غاضبة منك ، ثم تذكرت المسافة بين كتفك ورقبتك وأنني يوماً ما في لحظة ما ، سكنتُ هناك وأن هناك أمانًا أخترق قلبي وروحي ، وأنني ذُهلتُ من حضورك وكدتُ أقطع يدي من عطرك .

كنتُ غاضبة منك ، وشردت بفكري وتساءلت كيف لرجل أن يفعل هذا بامرأة ؟ لا ، كيف لرجل أن يفعل هذا بي ؟ ثم تذكرتُ نظرتك لي ، فاهتز قلبي وارتعد ، فأجد أن ما من خلاص من الأسئلة وما من نهاية معك إلا ولها بداية بك ، وأنني كلما عثرت على سؤال كنت أنت الإجابة ، فكيف إذا كنت السؤال نفسه ؟ وكيف إن كانت كل الإجابات منقوصة وأنت الكمال الوحيد .

وشردتُ أكثر ووجدت أنك دائرتي وخطي المستقيم، وأن الحياة فعلًا لا تستقيم بدونك ، وكل الدوائر لا مخرج منها إلا بمفتاحك .

.

كنت غاضبة منك ، وسأغضب كثيرًا على الأرجح ، وسأنسى دائمًا لم فعلت ، لكني سأذكر للأبد أن بفضلك تأكدت أن فعلًا لي قلب ، وأنه يا للمفاجأة يعمل! وأن شفتي ليستا لتزين وجهي فقط، وأن يديك أعادت رسم حدود جسدي .

كنت غاضبة منك ، كنت كذلك جدًا ، حتى أنني بكيتُ ، كنتُ لمدة عام كلما غضبت أتساءل كيف يمكنني أن أغضب من أحد ثم أظل أحبه ؟ أريدُ أن أراه ؟ وكيف يتحول الغضب في لحظة لشعورٍ بالحنان ؟ أو كيف يختفي تماماً وكأنه لم يوجد ، يا لمعجزاتك !

كنت غاضبة وكنتُ ، لكني الآن أريد أن أراك ، أخبئك داخلي ، أغفو عليك كحلمٍ ولايهم أن أصحو .

كنتُ غاضبة فعلاً ؟

لا أذكر أني فعلت .

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون