كرم يوسف: نشري لرسائل فان جوخ “شغف شخصي”

277.jpg
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاورتها: إيمان علي      

«خطابات فان جوخ عمل مهم، سواء كنت مهتمّا بالفن، أو النفس البشرية أو حتى الأدب». هكذا تُصدّر دار الكتب خان مجلّدها الضخم «المخلص دوما، فنسنت»، ويضم رسائل الفنان الهولندى الأبرز، لأوّل مرّة بالعربية. ويمكننا اعتباره «مرثية فنية» لحياة هذا الرجل الذى بدا وحيدا، متفرّدا بأفكاره وتطلّعاته ومزاجه وعلّته.

حاورتها: إيمان علي     

«خطابات فان جوخ عمل مهم، سواء كنت مهتمّا بالفن، أو النفس البشرية أو حتى الأدب». هكذا تُصدّر دار الكتب خان مجلّدها الضخم «المخلص دوما، فنسنت»، ويضم رسائل الفنان الهولندى الأبرز، لأوّل مرّة بالعربية. ويمكننا اعتباره «مرثية فنية» لحياة هذا الرجل الذى بدا وحيدا، متفرّدا بأفكاره وتطلّعاته ومزاجه وعلّته.

المجلّد الذى يُقارب الـ1300 صفحة، ويتّخذ عنوانا فرعيا هو «الجواهر من رسائل فان جوخ»؛ يسمح بالاندماج مع تلك الخطابات التى كتبها فنسنت فيما يُشبه اليوميّات والمفكّرات لكنّها مُرسلة بالبريد. فى ترجمة عذبة وسلسة للغاية، قدمها ياسر عبد اللطيف ومحمد مجدى، وعاونهما الفنان عادل السيوى، فى ترجمة بعض مصطلحات فنون التصوير والحفر.

لا شك أنّنا أمام عمل جاد، يجذب جمهورا مُحبّا للفنون، ولقصص انتحار العظماء.

هل كتب فان جوخ قصة موت أغلى من الحياة؟!

متعة خالصة؛ أتاحتها الكتب خان مؤخرا فى طبعتها المُعتنى بها. وإن كانت فجّرت اللغم داخل قطعة البونبون.

هنا مساحة، للاقتراب من صورة الفنان الأديب والناقد. وتطرح علينا السيّدة كرم يوسف، مديرة وصاحبة «الكتب خان» ناشرة الكتاب، فى حوار قصير، أفكارها وشغفها فى النشر والقراءة، وانطباعاتها عن استقبال سوق القراءة لهذا الكتاب «السفر».. فأسألها:

>لو جاز تقييم سعر أى كتاب بجودة طباعته، وهذا هو السائد، إلى جانب قيمته الفنية والأدبية، التى قد تأتى أحيانا فى المرتبة الثانية، كيف تُواجه الدار مثل هذه الأسئلة كتفسير للسعر المرتفع للرسائل، تقريبا سيكون الأغلى فى معرض الكتاب القادم؟

ـ استغرق إنجاز هذا الكتاب ما يُقارب الأربع سنوات. لم نبخل بأى مجهود أو مال.  1300صفحة، بـ350 ألف كلمة من أصل نصف مليون كلمة فى الطبعة الإنجليزية. ناهيك عن التجليد الفاخر، الألوان، الاسكتشات الأصلية. تغليف يدويّ «بالخيط»، غلاف سميك، جاكيت وحزام للغلاف، كل هذا فى مطبعة فى مصر، لو كنت طبعته لدى ناشر لبنانى، وكان عرضا قائما بالفعل، لوصل سعر الكتاب إلى 3 آلاف جنيه. يهمّنا فى المقام الأوّل، المحتوى، جودة الترجمة والإضافة الأدبية، مشروع مثل رسائل فان جوخ بالعربية للمرّة الأولى لن يحدث كل يوم، أنا سعيدة وفخورة جدا بهذا الإنجاز.

تستدرك: أتفهّم أن الناس مشغولة بأشياء أخرى أكثر حيوية فى ظل الغلاء، لكن الناشر المصرى يعمل تحت ظروف صعبة للغاية. التكاليف العالية لإنتاج الكتاب، تعويم الجنيه، الأحبار، استيراد الورق، يهون كل هذا أمام كتاب ملهم جدا جدا ككتاب الرسائل هو مهمّ لأى قارئ، الجميل فى الأمر أن صادف صدور الكتاب عرض فيلم «المحب فينسنت» فى السينما هنا فى مصر، هذه مصادفة ظريفة، ضمنت محفّزا إضافيا لاقتناء الكتاب، ورواجه بين دوائر النخبة والشباب المحبّين للسينما.

> إلى جانب هؤلاء؛ هل تتوقّعين جمهورا واسعا للكتاب ونحن على أبواب المعرض؟

هذا كتاب غير عاديّ، كتاب فن عن الفن وفى الفن يحتاج قارئا واعيا، ليس فقط متخصّصا يُمكنه أن يجتذب أيضا أى قارئ، من أى نوع، وأى فئة عمرية، هناك فئة القرّاء المأخوذة بأدب المراسلات، وتقتنى كتب الرسائل، تُفتّش عنها تفتيشا ستكون رسائل فان جوخ لهؤلاء غنيمة، هناك الفنّانون بشكل عام؛ هذا كتاب للقارئ الجاد وهو جمهور «الكتب خان» الأوّل.

بالمناسبة سنحدّد سعرا خاصا بمناسبة معرض الكتاب، ربما يصل التخفيض إلى النصف وبصفة عامّة؛ أنا على استعداد لبيع نسخ إلى وزارة الثقافة ومكتبات الدولة، ووزارة التربية والتعليم مثلا، بخصم كبير، 100 نسخة مثلا فى نفس طبعتها الفاخرة، لكن مستحيل أن يأتى يوم، تكون المكتبات العامة على استعداد لعرض كتب دور النشر الخاصة على أرففها، هذا محض خيالٍ وأمانى فى بلادنا، لن أتحدّث عن مشاكل الرقابة والتوزيع.

>لكن السؤال الذى يُفترض أن يفتتح حديثنا: ما الذى دعاك للتفكير فى مثل هذا المشروع؟

شغف شخصى منذ البداية. أتذكّر لوحات فان جوخ داخل وعلى أغلفة مجلات ميكى وسوبر ميكي. شاهدتُ فى المراحل الأولى من شبابى فيلما عنه بطولة كيرك دوجلاس اقتنيت كتابا، وأنا فى الجامعة، عن فنّه ولوحاته وسيرة حياته، كان من مكتبة لينر آند لاندروك فى أوائل التسعينيات، سافرت إلى هولندا وزرت متحفه وهناك رأيت الخطابات لأوّل مرّة. كان المتحف وقتها خاضعا لأعمال ترميم وتجديد، ووقع الاختيار على أثرى يابانيّ هو من قام بعمليات تطوير المبنى، أتذكّر كيف سلبتنى لوحاته، ومن شدّة ما كنت متيّمة؛ فجأة وأنا إلى جوار إحدى اللوحات علا صوت صافرة إنذار، كان تعليق الحارس أننى ربما اقتربت زيادة عن الحد المسموح من اللوحة. بعد عودتى من هولندا؛ صرتُ كأننى مأخوذة بفان جوخ أقتنى كل ما تقع عليه عيناى من طبعات للخطابات، ومفكّرات من كتاباته جذبتنى الرحلة إلى أى مدى تعذّب لوحة آكلو البطاطا موجودة عندى فى زاوية ما ثم بدأ التفكير جديّا فى نشر شيء عن فان جوخ.

من 12عاما بالتحديد، فكرّنا فى ترجمة الخطابات وكان الشغل الشاغل من أين نأتى بالحقوق، صحيح الخطابات متاحة على الإنترنت، وبالصور، لكن كل شيء تابع للمتحف، ومؤسسة الآداب الهولندية، التى راسلناها بالأخير، وهى من قدّمت دعما للكتاب، أقول وأؤكد أنه دعم جزئي.

> «ماذا يعنى دعم جزئى»؟

كلام بسيط! الحقوق على سبيل المثال. كانت الهيئة كذلك على استعداد لإمدادنا بنسخ لوحات من متاحف أخرى حول العالم، من بينها لوحة غرفة نومه الشهيرة التى تُزيّن متحف متروبوليتان فى نيويورك. بالأخير نحن فى الكتب خان ليس كأى ناشر ليس عنده ما يُقدّمه، ومُجرّد «بياكل عيش».

> لكن نفهم من الدعم، أنه مادى فى جزء كبير منه، بالتالى لم تتكلّف الدار تقريبا فى إصدار هذا الكتاب، ربما أيضا لم تتكلّف حقوق المترجمين؟

انظرى، يصدر عن دارنا على مدار العام 15 عنوانا فقط. بالأخير أنا أقدّم الكتب التى أحبّ أن أقدّمها لقارئ مثقف جاد. أقدّم كتابا بشكل لائق، يليق بقارئى، ونتعب كثيرا حتى نوزّع الكتب التى ننشرها. أنا حسمت الأمر منذ فكّرت فى إدخال «الكتب خان» إلى عالم النشر. فى النهاية؛ أنا ناشر صغير ومحكومة بظروف سيئة للغاية. تودّين الكلام عن الدعم؛ أقول لك all by my own money. ما تترجمه «الكتب خان» وتنشره من عناوين؛ لن يجدها أحد على قوائم وكتالوجات الدعم. ومعروف أن مشاريع الدعم تجتذب عناوين بعينها وموضوعات بعيدة تماما عن خطّة النشر فى الكتب خان.

……………

*نقلا عن مجلة روزاليوسف

 

 

مقالات من نفس القسم