قصتان

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد المسعودي

الحلم المبتور

رن الهاتف...

رن الهاتف رنته المزعجة في لحظة كان الحلم يسير بي بين دروب ظليلة وقد هبت علي نسائم محبة لا يمكن وصفها.. كنت في غاية المتعة، لكن الرنة المزعجة بترت الحلم وشتتت بهاءه...

حينما حملته من فوق طاولة السرير الصغيرة ونظرت إلى شاشته، كان رقم صديق آثرت أن لا أهاتفه في تلك الساعة طمعا في العودة إلى النوم.. لم تكن الساعة قد تجاوزت الثامنة صباحا من يوم أحد.. وهو يوم عطلتي الأسبوعية الذي أحبذ أن أتأخر فيه مسترخيا في فراشي حتى لو أفقت مبكرا…

رن الهاتف رنته المزعجة غير المتوقعة حين كانت الصور العذبة، والظلال المتخيلة تنقلني إلى عوالم فردوسية من اللذة… لعنت الهاتف.. ولعنت من صنعه.. ولعنت الصديق الذي سولت له نفسه أن يهاتفني صباح هذا الأحد لأنه بتر حلمي، وانتشلني من حالة نشوة لم أشعر بها من زمان بعيد وأنا أعيش في خضم حلم من الأحلام.

أطفأت الهاتف.. بل نزعت بطاريته بالمرة حتى لا يزعجني بأي شكل من الأشكال، وعدت إلى نومي، وفي أعماقي كنت أستجدي لا شعوري أن يعود بي إلى المشاهد التي كانت تترى على مخيلتي منذ لحظات قليلة.. كنت أستجدي لحظات دفء إنساني لا أكاد أعرفه واقعا… لكن دون جدوى.

تقلبت يمينا وشمالا… شددت الغطاء علي شدا لأحس بالدفء أكثر في هذا الأحد البارد الماطر غير أن الحلم أبى أن يعود… ظل حلمي مبتورا ناقصا.. وظلت نتف منه تراودني وتشغلني طوال يومي.. وظلت حسرة خفية تعتمل بدواخلي لم أتمكن من الخلاص منها..

رن الهاتف رنته المعدنية المزعجة حينما كنت أشهد أحلى لحظة يمكن أن يحلم بها فتى مراهق أعزب.. أجمل لقطة تجود بها هلاوسه ورغائبه وآماله: أن يضم بين ذراعيه حبيبته، وقد زفتها إليه أمه، وهي تخاطبه:

-ها هي زوجتك.. ضعها بين جوانحك.. أحبها..

كانت الحبيبة الرقيقة الباسمة الباسقة المشعة وسط الظلال الكثيفة المهومة من حولي تسير فوق هالة نسيم مشع، وتنفث عطرا مدوخا ساحرا.. وحينما أوشكت أن ترتمي في أحضاني.. وألفها بين ذراعي رن الهاتف… رن الهاتف… رن الهاتف… فتبخرت الحبيبة.. وحرمت من ضم كيانها الأثيري حتى في الحلم..

صرت ألعن الهاتف.. ومن اخترع الهاتف الذي دخل مراقدنا وصار ينغص علينا حياتنا واقعا وخيالا.. وصرت ألعن طيف الحبيبة الذي لم يُسرع في مشيه نحوي ليحقق لذة، ومتعة، ونشوة تبخرت بسبب رنين هاتف غبي…

………………..

نصائح ذهبية غالية للفوز بكأس العالم في دورة (2018) بالبلاد الروسية!

 

من المواطن المغربي أبي                                         إلى مدرب الفريق الوطني لكرة القدم

حيان التوحيدي الطنجي                                           السيد هيرفي رونار

 

الموضوع: تقديم نصائح ذهبية غالية للفوز بكأس العالم في دورة (2018) بالبلاد الروسية.

 

سلام تام بوجود مولانا الإمام،

وبعد،

اسمح لي سيدي الكريم أن أتطفل على ميدانك، وأن أقتحم عليك سكونك، وأن أشغل فكرك بما سأقترحه عليك، خاصة أنك تستعد لما سيأتي، وأنك تقوم بواجبك الوطني –الذي تضطلع به على أكمل وجه، وخيرا منا جميعا نحن أبناء هذا الوطن !– بما لا يُشق له غبار. فلله درك.

ونظرا إلى جهودك القصوى التي تبذلها، ومعاناتك التي لا تُحد وأنت تدبر أمر الفريق الوطني، وتخطط لفوزه، والوصول على الأقل أثناء منافسات كأس العالم إلى ربعه، جعلتني أُشفق عليك، وأن أسوق إليك هذه النصائح الذهبية التي ستجعل فريقنا المغربي ينتصر على البرتغال وإيران، وجنس الإسبان، والإنس والجان. وتأكد سيدي أن ما سأقترحه عليك، سيجعلك، ليس تبني فريقا كرويا مغربيا متماسكا فحسب، بل سيجعل المغرب، وبحول الله وقوته، يحصل على كأس العالم خلال هذه الدورة بالديار الروسية، وأن يكون له السبق عربيا وإفريقيا في تحقيق هذه المعجزة. وقد تفتح السيد هيرفي رونار فمك مشدوها، وتقول في نفسك: ما بال أبو حيان التوحيدي الطنجي هذا يخرف؟ هل ما يزعمه معقول؟ وهل يمكن للفريق المغربي الذي أدربه أن يحقق هذا السبق التاريخي عربيا وإفريقيا؟

فأرد، سيدي العزيز، قائلا: نعم.. نعم.. المعجزة ستتحقق بيقين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وذلك بفضل امرأة/معجزة تُسير مديرية تعليم بإحدى مدن الشمال الآن، وهي موهبة ضائعة، لأنها مقبورة في عمل إداري محدود، بينما إمكاناتها أكبر، لهذا عليك أن تأخذ طائرة خاصة، وأن تتجه إليها أنت وكل أعضاء جامعتنا الكروية الموقرة، وأن ترتموا على الأعتاب لاثمين مقبلين، أيدي طاقمها وأرجلهم، منذ باب المديرية وحتى تلجوا عليها حماها، وأن تقبِّلوا منها الأردان والأعطاف لعلها ترضى، وتقبل أن تقوم بمهمة الإدارة والاستشارة معا ضمن طاقمك، وأن تترك عملها الإداري بمديرية التعليم الذي تعض عليه بالنواجذ وتتمسك به بالأيدي والأرجل. وإن قبلتْ سترى بأم عينيك عجبا.. سترى كيف ستصير الأمور، وتسير مجريات الأحداث هناك في روسيا. هذه السيدة المعجزة تملك سحرا عظيما وحكمة لا تضاهى في تدبير كل شيء، لهذا كان الشأن التعليمي بمديرية هذه المديرة العظيمة الشأن الوحيد الذي لا يعرف المشاكل والاختلالات والاضطرابات التي يعرفها تعليمنا المبجل بمستوياته كافة الدنيا والعليا. فبقدرة قادر كانت المدينة التي تدير مديريتها هذه السيدة قد حلت جميع مشاكلها خلال شهر واحد، وشهدت أنجح دخول مدرسي عرفته الكرة الأرضية منذ خلق الله آدم. وأنت، هناك في البلاد الروسية، ما عليك سوى أن تسلم لها مقاليد أمورك، وستجد كل فريق ينازله فريقنا الوطني قد صار فريقك بدون منازع، بحيث ستجد في صفك كل نجوم العالم، وعوض أن يهاجموا مرماك ستجدهم يتجهون نحو مرماهم ليسجلوا الأهداف في مرمى حارسهم. بل أحيانا ستجد نفسك تلعب بواحد وعشرين لاعبا عوض أحد عشر، كلهم يتجهون نحو شبكة الخصم بسحر السيدة التي فاق تأثير حكمتها وقدرتها على تدبير كل سحر الساحرات الشمطاوات.

 فقط، أنصحك سيدي أن لا تستغل الظرف أكثر من اللازم، وأن تسجل في مرمى خصومك مائة إصابة، بل حافظ لهم على ماء الوجه، وسجل أقل عدد من الإصابات حتى يبدو اللعب منطقيا وحتى لا تغضب مافيا الفيفا عليك وعلى فريقنا الوطني المبجل، وتتهم لاعبينا بممارسة الشعوذة والدجل، أو تناول العقاقير المنشطة، وهم من ذلك براء.

وفي إطار سوق النصيحة، دائما، أهمس لك سيدي، اطلب من السيدة إياها أن تمد فريقك الوطني بلاعب متخف يُعد من أدرع السيدة الكبرى، فهو لاعب لا يهدأ تراه صاعدا هابطا الأدراج، يسجل الأهداف عن استحقاق وغير استحقاق، فهو يحل جميع المشاكل وهو يمشي ويجري بحيث تحسبه فيلسوفا مشاء، وبفضله عرفت المديرية نجاحا باهرا في تدبير خصاص الموارد البشرية، وكان تدبيره سابقة، جعلت أوراق الأحباب والأعداء على السواء تختلط.. وبفضل “براق ما تقشع” التي مارسها هذا الداهية، وبسحر سيدته المرأة الحديدية عرف تراب المديرية نجاحا تُحسد عليه. فعليك سيدي به، وأدرجه ضمن أسود الأطلس الذاهبين إلى روسيا لمنازلة إيران وإسبانيا والبرتغال. واعلم سيدي الكريم، أن ما في رأس الجمال في رأس الجمل: والمعنى أن السيدة المديرة الموقرة، ولاعبها الكبير، منذ علما بأني سأوجه رسالتي/نصيحتي هذه إليكم نفثا من سحرهما، فتبلبلت إسبانيا وتلتها إيران.. وسيكون من نتائج دعوة انفصال كاطالونيا أن من تخشاهم على فريقنا من لاعبي الفريق الإسباني من أصل كطالوني قد لا يلتحقون به وإنما سيطلبون الجنسية المغربية للالتحاق بكم، وأن الفريق الإيراني قد يمضي مهزوما مضعضع المعنويات إلى حلبات المنافسة بعدما اهتزت أحوال بلدهم. وما عليك سوى بالبرتغال.. وأمرها سيكون هينا… ولهذا أهنئك منذ الآن بالمرور إلى الدور الثاني، وما عليك سوى مناطحة من تبقى من الفرق الأخرى.. لكن عليك بما طلبته منك.. فلا تتأخر.. وبالله التوفيق.. وعاش السيد هيرفي رونار.. ومستشارته السيدة الحديدية ولاعبها المبجل.. و”الكأس هذا العام لنا لا لغيرنا”.. هذا شعارنا هذه الدورة في الديار الروسية…

                                                                والسلام

                         ناصحكم الأمين: أبو حيان التوحيدي الطنجي غفر الله له. 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون