فنجان إسبرسو وأحلام مؤجلة

موقع الكتابة الثقافي art 47
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سارة يوسف

1/

لا أحد يعلم متى تأتى أجمل اللحظات؟ ربما غداً، أو بعد ساعة، وربما الحين، هذا الحين.. منذ عدة سنوات قابلت إحداهن، كانت ثائرة جميلة تقف على باب الأربعين وحيدة، وقتها تعجبت كيف ما زالت وحيدة رغم كل شيء..الْيَوْمَ فحسب أدركت أن ذلك ممكن، بل وعادي، عادي جداً، ويحدث كل يوم في هذا الزمان .

2/

لا أخاف من غدي، ولكن ماذا سيحدث لو لم يحدث أي شيء؟ ماذا لو طال المشوار؟ لو تباعدت أيدينا في الغد؟ لو ضاع كل ما قرأت سدى؟ لو تحققت نبوءة صديقة قديمة بأننا سنسكن معا،ً وحيدتين نصبح حتى نهاية الرحلة .

 3/

في مذكرات الآنسة بريدجيت جونز، كانت في العقد الرابع ولَم تتزوج بعد ..وبات ينتقدها كل من حولها، وهى بريدجيت الإنجليزية الفاتنة الشقراء! فماذا عنا نحن، وهنا! النقطة الأهم أنها لم تكن تبحث عن مجرد زوج، بل عن صديق يحب طبيعتها الساخطة، وسخريتها اللاذعة ونكاتها السيئة وترددها، لا يلومها لو زاد وزنها، ويهديها عمره القادم ويسافر معها لحواديت في بلاد ماوراء الشمس، صديق يحتفى بنجاحها لأنها بعضه الذي يحب.

 4/

تضربني الأفكار ويزدحم رأسي، وتعود الأيام لذكرى مسلسل أرابيسك والذي كان شاهداً على أول قصة حب رأيتَها وانتهت بشكل ميلودرامى. وقتها همست لقلبي أن المؤلف كان قاسياً، لا يرضى بالنهايات السعيدة، والآن بعد مرور هذه السنين أدركت أنه كان محقاً وواقعيًا جدًا.

5/

في درس الشعر الأندلسي بالمعهد الأزهري، هاتف ابن زيدون ولادة قائلاً في نونيته الشهيرة: سران في خاطر الظلماء يكتمنا حتى يكاد لسان الصبح يفشينا.. وقتها احمر وجه المعلمة ورفضت شرح البيت واستغفرت الله ولعنت الاثنين.. بعدها بعام جاء معلم آخر ولما سألناه أخبرنا أن ولادة كانت أجمل من في الأندلس إلا أنه لم يتبق من قصة الحب هذه سوى تلك النونية .

6/

علمنى شيخى – بالتوازى مع حفظ القرآن- أن أحلم، ومن يومها وأنا أحلم، حتى حين رحل هو ومن قبله أبي.. ولما تضيق الأحوال، أغمض عينى فيأتينى الحلم بمزيد من ليالي الجٌمعة في ساحة البيت القديم والعديد من أكواب الشاي والقهوة ولقمة القاضي والعروس الورقية.

7/

تستهل رضوى عاشور قصة في مجموعة تقارير السيدة راء بمطلع قصيده بعنوان ماذا تفعل لحلم مؤجل؟! وهذا سؤال يوجع الروح قبل العقل. فنجان الاسبرسو بمقهى مطل على نهر البو، أستكين بجواره في ركن بجروبي عدلي ونتناول الآيس كريم بالصودا، تذكرة السينما التي أرهقها النسيان، اللحظة التى تجعل الاثنين واحدا. وجواباً ينسل للقلب: ومتى كان مايتمناه المرء يدركه؟

 8/

في ذكرى ميلادى يزورنى التعب وأجتر ما فات على مهل.. أما هذه المرة فلما لا نختبر فعل التمني، فماذا لو كان هناك من بعيد قارب نجاة وحيد في الإنتظار، يوعد بمزيد من الشٍعر والسفر وفطائر الجبنة والقهوة السريعة كما أحبها، وتذكرة سينما ورفقة آمل أن تدوم.

 

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار