على أطراف الأصابع.. الانفتاح على جماليات الأدب

على أطراف الأصابع.. الانفتاح على جماليات الأدب
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حسن عبد الموجود

 في يومياته الصادرة عن دار "العين" بعنوان " على أطراف الأصابع " يدمر مصطفى ذكري الصيغة الكلاسيكية

لكتابة اليوميات ، حيث لا تعدو مجرد مشاهد وخواطر وأحداث ، إنما يمكن من خلالها مراجعة الثوابت ، وتسريب الافكار حول ما يشاهده الكاتب أو يعيشه أو يتقاطع معه حتى ولو كان ذهنيا . ثمة شىء مشع في هذه اليوميات ، ربما طريقة الربط بين تفاصيل العالم ، بين قراءات الكاتب وبين ما يكتب عنه ، بين المعلومات والافكار التي يحاول تسريبها . إن الخبرة وحدها هى التي تجعل من المعلومات إما محاولة لفهم العالم كما يفعل ذكري الذي يضفر هذه المعلومات بالكتابة لتصبح مثل موسيقى تصويرية خاصة بفيلم سينمائي ، وهكذا تفارق اليوميات منطقة العادي وتنفتح على جماليات النص الأدبي !

نحن قد نرفض بعضا مما يكتبه مصطفى غير أننا لا نرفض منطقه في التفكير ، ألسنا ضد تأليه الأشخاص ؟

لا ينظر ذكري إلى رامبو باعتباره شهابا في سماء الشعر الحديث ، كانت صوره الشعريه الغنائية المأخوذه بوحي من ربات الفنون الإغريقية والشخصيات التاريخية والخطابة بثوبها الشيشروني لا تحقق له أية متعة جمالية

” كنت أفضل القراءة عن سيرته الذاتية طالما أن إنجازه الوحيد كما أراه يكمن في الجمع المراهق بين الشعر والتجارة ” ، وهكذا لا يصبح رامبو ” مهندس العالم ” وإنما يأخذ مكانه الطبيعي في كادر الضحايا !

كما أن الدأب على القراءة قد لا يحمل المعنى الإيجابي دائما ، ولكنه قد يثير الغيظ كما في حالة نجيب محفوظ : ” كنت أصطدم بطريق الصدفة طوال سنوات بذوق الرجل الكبير عندما يتحدث عن الكتاب الذين يحبهم ، وعلى رأس قائمته المفضلة العراب الروسي تولستوي ، وهذا مناسب كثيرا لذوقه التقليدي ، لكنه عندما يذكر دوستويفسكي أو بروست أو كافكا ، كنت أتميز غيظا ، وأقول في نفسي : ما له ومال هؤلاء ؟ ” ، رفض ذكري هنا نابع من كراهيته فكرة التجاور الفني التي يحاول البعض إعلاءها ، وهذا مبرر في كتاب لا يحتفي إلا بالجماليات التي يعشقها مؤلفه!.

ثمة حالات طفولية يعطيها ذكري مساحتها ، منها الهواجس غير المفهومة التي تضغط على العقل ، ومنها هاجس ابنة شارلي شابلن وأمه . أخرج الممثل ريتشارد أتنبرو فيلما عن شابلن ، وكانت جيرالدين ابنة شابلن تقوم في الفيلم بدور أم شابلن : ” ظلت المفارقة معي سنوات ، الابنة هى الأم في الوقت ذاته ، ولما كانت الحقائق الواقعية تستوي عندي مع الحقائق الخيالية ، فقد بقيت المفارقة تضغط على عقلي من حين إلى لآخر مثل أعراض مرض يزدهر بشكل دوري” !

يحاول ذكري في يومياته أن يفهم العالم ، يسخر ويعلي ويحط من قيمة أفكار البعض رافضا مبدأ التجاور الفني ، فأحيانا نحن نحتاج إلى استخدام ” أفعل التفضيل ” رغم مخاطرها الشديدة في تكوين أعداء

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم