علاء الديب.. وقفة معه قبل المنحدر

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد الشماع

لا تملك إلا أن تحترمه وتقدره أديبا كبيرا وناقدًا عظيمًا، ولا تملك إلا أن توقره وتعشقه إنسانا محترمًا ونفسا طيبة. هو بالتأكيد ليس نجما من نجوم المؤتمرات الثقافية، ولم يكن عضوًا في الحظيرة المقربة لعلية القوم، كان يكره المحاسيب، لذلك تراه مكتشفا للمواهب الشابة.

 

هكذا علمني علاء الديب

لم ينزلق قط لمعارك رخيصة، لن تجدي ولن تثمن، رأيانه شامخا في كل

الأوقات، حتي في المحنة الكبري، وهو علي فراش المرض، وفي غرفة العمليات يجري الجراحة الكبري في القلب. وحتي وهو يقف وقفته المهمة قبل المنحدر، اختار أن يكون عظيما، يقدم أوراقا لمثقف مصري وصف بالمحيرة والكئيبة، لكن يا للعجب هي في الوقت ذاته صادقة وحقيقية.

هكذا كان علاء الديب

كثيرون من يتحدثون عن الماضي والتاريخ، وكثيرون من يتحدثون عن المستقبل، هو لا ينكر أحدا، يظل محتفظا بأولئك وهؤلاء، يظل محتفظا بذاكرة لا تنضب من المواقف والأعمال الإبداعية، ويظل مبصرًا لواقع مصر، حاضرا ومستقبلا، لا يصادر الحلم عنا، ولا يهتم كثيرا بواقعية الأشياء وسوادها إذا كانت كذلك، هو فقط قال لي إن من حقي أن أحلم بمستقبل أعظم لي ولوطني وقت أن هاتفته بعيد الثورة. كنت مشتاقا وعندي لوعة لأن أعرف رأيه فيما يحدث بميدان التحرير، كان مقتضبا في كلامه، وأنهي المكالمة بـ “ربنا معاكو.. استمروا في الحلم”. لكنه بعد شهور من الثورة، قال إنّ الثورات موجات، فنحن نعيش إحدي هذه الموجات، والموجات القادمة ستكون أقوي وأكثر حسماً، بعدما اكتسب الشباب الخبرات التي تجنبهم أخطاء تناثر قوي شباب الثورة، وتفتتها، مما أفسح المجال لسيطرة المؤسسة العسكرية، والتيارات المتأسلمة. الديب ولد مع نشوب الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في العام 1939، ولد في قلب القاهرة، في منطقة مصر القديمة، حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في أوج مجد جيل ثورة يوليو، وبالتحديد في العام 1960 كان عبد الناصر وقتها يتحدث عن العزة والكرامة والمجد المنتظر، وكان الديب ضمن الجيل الذي كان يحدثه الزعيم الخالد في كل خطاباته.

ظل منذ تأسيس جريدة “القاهرة” – التي أنتمي إليها، قارئا، قبل أن أكون محررًا في القسم الثقافي والأدبي – وطوال عشر سنوات مستشاراً أدبياً يقرأ المواد الأدبية التي ترسلها له الصحيفة، كما أنه يكتب مقالا في جريدتنا تحت عنوان “كتاب في كلمة، وكلمة في كتاب”. كما كان ملهما لأجيال من النقاد والمبدعين، لعشرات السنين يقدم لهم عصيرا للكتب، الذي كان أحد أهم الأبواب الثقافية في تاريخ الأدب والثقافة المصرية، في مجلة صباح الخير. له من القصص القصيرة، مجموعة “القاهرة” التي كتبها العام 1964، وكذلك “صباح الجمعة” 1970، و”المسافر الأبدي” 1999، و”الشيخة”، و”الحصان الأجوف”، فيما له من الروايات خمس، هي “زهرة الليمون”، التي كتبها العام 1978، و”أطفال بلا دموع” 1989، و”قمر علي المستنقع” 1993، و”عيون البنفسج” 1999، و”أيام وردية”. كما ترجم مسرحية صمويل بيكيت، “لعبة النهاية” في العام 1961، و”امرأة في الثلاثين”، ومجموعة قصص مختارة من كتابات هنري ميلر عام 1980 فيما كتب الحوار العربي لفيلم المومياء، الذي أخرجه شادي عبدالسلام، في العام 1965. أما عن “وقفة قبل المنحدر”، فيطول الحديث، ولكن المقام لا يتسع لذلك، تماما مثل عمله العظيم “عصير الكتب” الذي طبعته دار الشروق منذ أعوام قليلة، ويقدم نبذة عن مائة وأحد عشر كتابا في الرواية والقصة والرواية والشعر والسياسة والاجتماع والموسيقي والتاريخ. الديب حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلي للثقافة، عام 2001.

هذا هو علاء الديب

الذي خذلته المؤسسة الرسمية مرارا، ولا زالت تخذله بجهل وصلف لا يليق ببني البشر. لن نسمح يا مولانا أن تمسك رياح الجهل، لن نسمح أن تطالك يد العابثين بتاريخ الإبداع في مصر، لن نسمح ولن تسمح معنا، طالما يلازمنا الشهيق والزفير. لن نسمح ولن تسمح معنا يا أستاذ علاء.

 

مقالات من نفس القسم