صامويل بيكيت ”عدمي جدا”كي يحصل على جائزة نوبل!            

صمويل بيكيت
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ترجمة: سعيد بوخليط                               

تقديم:

يوم 23أكتوبر1969، حصل صامويل بيكيت على جائزة نوبل للآداب، تتويجا لمجمل عمله، والذي: “عبر تجديده لأشكال الرواية والمسرح، اتخذ مسلك ارتقائه من خلال إقالة إنسان العصر الراهن”. بعد مرور خمسين سنة،عن تلك اللحظة، صارت مضامين الأرشيف التي وثقت لقرار لجنة نوبل، رهن إشارة عموم الجمهور، وبالتالي إماطة اللثام عن خبايا صاخبة جدا تتعلق بمداولات أعضاء اللجنة. 

لقد كشف الأرشيف بهذا الخصوص عن تباين عميق بين أعضاء المؤسسة السويدية حول مسألة منح صامويل بيكيت جائزة نوبل.هكذا انحاز أربعة أعضاء إلى جانب الكاتب الايرلندي، في حين رفض عضوان آخران تتويج بيكيت، بحيث فضَّلا في المقابل أندري مالرو.انقسام أعضاء اللجنة، الذي بقي طي الكتمان حتى الآن، جرت وقائعه تحديدا بين أندريس أوسترلينغ،رئيس اللجنة، ثم كارل راجنار جيرو،السكرتير الدائم.

لم يتحقق إجماع يتفق على رأي واحد، لأن أعضاء لجنة نوبل تجاذبتهم جديا شكوك تحفظت عن ترشح بيكيت للظفر بنوبل للآداب.يقول أوستيرلينغ :”يلزم للأسف أن أصر على التشبث بشكوكي، فيما يتعلق بصامويل بيكيت”. قبل إقراره بعدم معرفته، إن كانت نصوص بيكيت : “ذات طبيعة سلبية جدا أو عدمية”،ينطبق عليها حقا القصد الذي تضمنته وصية ألفرد نوبل.بمعنى،مكافأة عمل : ”أبان عن قوة مثالية”.

رغم إقرار الرئيس بإمكانية تواري خلف سوداوية الكاتب  “دفاعه الضمني عن الإنسانية”، سيعكس دائما عمل بيكيت أمام أنظار أغلبية القراء، مثال :”قصيدة شبح،يميزها احتقار عميق للإنسانية”. 

أما بالنسبة لكارل راجنار جيرو، المناصر المتحمس لصاحب مسرحية “في انتظار غودو”، فالرؤية السوداوية المميزة لريشة بيكيت لم تكن قط تعبيرا عن العدمية.يقول مبررا موقفه:”يصور بيكيت الإنسانية مثلما يراها خلال لحظة اغتيالها الأكثر حدّة ثم بحثه في أعماق انحدارها، لكن حتى مع هذا، توجد إمكانية لرد الاعتبار”.

إن كانت مبررات السكرتير الدائم في نهاية المطاف محقة وهو يناقش  التحفظات التي جابهه بها الطرف الرافض، رغم ذلك لم يهتم أندرس أوستيرلينغ، رئيس اللجنة بإلقاء خطاب تسليم الجائزة، وتكفل راجنار جيرو بالمهمة الثقيلة.

سيؤكد ثانية الخطاب،المتاح آنيا على شبكة الانترنيت،تعليلا لذات الموقف:”لقد ذهب عمل بيكيت صوب الأعماق حيث لايوجد سوى الفكر والشعر المتشائمين اللذين بوسعهما التحول إلى معجزات.فماذا يحدث عندما نبادر إلى طبع ونشر السلبي؟أرقام سحب إيجابية….لأن مكونات العتمة الأكثر عمقا تعكس مصدر النور”. مضيفا :” إنه يضمر حبا للإنسانية ينمو قدر غوصه في أعماق الفظاعة،يأس يلزمه ملامسة أقصى مستويات المعاناة قصد اكتشاف لانهائية حدود التعاطف”.

شكوك، نقاشات قوية أثناء المداولة، تباين الرؤى، جعلت بيكيت نفسه يصف تعيينه  هذا أشبه ب”كارثة”.

أخيرا، وإن قَبِل بيكيت جائزة نوبل، فلن يسافر إلى ستوكهولم لتسلمها،بل ترك الأمر، إلى جيروم ليندون ناشر كتبه.  

……………….

*مصدر المقالة:

Actualités Les univers du livres : 17 – 01 -2020.

        

       

                          

مقالات من نفس القسم