سُونَاتَا القُونقُليز

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 19
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

منعم رحمة

(و لّما كانت الأرضُ تشهَقُ كّلَّ مَاءَ السَّماءِ و بُخارِه، أنزلَ اللهُ التّبلدِى سَقفاً و حِفظا.)

مواجِد الكائنُ العَدَسِّيُ

أيتُها الساهرةُ وّسط الأشجارِ و الكواكِب،

بِشعرِكِ القُرقُدِّيِّ المُدكّنِ بالثِمار

واسِطةُ العِقدِ أنتِ

بين المخاليق،

البّشّر.

يا من إسمُكِ

شَجرة الحَمرة، القُونقليز،التَّبلدِى، البُوحِبَاب، البَّاوباب،

شَجرة القارورة، الشّجرة المقلوبة،  شَجرة خُبز القِرود،

أما إِسمُك العِلمِّيُ

Adansonia

فلا يَعنِينِى بِشئ،

و أُسمِّيك الماجِدةُ الحافِظة

رمزُ ممالِك الأجداد.

……………..

نعم، أعنيكِ أنت بغنائي..

(..إِذ أنت الشجرة المذكورة عندى، و المرصودة فى روايتى (ممالك القونقليز)، كرمز و شعار للسلطنات / الممالك السودانية القديمة،

و القونقليز هو ثمرتك، و أنتِ – أيضاً – مثل تلك الممالك، سامقةٌ عظيمة، و قد يصل إرتفاعك إلى ما بين 25 إلى 30 متراً، و قطر جذعك إلى 11متراً، ذلك الجذع إذا فُرغ من الداخل، قد يسع 45 شخصاً، و يستخدمه أهلنا مخزناً لتجميع مياه الأمطار، و يسع ما بين 16 ألفاً الى 25 ألفا من لترات المياه، يُقابل بها فصل الجفاف عندنا فى غرب الممالك، و الذى يستمر لخمسة اشهرٍ.).

……….

فى البُدءِ..

كَانَ الصهيلُ رياحاً،فجَعل الله الخيول

البحرُ أُجاجاً، ففَرت الله الماء

الأرضُ ميتاً، فكتب الله الأشجار

فى البدءِ..

كَانَ الوردُ ماسخاً، فلقَحهُ الحُب

القلبُ فارغاً، فصار الوطن.

فى البدءِ..

كَانَ العالمُ مُظلماً،

مُجدِباً و مُوحشا،

فأشرقت المرأة..

و عِندَّما إستبطأ الحَنينُ قُدومَها

إستدارَ القمرُ،

و قَامَ شَجرُ القُونقُليزِ.

……

بِشَفَتين نَضَّاخَتين           

تُوشوشِين الفُؤادَ البَّكان،

تُعيئين اللّيل فِى كأسِ فّجر.

بِشَفَتين مِن صُنعِ يَديك

تُحاولين مَسحَ تجاعيد التّبلدى

و طُولِ مَشي اللِّسان القّدم.

بِيدين مِن دّأبِ نّملٍ،

عَصبٍّ خُلُقٍ و حُبٍ

تُصلحين أمرَ النفوسِ،

الفؤوس، الرؤوس..

و تَنسلين البيَاض مِن لّيلِ الشَّعر.

و بَذاتِ اليّدينِ القِوامةِ

تُمروحين النّهار،

تُغافلين الحَياة،

و تُشكمين بُراقَ الزّمن.

بعيدٌ عليك الخِصام

قريبٌ لديك الوئام

إليك تُجبى ثَمراتُ كّل حّي.

…………..

بِحَذاقةِ عَرَّافةٍ، إِصغاءُ ضّب

أطهو الغِياب على مَواقدِ لّيلِ الشّجّن،

و يَبقى شَجرُ خُبزُ القرودِ

نديماً لدّي.

…..

الليلُ وَسوَاسُ النِّهار،

و أنا شجر الباوباب

معصِيةُ السماءِ لِلأرض

و طاووس الماء.

مِرآةُ الماءِ و وّجهه،

فَأشربُ حتّى تَظمأ،                                                                                                                                        

و أشكر لى.

إلى مَتى

تَكنزين الشِّعر فى شّفتيك

و تُماشطين شَعراً

مِن قُرونِ الغَضّب..

إلى مَتى

تَطلبين مَطراً و نهراً بعيد المَصّب.

إلى مَتى

تُخفِّين حُسنُكِ جهرةً

و النّهدُ مِنكِ

إِغواءُ البصيرةِ بالبّصر،

و كّلِ هَندسةِ الهَرم.

….

تَعِبٌ، تَعب..

تُغادرالأظافرُ طِلاءها،

الشِّفاهُ أحمرها،

و يُوغل شَجر البوجاب فى الغّسق،

يِنهنهُةِ الترامِ الرتيبةِ

نفسِها

يُسفِر الّليل عن نَهارهِ

و يَلفُظُ ما وسّق.

…..

فِى بلادِ الفرنجّةِ

يُعرِّفُ الوقتُ نَفسّه

طَعمه و رَائحته،

فتَفرِطُ القِطاراتُ، التُرامات،

المِتروهاتُ، المَركباتُ

فِى غيِّها

حاشِرةً لنا فِى جوفها،

و يُطرِق فِينا التّبلدى.

….

كَتّبتُ، عَزفتُ،

مَلكتُ، رَهنتُ،

نَزّفت..

قلبي جّوالٌ

تتوزّعهُ يُمناً و يساراً كّل الطُرقاتُ

يألفُ دوماً

و يوالِفُ

كُّل سَكنات الأرضِ / الألسنةِ

و يُوحشه دوماً

شجر الدانسونيا..

Adansonia

…..

قَلقٌ قَلقٌ

قَلقٌ يأكلُ مِني لَحمِ الوّجهِ

يُمروِّحُه،

ينقِّرُ إنسان العينين

لِهاة الفّمِ، الرأس

لا يستثني شيئاً..

قلقٌ أعمى ..

 لو غلّقتُ البّاب عليّ

تسّور أطرافَ الأعصابِ

تسرّب بالرّقراق..

و ينقلبُ الشّجرِ المقلوبِ

حَسيراٍ.

…..

هَا أنتَ

و مُذ فارقتُ القُونقليز

تُبدِّلُ ربّاً بِرّب

زّهراً بِوّرد

سَماءاً بأرض

و تكنُزُ اليافِعات مِن القوافِى

فيا لَكَ مِن مَلِكٍ ضِّلّيلٍ

و قمرٍ حيران.

………….

عبثاً تُعابِثُني الجَوارِبُ، المَعَاطِفُ

و الصدور الباسِمة،

عبثاً تُبادلنى الطريق

فأستغيث :

أيُّها المُتَعدِدُون،

أيُّها المُتواطئون،

سَتَكتَفِى مِني النِساءُ بِواحِدة

الحَياةُ بِواحدة،

فَشجرُ الحَمرةِ لا يخون؟

……….

مِن أولٍ خفقةِ بطنٍ،

صرخةِ أُذنٍ،

مثتىً، رباعاً، خِماصاً نطيرُ نحطُ،

و نرشُفُ ثلاثاً سُياعاً.. شعاعاً،

مِن هَدب الغُصّينِ الرطيب،

شفّة النّهرِ و غيمٍ حلوب..

نرشُف شُعاعاً يُلطِّفُ منّا حرّ النِفوسِ و يهدى

السايلةُ نجوى الدّروبِ و مدّ القّدم.

و لنا، لي هذا الشّجر

ظلاً و ثمرة..

للتلاميذِ لها قلب المُغنى..

نشيد العلم.

و لها شعاعٌ يُمازِحُ منى الصّدى،

صوتٌ يبذرُ القمحَ

عرقاً بأرضى..

و يمشى بِخيط النّسيجِ المكَن.

شُعاعك..بأسٌ و آسٌ،

إِنسٌ و ناس،

مكائد مِن دُعاش.

………..

ساقانِ من

سّردِ و مِن رَمحٍ و هيتَّ.

ساقان مِن جينزٍ،

و مِن فعلٍ و غبطّه.

ساقان مِن

خمرٍ و مِن جمرٍ،

و مِن حمأٍ و حبكّة.

ساقان مِن مُلكٍ و مِن نزعٍ

رصدٍ و غفلة.

ساقانِ من روحِ المسيحِ،

لا يبغيان.

ساقانِ من هَدي التّبلدى.

…………

نقتسمُ تفاحةِ المَصِيرِ المشترك

نرضعُ من صدرها حليب التفاهمِ و الإنسجام

نظلُ معاً..

تدفئنا شمسٌ واحدة

يؤانسنا قمرٌ واحد

و تُظلُّنا شجرةُ المعرفة.

و بفرحِ الطفولة كلها،

جَلدِ التبلدى،

نُجّملُ فّم الزمان بِروجَ المعانى

الأُخوةِ، العدلِ، و مِشط التساوى.

معاً نوسّع للأخضر أفئدة و درباً

لنقطُف ثمر التعددِ،

ينا يتَّسعُ البكان معاً..

أجيئك

شريكاً شجيّاً نديّاً،

بخبزِ الصداقة مُفعماً

بالأملُ.

……….

بِأُذنِه التى تَرى

يتحسّسُ الطريقَ و خفقةِ الهواء..

بِعينِه التى لا تطولُ ما يخُطّهُ، يقولهُ الِلسان

يَتسّمعُ المدى..

كما و إِنهُ

بالتأتأة و نّبلِ أُصبعه

يُعيد للصباحِ عُصفُورتّه،

القونقليز حرافته،

الخّد ضَعجّته،

الخريفِ عينته،

هذا الذى كّل حيلته

كفّه

يدّه،

قلبهُ لسانه..

و كّل جوارحه خاصةً و حاجته.

لهُ الندى،

له السّلام أخضرا،

له القِيام،

و من عندِه نَقومُ شجرة الأحلام

شعارها كبرياء إحترام

فى دولّة الإنسان.

………..

حُبّكِ

حُجّتي و محجّتِى

نَاغمتُها

إنتشّت أغصَانُها

و أنا

اُحوِّطُ خِصرَها

يالحَيزيونِ يدى

و أُملِى لها

إنّ مَكري مَكين ؟

ضحكت

مِنها قُطوفاً دَانيات

و شرفات وجدٍ فى ملاينها

و قالت هيت.. هاك :

أنامِلٌ يقظةٍ،

شَغبُ حِنّاء تسلَّقَ نخلةَ السّاقِ

تعَرّج بى

فى سماواتٍ عطاشٍ

غماماتٍ تنثُ رَزازَها

قِدداً

مِن سُبُل الغوايةِ

تُسرجُ نورَها شمسُ الجّسد.

……..

قلبي بيتٌ..

تَلحظه عَينُ الرّحمةِ

تسكُنه،

تطويه و تنشره الأُنثى..

ولساني هُدهُدها،

الواشّى النسناسُ الحدّاث

يِفيضِ محاسِنها..

قلبي أُترُجها،

فرحٌ فى باطن ضعجنها،

و فارِه حاجِيها،

و ليلى مِن

مِسكِ

و مسكوت السّرة.

قلبي عصفٌ،

حماٌ مسنونٌ،

رِيحٌ رّوحٌ،

آدمةٌ آدم..

قلبى أريافٌ فصحى..

مزيرة، خبزٌ،

قلبى شجرُ الحَمرة.

…..

وقتَ أن يشاءُ

لَّبِّى دَاعِي المَطرِ،

لا تَلحَنى فى حُضنه،

تُراوغى الغمام،

تُشّبثي بالأرض..

انشُرى قميصك

الصّدى و رتِّلى معى :

سُورة الحصادِ

و التّبلدى.

…………

شهيّةٌ عصِّية،

كَشامةٍ ترّفٌ فَوق فَمٍ ظَامئٍ..

يُكتِّمها العطرُ،

و تُفشِيها أجنحةُ الفَراشاتِ

و حَكاوى القُونقُليز.

……..

كائنٌ يُخالسُ القّلبَ وطناً

مِن فُكاهاتِ البنفسّج.

يُجالِسُ الحِقولَ مَقهىً مِن طِيور،

كائنٌ

تُطربه نميمةُ اليَراعِ فوقَ الورقِ.

كائنٌ من عَدسٍ و خُضار،

خالةٍ و أُم..

كائنٌ من شجرِ القُونقُليز.

…………..

تمدُ طَرفُها،

يتعرّق الفؤادُ

و ينقَلِبُ ظّلاً ظليلاً.

تَبسِطُ راحتيها..

تخضّر شجرة القارورة.

يأتى العامٌ..

الذى فيه

يُغاثُ الناسُ و يَعصِرون.

……..

و مِن الشّجرُ التبلدّيُ ..

أشرِعةً  تنصِبها الأرض شِراكاً للمطر،

و الزهرُ ثمر.

…………….

بطوعِه حمامةٌ

و أرنبٌ

خليةٌ من الأحلامِ.

كلما انتّشّى

انتّشّت

و أعسلّت

جاءها مِن كّلِ فّج

 عدّو نفسه، الإنسان.

مِن عِطرها و شعرها

الشّجر

جرّف الأرضَ.

……….

فى يومٍ كان مقداره

 50 ألف سنة..

تسهو الكواكب عن ميقاتها،

المجراتُ تجِّنُ،

تُطيحُ بمساراتها..

تخرج السماء أثقالها،

الأرض أضغانها.

…………..

فى يوم التّناد، يوم التغابنُ،                                                                 تتسلق الأشواكُ أشجارها،

يلفظُ التبلدى ماءه و ينقطعُ نسله،

يستبطن البحرُ الدلفين الصديق

و يطلق حيتانه..

ينكر الخٍّلُ خليله،

الأبُ ماء ظهره

الأمُ لبنها .

فى يومٍ كان مقداره

 50 ألف سنة..

يومِ الفزعُ الأكبرُ، تكون القارعة.

الحاقةُ، الطامةُ، الصاخةُ..

يومئذٍ..

تُطوى السموات و الأرضين

طي السجلِ للكتب..

و تقعُ الواقعة.

لِى هَذا المساء، للعِناية بِى… بكم

سأعتَنى قليلاً بل كثيراً بِي… بِكم،

و لكم سأنتّعل حِذاءاً مِن مُزاحٍ

قميصاً مِن رزاز،

و أترُك القلب مَفتوحاً لها و لها كل الطيوبِ،

لها كل الأُدام.

و ليّكُن..

سمرٌ تُماشط شعره أنامل من نغم،

طاولةًتُجالِسها زنايق من ورود،

خّدٌ بِخّد، خِصرٌ بِيّد،

و فمٌ قد تَهيأ هيتّ فم..

وحده الباذنجان قد أعِدُ لنا.. مائدةً من الأفراح

سلطات مِن الخُضَرِ المُشَوطّنه، المُزز..

فطائرمن نزق مُحلّى،

مسرّاتٍ مِن الأجبانِ و الخُبزِ المُسّمسمِ بالبُهار

شواءات من الرِّيشِ و الّلحمِ الحنيذِ،

صَدورُ دُّجنةٍ، سّمكأً مُدخّنِ..

مُخلّلات..

لكم هذا المساء،

و الأنسٌ فاكِهة الشتاء.

….

لِى هَذا المساء..لكم

أما النبيذ ياااا للنبيذِ

ياقوةٌ، عنبٌ،

من ريقِ شفاهِها

صدى ضحكاتها

ندى ضعجاتها و لسانها

إرادة جُرة، و باهرُ إنتشاء.

و لكم هذا المساء،

إنّ الفّمَ يجلوه الطعام

رسولُ الحبِّ بين ألسنةِ الأنام

قلكم كل الطعام.. لكم

منى السلام.

….

بَرَحَّت

بالجسدِ الحُّرِ

سَالِفةُ الطِّينِ العِشق

فأمِلتُ السَّاعدَ بَعض قَليلٍ

و نَفَّختُ التَّاريخَ العِّجل..

إئتونِى بإمرأتِى،

إئتونِى بإمرأتِى،

إمرأةٌ عُجِمت سُّرتَهَا

بالحَمرةِ و الخُمرةِ

الهِجليجِ، النَّخلِ، الأبنُوسِ

و أفراح الفُقَراء..

إمرأةٌ تتحلَّبُ ظلَّاً،

أرضَّاً و سَماء.

إئتونِى بإمرأتِى..

إئتونِى بإمرأتِى..

يأتِى طيرٌ

ياكُلُ مِن لحمِ الرأس

يأتى نبيٌ

يسقى ربّه خمرا.

….

نُحِبُ النِساء كَثيراً، نعم.

نَستَبِقُ الظِّل إلّا قَليلاً

و نَطهُو المَساءَ

عَلى قَهوةٍ الصُّبحِ

و فضاء الأرق..

نُحِبُ النِساء كَثيراً

و العَرق

و نَعتَذِرُ إلى رَبٍّ غفور.

نُصَلِّى عَليكَ حَبِيبي

نُصَلِّى عَليكَ

أيّها النّبيُ الرّسولُ

البّشر.

….

أحدٌ أحد..

شَاخّت،

تيتَّمت،

يدى

شّاكُ الطّريقِ، زَادَ تَوحُشاً

و الزّادُ فِى كَّفِ البَخِيلِ ..

فَيااا وَطّن

كَان يَرمِى فِى الحَدّق

مَن تَطَاولَ،

أو تَفَاحَش

أو سَرّق.

يااا وَطّن

باتّت هَوامشَه

تُفاصِل جِسمه

و النّاسُ فِى حدِّ الغَرق

أحدٌ أحد

أحدٌ أحد.

 

مقالات من نفس القسم