رسالة من الطاهر شرقاوي: اتجنن

رسالة من الطاهر شرقاوي... "اتجنن!"
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

زيان وزيري

هكذا ينتهي إعلان  أحد المشروبات الغازية الشهيرة, يدور الإعلان حول مواقف مثالية في زمن غير مثالي وأناس تمشي بواقعية في فوضي الحياة, وعادة يحدث ذلك بالمدينة ذات الوحدة القاسية والتي دائما ما نجد التعامل فيها مع الأشياء أكثر وأفضل من التعامل مع البشر, علي عكس الأشياء بصعيد مصر تجدها مرتبة والبشر أيضا مرتبون كفايةً.

أما في مدينة المبدع  فيقوم فيها البشر ببعثرة الأشياء وتجاهل معاني التجانس بين الإنسان وممتلكاته, ومثل جميع المبدعين الحقيقيين يجذبك “الطاهر شرقاوي” بكتاباته و تعليقاته  ليجبرك علي الامتثال لمثالية النص والتهاوي إلى رومانسية الجنون ووحدة الكلمة وكأنه يقول لك: اتجنن.

في روايته “عن الذي يربي حجرا في بيته” يناقش الطاهر شرقاوي الوحدة التي يعاني منها بطل روايته ومدي تفاعله مع الاشياء وكأنها جزءا منه يخاطبه و يناقشه ويستنبط منه أفكاره , وهذا هو المعني المثالي لمصاحبة الأشياء، وساعد الطاهر شرقاوي في ذلك نشأته الجنوبية والتي دائما ما تجبره علي احترام الجماد المسخر له, وعلي عكس ذلك وما يمكن توقعه من تفاصيل المدينة وصخبها وازدحامها تجد الوحدة وكلما زاد الازدحام زادت الوحدة وعلت قيمة الحجر الذي يكتب عنه ويصنع منه اساطير وخرافات يستعيض بها عن حكايات الجدود في جنوب مصر والتي شكلت جزءا من شخصيته العميقة وجعلت من كتاباته اسلوبا ومنهاجا لكيفية التعامل مع الحجر واعلاء لقيمة الجماد و الجنون.

وفي كتابته تجد مفردات يتفرد بها الطاهر والتي يستمدها من جذوره الجنوبية في صعيد مصر حيث تجلس مع أحد البسطاء و يحكي لك حكاية بطريقة لا تجد فيها خللا فنيا أو حتي نقصا في ديباجة الحكاية  بمفردات عربية أصيلة لا تسمعها من جيلنا من الشباب و حينها لا يفوته اضافة التشويق والاثارة ليمتعك حتي تأتي اليه مرة أخري وتطلب منه أن يحكي لك حكاية جديدة وربما تطلب منه اعادة حكاية قد انهاها لك منذ فترة قصيرة.

وعلي غرار ذلك الحكي يحكي الطاهر شرقاوي ولكن بأسلوب يجبرك علي استكمال القراءة والتي هي تحتاج من الكاتب جهدا أكبر من الحكي ليجذب القارئ لحكايته ويعيش فيها بخياله بعيدا عن قسوة الواقع و زحمة المدينة.

الطاهر شرقاوي طفل كبير يبعث لي شخصيا رسالة احتاج اليها كثيرا عندما أقرأ له أو أجلس معه  ليقول لي تجاهل ما حولك و “اتجنن!”.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم