خيوط يدي

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 20
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نورا عيسى

غرفة مغلقة، وكابوس أشاهده كفيلم سينمائي رتيب ليس لدي غيره، أحفظه عن ظهر قلب وأحزن في كل مرة أراه، وكأنها المرة الأولى.

غرفة مغلقة، ضيقة، وحواجز أربعة تتمثل في شكل تلفاز متهالك، ينبعث منه لون أسود وأبيض، كخيوط لا شكل لها، وتتغير فجأة لتُكون وجهًا أعرفه.

غرفة مغلقة، ضيقة، جوها خانق، لا منفذ منها ولا إليها، أحول عيني عن هذا الوجه لأتجول في هذا الفراغ المحيط بي، يتسع كلما إقتربت من نهايته، يمتد وكأن لا نهاية له، أدير ظهري لأصل لوجهتي السابقة، فأجد هذا الفراغ يقترب مني أكثر، أنظر إليه؛ فيبتعد، أدير ظهري مرة أخرى؛ يتراجع، وكأنه بالون مطاطي يمتد بنظرتي وقدومي نحوه، وينكمش بابتعادي.

رجعت لذلك الوجه المُشكل من الخيوط، أنظر للحواجز الأربع المحيطة به؛ فأجدها تنثني كأعقاب سجائر تقتلها النار لتبقيها كتلة من الرماد، تتساقط بمجرد لمسها، ليخرج هذا الوجه من مكانه، يقترب مني فأجده مجرد وجه بلا جسم كامل، ينظر لي وكأنه يعرفني، تتحرك ما فيه من خيوط لترتسم كعلامات غضب على جبينه، فأقبض نفسي خوفًا منها.

غرفة مغلقة، ضيقة، وحواجز أربعة تناثر رمادها بجانبي، وجه يحدق بي وكأنه يهم بقتلي.. وفراغ.. فراغ ورائي ربما أتمكن من الهرب داخله.

ركزت نظراتي على هذا الوجه الغاضب، وبدأت قدماي تتجرجر تحتي كقدميّ طفل صغير، يبدو أن هذا الغاضب لن تساعده خيوطه في الحركة، فأخذت بزيادة سرعتي محاولًا الهرب.

ركضت كثيرًا، وبدأ العرق يتصبب مني كبطل ماراثوني أنهى سباقه للتو، نظرت خلفي لم أجد هذا الغاضب، نجحت!

عدت بالنظر أمامي مرة أخرى لأجدني في مكاني، لم أتحرك خطوة واحدة،وكأن قدماي مربوطتان.. قدماي!

أنظر لأسفل، أجد قدميّ مربوطتين بالفعل، تلك الخيوط اللعينة التي حفظتها في هذا الوجه الغاضب، تشابكت لتوقفني.. سقطت على الأرض، لا أعلم من الإرهاق أم من الرعب، لكني لم أجد مأوى سوى الأرض.

غرفة مغلقة، ضيقة، وخيوط تنفك من قدمي لتتجمع على السقف حيث أنظر، لتتشكل وجهاً طالما أحببته، وابتسامة اجتهدت كثيرًا لأحصل عليها، هدأ كل ما بداخلي بمجرد رؤيتها، ومددت يدي لألمسها، وبمجرد وصول يدي تناثرت الخيوط أرضًا، وكأن كل ما تلمسه يدي ينهار.

غرفة مغلقة، ضيقة، وكابوس أشاهده كفيلم سينمائي رتيب، أحفظ نهايته كما أحفظ أحداثه، وأعيدها بنفس الكرة، كل مرة، آملًا في تغييرها.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون