خفة غمزات وحيد الطويلة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 82
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جابر طاحون

في حديثه عن ” أوفيد ” و ” لوكريتيوس ” امتدح ” ايتالو كالفينو ” مفهوم الخفة عندهم و يعرِّف الخفة بالنسبة للقصّ الحديث بأنها :- ” هي أيضًا شيء ينبثق من الكتابة نفسها ، من القوة اللسانية للكلمة ” و هو ما استعيره هنا .

في مجموعته القصصية ” مائة غمزة بالعين اليسرى ”  تظهر خفة وحيد الطويلة ـ و لا أقصد طبعًا الكتابة منزوعة الدسم ـ أنه يخلّص اللغة بكل بساطة من ثقلها و رسم المشهد _ تبعًا للبناء القصصي _ في صور مكثفة لا تستغرق عدة سطور ، حتي حين يكون حول ثقل الحياة الذي لا يُحتمل . الخفة التي تبدو كردة فعل علي ثقل الحياة و ثقل العيش الذي يبدو

أن لا سبيل لمقاومته. شواهد الخفة المستمدة من الحياة اليومية و البحث عن الخفة المتضمنة في البني أساساً،  شبكة الحوادث / الأحداث التي تحوطنا أكثر فأكثر،  و ثقل المادة الذي يسحقنا.

بداية من القصة الأولي ” الموت بالعرض ” حتي الأخيرة “وساوس لينة ”  شريط القص ، محاولة للالتفاف علي الواقع ، الشخوص الغير نمطية الذين بلا ملامح واضحة ، و السعي لرسم التمايز الذي يفتقدونه . مصائرهم  و نهايتهم ، طموحهم و أحلامهم ، هواجسهم و صراخهم.  يخلعون علي وجههم ملامح الجدية حين يكتشفون أن هناك أشياء كثيرة بالحياة لا يعرفونها كما في قصة يقف كزاوية منفرجة : – ” يتساءل دائمًا بصوت عال ، لماذا لا يترك الأشياء علي طبيعتها ، و لماذا المدينة  تزخرف الأبيض بالرمادي و الرمادي بالأبيض ،لماذا البنت تشبه المرأة و المرأة لا تشبه البنت ؟

 هل يبحثون عن شيء جديد ، أم يريدون أن يعيشوا اللحظة ، دون أن يتركوا لأنفسهم فرصة ليفكروا في الغد؟

فوضي ” بن خفيف للسعادة ”  إحداهن تزغرد ، و الأخرى تصرخ ، رجل يقول الله و أكبر و الباقون يهتفون بحياة السيد الرئيس ” .

نعمات في قصة ” مدار الجدي ” تعلقها و أشواقها : ” تنتظر في البلكونة ، تمسك ببقايا وردة ، تباغتها ، وهي تعد ، سيأتي ، لن يأتي ” .

عبد الرشيد ، في القصة التي حملت المجموعة اسمها ، الذي ينام حزينًا و تهدهده أمه لأنه لم ير خسوف القمر. الرغبة و الحرمان و الانكسار ” يطوي ساقه العرجاء أسفل المقعد ، فيطوي معها أكثر من نصف رغباته

الدرويش في” عصافير الجنة ” الذي يكرهه الدمرداش” لكنه يحتاج جسرًا لتوصيل غيته للمشايخ الكبار.. يريد أن يصبح درويشًا “. حكي العودة في” كما يليق برجل قصير ” إلى الحديث عن محمد أبو سنة دهب لولي”  اسمه تردده البنات هكذا،  دفعة واحدة ” حديث يكاد يعلو إلى أفق الأسطورة.

الإيقاع التهكمي و المفارقة الساخرة حينًا و المأساوية حينًا آخر لوقائع الحياة المادة الخام للبناء .الحبكة القصصية ، ما بين الشخوص و الأحداث و نفي الزمنية . الإحالات إلي الماضي ، التي تُختزل إلي الحد الأدني لإظهار الرغبات القديمة ، العوالم المتماثلة في حصريتها ، والعوالم بلغة التناقض لتدمير أمل في اليقين.

حضور الحلم و الحكايات الأولي ، كلام  الجدة و حكي القرية الساذج ؟ وخزه و شظاياه . التضاريس المجتمعية ، هواجس القرية و المدينة  همومها و محاولة الهروب منها أو التكيف معها .بائعات الهوى اللاتي يتحدثن أحياناً عن الشرف و عن السياسة. المقهى الذي تنمو فيه الصداقات العابرة؛ اقتسام الشاي و الحزن، لعب الأوراق و مراقبة فيض الشقراوات و البيضاوات. المقهى كتيمة و مكان لاقتناص الشرائح المشهدية

الجسد كحقل للإدراك ، الجسد كعنصر لازم و مركز لهذه الإدراكات .

تنويعات  السرد  لتستوعب الأشواق المنسية و الأحلام المقموعة التي تكتسب حيوية خاصة . غواية السؤال و الغموض و الرموز . وجوه الرغبة ، انفلاتها و قمعها . مونولوجات _ الأبطال _ هواجسهم و أشياءهم الحميمية ، الأحلام المقتولة و أوهام الذات و صراعها . الحب بين الإمكانية و الاستحالة . التوافق بين الشخصية و ملفوظها، تنقل المتن / النص بين السرد و الحوار،  و الحرص على أن يكون الحوار محكيًا،و ميل السرد إلى توثيق منتجه الحكائي و الحدثي لخدمة نسيج السرد الذي ليس له نهاية واحدة ، بل نهايات تحتمل التأويل .

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم