المرأة التي تبتلع الوقت

المرأة التي تبتلع الوقت
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

الوقت يهرب. كل يوم يهرب الوقت. يهرب مني في  النهار ليصيبني بالأرق ليلاً. يهرب  من بين أعمدة الإنارة وهواء البحر ويطير ليخبئ  النجوم اللامعة في السماء، يرقد فوقي في المطبخ الضيق، يرقد أكثر ليثقل رأسي  ويحترق الأرز ويغطي اللبن الشعلة من جديد.

أبتلع الوقت لأحبسه بداخلي أفتح فمي على اتساعه لأشفط الزمن بداخلي وأجمع بأصابعي ما تبقى منه في الهواء. أمضغ الوقت فيمضغني. أبتلع الوقت فيبتلعني. يسير في مسارات داخل أعضائي وأسير في مساراته الغير ملموسة.

مؤلم الوقت في معدتي الضعيفة، حوافه حادة كخبز يابس لا أتمكن من هضمه، أطارده من جديد، أجري كمجنونة بفمي المفتوح عن آخره بين الغرف، لكن الوقت حولي وبداخلي وفي مسامي  لا يكف عن التسرب.

أقنع بالقليل الذي حبسته في الإناء وأطهوه على عجل لأضعه في حقيبتي وأنا في طريق السفر. أحفظ الباقي منه  في برطمانات لمواسم الوقت الضيق، أُملّح بعضه ، أجمّد البعض. في المبرد متسع لأكياس الوقت، وفي الرف مكان صغير بجوار برطمان الفلفل الأسود، أضع الوقت هنا لأتذكر أن أتبله في المرة القادمة وأقطعه نتفاً صغيرة  قبل أن أبتلعه.

عقارب الساعة لا تفهم دورانها المحموم وبرج الوقت آخذ في التآكل.

في طريق السفر أزيح الغطاء كل دقيقة لأحصل على دقائق جديدة ليطول الطريق أكثر، ويبتعد الأفق وتلمع النجوم وتلتقط عيني الصور بتمهل  لتضعها في صندوق الذكريات.الوقت يهرب من جديد ليطيح بالغطاء ويلتهمني تماما، كيانه المرن الذي يشبه اللاكيان يمتصني كلياً دون مجهود حيث لا مسمى للذكرى .

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي
في البيت
سارة عابدين

سر

موقع الكتابة الثقافي
في البيت
سارة عابدين

الصوت