القدمُ والطريق

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 49
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حسني حسن

(1)
ثمة طريق
سيقودُ خُطوكَ صوبَ الطريق
فلا تبتئسْ
أيَها الصديق
ثمة طريق
والتيهُ سماواتٌ سُود
بأنجمِ
ذواتَ بريق

(2)
الليلةُ
وبعد أن أمسى حتى مقهاك بعيداً
والنادلُ يتعجل رفع كؤوس الشاي
من فوقِ الطاولة
ونداءاتُ الصلاةِ الجامعة
تهجرُ الأرواحِ لتسكنَ مُكبراتِ الصوتِ
وكتابُك ما عادَ قادراً
على إخبارِك بخبرِ الغيبِ
قد يحقُ لكَ أنْ تسألَ مستاءً
عن علةِ تأخرِ النوتي العجوز
وقاربِه المتهالكِ الدوَار
ما بين الليلِ والنهار

(3)
تنعتُك بالجبانِ الكذَاب
سليلِ القرودِ نسلِ الكلاب
أفلا تعلمْ بعد
أنَك تُرابٌ وأنَها
تُراب
أو أنَ الشُهودَ قرينُ الغياب
بعضٌ من إقدام
ضعفٌ يُنكر على نفسِه ضَعفَه
مِن قبلِ إياب؟

(4)
الظلامُ المترددُ يُسربلُ البوغازَ القديم
الظلامُ الربانيُ الرحيم
وقناديلُ النفطِ الرخيصةِ بقواربِ الصيدِ الصغيرةِ
تتراقصُ من بعيد
كما حفنة من نُجيماتٍ ذابلاتٍ
تبعثرُها يدُ إلهٍ مسكونٍ بالأرق
يخشى الغرق
وأنتَ على الشاطئ هناك
تقتاتُ الورق

(5)
أزفَ الوقت
لكن الروحَ تطحنُها رُحى الدقائق
والحياةُ مُخيًلةُ الموت
فلا موتَ من بعدِ موت
فلتنمْ قريرَ العينِ
وليصمتْ كلُ صوت

(6)
ما مِن طريق
سيقودُ خُطوكَ صوبَ الطريق
فلا تبتئسْ
أيَها الشقيق
ما مِن طريق
والعَودُ سماواتُ سُود
لا أنجمَ فيها
ولا بريق

 

وَداعٌ

سلامي أُعطيكم
يا كلَ الرفاقِ الصامدين
على شُرفاتِ الحُلمِ العنيد
يا كلَ الحالمين
بالغدِ السعيد
يا كلَ منْ بذَر في بطنِ الأرضِ عيداً لحصاد
غرَس شجرةً أطعمتْ أفواهَ الجياع
داوَى المريضَ
واسى المِلتاع
يا كلَ منْ أهدى عَروساً شابةً
زوجاً
تغدو له سَكناً
والحبُ بعضُ مَتاع
يا كلَ من علَم الصغارَ حرفاً
وكيف بالقلمِ يُمسكون
يا كلَ منْ أماطَ عن الفُقراءِ جهلاً
نونٌ وما يسطرون
وتلك اليدُ الحَنون
تمسحُ عن وجهِ الأرضِ
عارَ العسْفِ والجُنون
يا كلَ منْ اختزنَ نورَ النجومِ العوالي بروحِه
يشْغلهُ قناديل
يكادُ زيتُها يُضئ
ولو لم يمسسهُ شرر
يا صحوَ المطر
ووعودَ الرياحِ الحُبلى بالقطْرِ
يا عطرَ العِطرِ
يا غناءَ الأفلاكِ السَحيقة
أناشيدَ الحقيقة
تترجع بقلوبِ الصِغارِ الحزانى المساكين اليتامى والأيامى الجوعى للإحسان للكرامةِ للإكرام لنهاراتٍ يرقْبون منذُ قرون لليالٍ بلا بردٍ لبيوتٍ تعرِفُ روائحَ الطَبيخ ترفلُ في نعيم الدفءِ تغفو بلا خوفٍ وتصحو بلا خوفٍ لأعيادٍ يرجون أن تأتي مِن غيرِ تأخير فالرزقُ وفير وملابسُ الصبيةِ الجديدة تُرافق الأحذيةَ لامعةَ الجلدِ كاكتمالٍ للوعدِ
سلامي أُعطيكم ووداعي
فقد دعاني ذلك الداعي
ليرحلَ بي إلى البلدِ البعيد
ذاك الذي سيبلغُه يوماُ
كلُ العابرين التائهين
كلُ المرتحلين الذاهلين
مِن العتمةِ
إلى العتمة

دُخانٌ

في وكوبِها السريع
ستتشابه أيامُك تشابهاً مثيراً
حتى لا تعرف أمسَك من الغد
فيغدو كلُ الزمان
نُثارَ زوارقَ ورقيةٍ
تطفو على غمرِ إدراكٍ غارقٍ
في سرمديةِ الوعدِ الإلهي
وستهبُك الحياةُ أثمن ما لديها
أغلى ما بقيتَ تنشده بإلحاح
المالَ والبنين والنجاح
لتسلبَك بالمقابل
ذلك الذي توهمتَ
أنه موهوبٌ لك إلى الأبد
دُعامتَك والسَند
وليالٍ شتوية باردة
بتَ تستدفئ فيها بجمراتِ حُبِه
لكنْ
إياكَ والنُكوص
فزيتُ رُوحِك المنسربُ من بين الأصابع
قد صار حريقاً
وزهرةُ النارِ المُلتاثةُ بألقِها الجامح
قد تكشَفت في وجهها الأخير
عن خيطٍ متراقصٍ شاحب
من دُخانٍ أسود

غِناءٌ

1
للشوارعِ الحُبلى بالموتِ الرخيص
المحروسةِ بمحبةِ الفاشي القاسية
وبإخلاصِه لوطنٍ لا مكانَ لبؤسِنا فيه
للشوارعِ السجينةِ
هذا الغِناء
2
قناديلُ النجومِ البعيدة
تُخايل بالسفرِ عبْرَ الأكوان
لوَلا أنَ الكلَ مُدان
بجرائمِ استنفادِ الشغف
بالصبرِ الذليلِ على الخُذلان
وبموتِ ما قد تبقى فينا
من الإنسان
3
ليستْ أكثرَ من مَزحةِ عابرة
أو ابتسامةٍ حزينةٍ ساخرة
ترتسمُ فوق شفاهٍ مضمومةٍ على بؤسِها التليد
كما النارُ من تحت الجليد
أو كما وعدُ الفاشي
والوعيد
هذي الحياةُ
ربما لا تستحق ذاك العناء
أمْ لعلَها
4
في كمائنِهم التي ينصبُها لهم الموتُ العبثي
تتساقطُ زهورُ أعمارِ الصِبية
ويرشفُ الرملُ الدماءَ التي لمَا تبلغُ انبلاجَ فجرِ الحُلم
حيثُ العيش محضُ فاصلةٍ ضئيلة
ما بين عدمٍ قد ولَى
وعدمٍ يُؤبد المُقام
على رممِ الأحلام

5
ولو خَمشوا جلدَك بأظافرِ سُلطتِهم الثخينة
لا شئَ يقدرون على اغتصابِه
فالأحلامُ أكبرُ من طاقةِ الهواتفِ الذكيةِ على الاختزان
ولا أفكارَ تُساكنُ رقائق السليكون
فحروفُ كلمةِ حرية
قد أعيت السجَان
قد سجنَته

 

مقالات من نفس القسم