الشعر.. يحتاج لإيمان

مارش عسكري طويل
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سارة علام

“إيمان مرسال”.. من أين أكتب عن إيمان مرسال؟

سأكتب من اليوم الذي حفظت لها قصيدتها “حياة”، لا لن أكتب كلاماً مكرراً، سأكتب عن هذا اليوم الذي قرأت فيه عن ديوانها “جغرافيا بديلة” بعين تعادي الشعر ولا تحب الشعراء ولا تعرف عن إيمان سوى تلك الشاعرة المتهمة بالتطبيع مع إسرائيل بعد أن سمحت لساسون سوميخ أستاذ الأدب العربى فى جامعة تل أبيب بترجمة ديوانها.

كنت أتلمس طريقي للصحافة وقتها، بينما أواصل عامي الجامعي الثالث واقرأ ما تيسر من السرد، أنفذ مهامي الصحفية بدأب وحين أتت إشارة البدء فعلت، أخرجت مفكرتي الصغيرة وضعت قائمة بأسماء الأدباء، سألت سؤالا واضحاً وثابتاً، أوحيت من خلاله للمتلقي بوجهة نظري وكانت الحملة، اتهامات لها من هنا ومن هناك.

ثم تكتب الشاعرة مقالاً في أخبار الأدب تدافع عن نفسها وأزهو بما فعلت.

يمر وقت طويل، .. أراها عند صديق مشترك على الفيس بوك وأتردد قبل إضافتها لقائمتي خشية رد فعلها، تقبل بتسامح أو نسيان أو جهل باسمي الصغير

يمر وقت أطول، أتورط بالشعر دون أن أدري كما تورطت بأشياء أخرى كثيرة، وأكتب ديواناً اسميه حرجاً “نصوص”، يقرؤونه فيقولون إنه “الشعر” ولا أعرف له وصفة أو مقادير

أنشره، فأحبه، وأبحث عنها

إيمان التي هاجمتها منذ ثلاث سنوات، يقولون إنها شاعرة وأن ديواناً لها على وشك الصدور.

يصدر، اشتريه، اقرأه، أحبه، أحفظ نصها “حياة” يشبهنني ولولا إننا نساء لشككت في اختلاط الأنساب وانتمائه لي.

“تلك الحياة التي حشر فيها أكثر من أب طموحه، أكثر من أم مقصاتها، أكثر من طبيب مهدئاته، أكثر من مناضل سيفه، أكثر من مؤسسة غباوتها، وأكثر من مدرسة شعرية تصورها عن الشعر”

أحبه، أحبه أكثر، أقرأه لأصدقاء لي في عشاء نيلي وثرثرات أنثوية، اقرأه لأم لا تتفاعل كثيراً مع الأدب الحديث وتشكك في انتماء نصوصي لي، اقرأه لنفسي كثيرا وأكتبه على الفيس بوك لعل قارئاً عابثاً يفهم ما تعنيه الحياة أو حياتي وربما حياتها.

أقلب الديوان أكثر، علني أجد نصاً جديداً، للقراءة أو الحفظ، فأولع برسالتها للدناصوري أو رسالته لها من قبره السعيد، وأذكر إنه أحد الذين أحببت شعرهم وكرهت الباقيين، اقرأ عنوان القصيدة، “ايميل من أسامة الدناصوري” .. أتحسس موضع إبر الغسيل الكلوي في يدي، أو يديه وأتذكر أن كليتي اليمني التي تؤلمني كل ثلاثة أشهر تقريباً قد تدفعني لكتابة الرواية نفسها والقصائد نفسها، فأحب آلام الكلى ولا امتعض.

أسافر، أخذ فكرتها عن البيوت معي، وحين أركب الطائرة ابحث عن راكب يليق بوضع رأسي على كتفه فتظن المضيفة إننا ذاهبان لشهر العسل من غرب المحيط إلى شرقه، وكتفه وسادتي، وهو يشرب كل هذا النبيذ بحذر حتى لا يوقظ إمرأة لا يعرف اسمها، …

أغادر الطائرة، استيقظ ، وابتلع الديوان كاملاً لمرة ثالثة وليس أخيرة، وأقول لنفسي أن الشعر لا يحتاج لكتالوج أو فقرات متتالية متقطعة، أو شعر منكوش وحملقة في السقف بعينين سكرانتين.

الشعر يحتاج لإيمان.

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم