اثنتان وسبعون خيبة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 28
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمود نجيب

اثنتان وسبعون نبضة فى الدقيقة..القلب ينبض كثيرا..يضخ دما وقلقا وخوفا..اثنان وسبعون قلقا..اثنان وسبعون خوفا..اثنتان وسبعون خيبة.
في الثامنة ثلاثة أشخاص أمامي يصمتون بشدة..صمتا طويلا وكأن هناك صندوقا من الذهب يذهب لصاحب أطول مدة من الصمت..بداخلهم ضوضاء تكفي أمة..بجواري شاب يمر بأزمة منتصف العمر..يبتسم لرؤيته صورة وجهه وهو عجوز..ويشاركها مع أصدقائه..يشاركهم أزمة نهاية العمر في الأغلب.
هناك نكتة شهيرة عن سمكة غرقت ثم يأتي السؤال كم عدد الأسماك المتبقية؟ ولا أعلم لماذا لم يخبرنا أحد عن نكتة أن هناك حلما تحقق ثم يأتي السؤال كم عدد الأحلام المتبقية؟
فى الثانية عشر يتصبب العرق..ويبدأون بالتحدث..شيئا فشيئا.
فى الثالثة تعلو الأصوات..يتم تصويب الفرص خارج المرمى..العداءون يركضون فى الاتجاه المعاكس..أتمسك بمقبض المترو..أجده ممزقا مثلى..أتمسك بالجاذبية..فأدهس تحت قضبان النسيان..أسرع للحاق بركب الحياة ويصيبنى الإنهاك سريعا..أصبح بارعا فى التأخر..فى محطة التأخر..الكل متعب..محطة التأخر مكتظة بأنصاف الأحلام وأنصاف الطرق وأنصاف البشر.
اثنتان وسبعون نبضة فى الدقيقة..القلب ينبض كثيرا..يضخ دما وقلقا وخوفا..اثنان وسبعون قلقا..اثنان وسبعون خوفا..اثنتان وسبعون خيبة.
فى مرة من المرات أخذت دواء خاطئا..الدواء كان يؤلمنى بشدة..واضح أنه ليس لحالتى وليس هذا ما يخفف الألم، بل يزيده..أمى أخبرتنى أن للدواء آثارا عكسية فى الأغلب، وهذه ربما قد تكون مرحلة من مراحل التحسن، لكن فيما بعد اكتشفنا متأخرا أن شخصا ما أعطانا الدواء الخاطئ..أمى أخبرتنى أن للدواء آثارا عكسية ولم تخبرنى أن للحياة آثارا عكسية.
يوم آخر..مقبض المترو سليم..شئ جيد بالنسبة للمحطمين.
يتم تصويب الفرص فى المرمى..العداءون يركضون فى الاتجاه الصحيح..يموت أحدهم من التعب.
هناك نكتة شهيرة عن سمكة غرقت وحلمها تحطم..كم عدد النكت المتبقية ؟

يوم آخر..زيادة سعر تذاكر المترو
فى الثامنة، ثلاثة أشخاص يصمتون..فى الثانية عشر تعم الضحكة ثم يصمتون..فى الثالثة تعلو أصوات السخرية ثم يصمتون..فى التاسعة لاصوت غير صوت الحزن..ثم صمت بطعم العجز.
اثنتان وسبعون نبضة فى الدقيقة..القلب ينبض كثيرا..يضخ دما وقلقا وخوفا..اثنان وسبعون قلقا..اثنان وسبعون خوفا..اثنتان وسبعون خيبة.

يوم آخر..حادث تصادم المترو بآمال المسافرين.

اثنان وسبعون صمتا..اثنان وسبعون صمتا..اثنان وسبعون صمتا.

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار