إبراهيم فرغلى: “أبناء الجبلاوى” مُنعت 2011 وحصلت على الجائزة 2012

إبراهيم فرغلى: "أبناء الجبلاوى" مُنعت 2011 وحصلت على الجائزة 2012
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاورته: سوزي شكري

استدعى القاص والروائى إبراهيم فرغلى شخصيات محفوظ وأعاد ربط  أبطالها بالواقع الجديد، شخصيات الرواية استيقظت وفوجئت باختفاء كتب نجيب محفوظ، لم يستدع فرغلى تلك الشخصيات كشخصيات روائية وإنما كإرث ثقافى، متهما جهات عديدة بالتسبب فى ضياع تاريخ روائى بقيمة محفوظ وعدم استكمال مسيرته الأدبية، من خلال رواية داخل رواية، وتتداخلان تتقاطعان مع عدد من روايات وشخوص محفوظ، إنها «أبناء الجبلاوى» الصادرة عام 2009 عن دار العين للنشر، والتى منعت من المشاركة فى معارض دولية للكتاب، ومنعت فى مصر بعد الثورة من قبل جهاز الرقابة على المطبوعات الخارجية بأمر شفاهي، رغم تداولها فى المكتبات المصرية، ومؤخرا حصلت «أبناء الجبلاوي» على جائزة ساويرس الثقافية لعام 2012 كأفضل عمل أدبى، حاورنا إبراهيم فرغلى عن الرواية وعلاقته بنجيب محفوظ والجائزة ودور المثقف فى الثورة فقال:

حاورته: سوزي شكري

استدعى القاص والروائى إبراهيم فرغلى شخصيات محفوظ وأعاد ربط  أبطالها بالواقع الجديد، شخصيات الرواية استيقظت وفوجئت باختفاء كتب نجيب محفوظ، لم يستدع فرغلى تلك الشخصيات كشخصيات روائية وإنما كإرث ثقافى، متهما جهات عديدة بالتسبب فى ضياع تاريخ روائى بقيمة محفوظ وعدم استكمال مسيرته الأدبية، من خلال رواية داخل رواية، وتتداخلان تتقاطعان مع عدد من روايات وشخوص محفوظ، إنها «أبناء الجبلاوى» الصادرة عام 2009 عن دار العين للنشر، والتى منعت من المشاركة فى معارض دولية للكتاب، ومنعت فى مصر بعد الثورة من قبل جهاز الرقابة على المطبوعات الخارجية بأمر شفاهي، رغم تداولها فى المكتبات المصرية، ومؤخرا حصلت «أبناء الجبلاوي» على جائزة ساويرس الثقافية لعام 2012 كأفضل عمل أدبى، حاورنا إبراهيم فرغلى عن الرواية وعلاقته بنجيب محفوظ والجائزة ودور المثقف فى الثورة فقال:

حدثنا عن «أبناء الجبلاوي»، كيف استدعيت فيها عالم نجيب محفوظ لتجاوزه، وماذا تقصد بهذا الاستدعاء؟

الرواية فى تقديرى هى قصة خيالية أولا وأخيرا، وفى هذه الرواية تخيل لفكرة غياب أعمال نجيب محفوظ من العالم، أين ذهبت كتب نجيب محفوظ؟ هل توجد قوة خارقة اخفت النصوص أو ربما فعل ذلك مجموعة من الإرهابيين الذين سبق وشجعوا على قتله، أبحث عنها فى أجواء شبه أسطورية، حيث تظهر شخصيات نجيب محفوظ لتبحث أيضا عن الكتب، يحدث حالة هرج وتساؤل عن مكان الكتب، وتشكل لجنة من الهيئات الرسمية والشعبية لإحياء تراث محفوظ، كيف اختفت من جميع المكتبات التجارية والعامة والشخصية، وفى أجزاء من الرواية تظهر الشخصيات المحفوظية مثل «عاشور الناجي» من رواية الحرافيش، و»الجبلاوى» من رواية  «أولاد حارتنا»، و»السيد أحمد عبد الجواد» من «الثلاثية» بحثا عنه.

بالإضافة إلى أن الرواية تقدم نقدا عميقا للمجتمع ولمن أضاعوا فكرة مصر الفكر والحضارة من القوى الدينية ولممارسات النظام السابق فى سرد رمزى غير مباشر، واستدعاء عالم نجيب محفوظ وراءه رغبة فى إعادة اكتشافه، وفى رأيى حتى الآن لا توجد قراءات نقدية حقيقية لنصوص محفوظ تبرز أهميته كمؤسس لشكل البناء الروائي.

لماذا منعت الرواية من العرض فى معارض عربية دولية للكتاب؟

منعت جهات رقابية دخول رواية «أبناء الجبلاوي» حين سافرت الرواية للعرض بمعارض عربية للكتاب فى الرياض والدار البيضاء وأبو ظبي، وبعد مصادرتها لا يمكنها العودة للأسواق المصرية مرة آخري، ولم يتضح تفسير لذلك ولكن علمت أن المنع صدر بشكل غير مكتوب من وزارة الإعلام المصرية، مع أن الرواية موجودة فى المكتبات المصرية منذ عام 2009، صادرة عن دار «العين»، ولاقت إقبالا من القراء والنقاد، وهذا المنع طبعا ضد حرية التعبير وحرية الإبداع، والغريب أن المنع بعد الثورة 2011 والجائزة أيضا بعد الثورة 2012، هذه مفارقة لم تحدث مع أعمال أدبية.

هل كنت تتوقع حصولك على جائزة عن هذا العمل؟

أنا سيء الحظ جدا فى موضوع الجوائز، فلا يمكننى أبدا أن أتوقع الحصول على جوائز.

بماذا تمثل «جائزة ساويرس» وهى جهة غير رسمية، وما رأيك فى دعم الجهات الخاصة للثقافة؟

منذ إنشاء هذه الجائزة الأهلية وانا متحمس لها بقوة، لأن كل الجوائز الشهيرة فى أوروبا أو غالبيتها العظمى هى إما جوائز أهلية أو جوائز أنشأها رجال أعمال مثل المستثمر ورجل الصناعة بوش فى ألمانيا أو جونكور فى فرنسا أو شركة بوكر ماكنل، مؤسسة جائزة بوكر وغيرها لذلك كنت سعيدا ولا زلت بفكرة الجائزة وأعتبرها الجائزة الأكثر استقلالا  فى مصر، وسعادتى أنها أول جائزة أحصل عليها هى جائزة أهلية، وأعتبر نفسى محظوظا باللجنة التى اختارت أبناء الجبلاوى للفوز بالجائزة، لأنها انحازت لعمل روائى لا ينتمى للروايات سهلة القراءة، وهو أيضا عمل تجريبى ما بعد حداثي، يتضمن وسائل سرد حديثة مرتبطة بالفكر والفلسفة. وأكيد لا بد من تشجيع المزيد من هذه الجوائز.

حدثنا عن مصادر ابداعاتك الادبية بصفة عامة؟

لا يمكن معرفة المصدر العام للأفكار، هناك أحيانا مشهد أراه أو شخص أو موقف يحدث أمامى فيلهمنى فكرة وقد أنساها لفترة حتى تباغتني، أو قد يحدث ذلك من خلال قراءة كتاب أو فكرة أو مشاهدة فيلم.. لكن هذه اللقطات ربما تأتى لتلهم فكرة للكتابة أو بناء روائى معين، أما الأسئلة الفنية وأسئلة الحياة عموما فهى نتاج خبرات المعرفة بالناس وبالفكر والفلسفة وغيرها.

هل توافق على اتهام المثقف المصرى بغياب دوره فى الشارع؟

قصة المثقف المصرى ليست فكرة أنه سلبى أو غير سلبي، فهذه آفة مجتمع كامل تآلف مع القبح والتخلف بفضل الاعتياد، ولظروف اجتماعية وسياسية عديدة لا مجال هنا لرصدها، حتى طفحت القذارة فى كل مكان حولنا. مجتمع كامل فقد إحساسه بالمواطنة ففقد الثقة فى البلد وفى نفسه، وبالتالى لم يعد أحد يتوقع أن يؤدى دورا فى المجتمع. والحقيقة أيضا أن فكرة سلبية المثقف فى الشارع جملة ملتبسة. أولا نحن اليوم فى حاجة لتعريف المصطلحات بدقة. من هو المثقف أصلا؟ هل هو الإعلامى الذى يخرج علينا يوميا ليتحدث فى كل شيء ويفتى فى كل شيء؟ أم هو ضيف الإعلامى الذى يفتى ايضا فى كل شيء وعن كل شيء ويتنقل بين البرامج التليفزيونية ليردد كلمات مكررة تشبه كثيرا مما يقال. أم أنه الكاتب الروائى أو المحلل الاجتماعى أو الأكاديمي؟ نحتاج لتعريف المثقف لأن لدينا اليوم «بهلوانات الإعلام والثقافة» ولدينا شباب يكتب على تويتر وفيس بوك جملا نهائية كأنها حقائق مطلقة. فى النهاية إذا كان المقصود بالمثقف عموما النخبة الثقافية، فهذه دورها ليس فى الشارع فى الحقيقة فالروائى يجب أن يجلس بعيدا عن الشارع ليكتب نصا جيدا، والباحث عليه أن يدرس جيدا ليكتب بحثا جيدا، والإعلامى كذلك عليه أن يقرأ كثيرا حتى يؤدى دوره وأن يعرف الفرق بين البهلوانية وبين الأداء الإعلامي. وعندما يفعل ذلك فإنه يكون قد قام بدوره.

ما تقييمك فيما كتب عن الثورة منذ بدايتها وإلى اليوم؟

هذه مغامرات خطيرة جدا لا يمكن قبولها فنيا من وجهة نظرى ليس عن الثورة فقط بل عن اى قضية أخرى. أولا لأن الأدب ليس تجسيدا أو نقلا للواقع بل بناء واقع مواز، وثانيا لأن المغامرة بالكتابة عن أحداث لا زالت تتفاعل قد تتحول من كتابة تنبؤية إلى كتابة تاريخية توثيقية بمجرد حدوث توقعات الكاتب، ولم أقرأ الكثير عن الثورة أدبيا لكنى قرأت بعض الأفكار من مثل ما كتبه شريف يونس وسمير أمين وهى كتابات على أهميتها من حيث مقاربتها للأحداث مع تاريخ الثورات ربما سوف تحتاج للكثير من التنقيح عند إعادة نشرها.

ما تقييمك لدور وزارة الثقافة كمؤسسة رسمية؟

نحن نحتاج لمراجعة أشياء كثيرة فى المجتمع خصوصا بعد الثورة، التى للأسف لم تحقق أهدافها حتى الآن، وزارة الثقافة منذ إنشائها كان المفترض أن تتحمل دورا كبيرا فى نشر الثقافة فى المجتمع، وفى زيادة الاهتمام بالمنتج الثقافى والترويج للفنون وتحمّل جهد إنتاج الثقافة الرفيعة وانتشارها، لكن مع الأسف فإن ما حدث هو زيادة الأفكار الظلامية فى المجتمع، وانتشار الرجعية والتخلف، والأمية الثقافية، لأن وزارة الثقافة لم تؤد دورها من جهة وكذلك الجهات الداعمة مثل التعليم، وما حدث من طفرات فى السنوات الأخيرة مثل تغيير ثقافة شراء الكتب أو تغيير النظر لمفهوم النشاط الثقافى حدث عن طريق مؤسسات خاصة مثل مكتبة ديوان ثم مكتبة الكتب خان فى مرحلة لاحقة، وكذلك بسبب مؤسسة ساقية الصاوي، بما يعنى أن المجتمع المدنى هو الذى قام بأثر كبير فى التغيير، لكن تظل هناك ضرورة لجهة تنشر الثقافة وتوزيعها بفكر مختلف عن الفكر البيروقراطى السائد ولا بد أن يتعاظم دور النشاط الأهلى والمجتمع المدنى فى مجال الثقافة فى الأيام المقبلة.

هل الندوات الثقافية كفعالية بشكلها الحالى تؤدى دورها؟

نحتاج للكثير من الخيال فى كل شىء بما فيه التصورات عن الأفكار التى يمكن مناقشتها فى ندوة، وأهم ما أظن أن الندوات مطالبة به فى الوقت الراهن هو محاولة تفعيل فكرة الحوار فى مجتمع ثبت أنه لا يؤمن بالاختلاف وبالتالى بالحوار على أى نحو، مجتمع نشأ على أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للدفاع عن الرأي، بالتالى لن ينجح أى نشاط له طابع حوارى عام بدون ترسيخ لفكرة الحوار فى المجتمع.

كيف ترى المشهد المصرى اليوم؟

المشهد المصرى بالنسبة لى يسير تماما فى إطار المتوقع انتهيت من كتابة رواية «أبناء الجبلاوي» فى العام 2008، أى قبل ثلاثة أعوام أو أقل قليلا من قيام ثورة يناير. ومع ذلك فالرواية حافلة بمشاهد قد يرى بعض من يقرأها بعد الثورة أنها مستلهمة منها، كانت فكرة الرواية تقديم نقد فنى للمجتمع المصرى الذى ترك منابع حضارته الأساسية الفرعونية النيلية واقتبس تراثا صحراويا لا يخصه ففقد هويته، وكان من البديهى أن ينهار، وهو ينهار وسوف ينهار شئنا أم أبينا لأنه إضافة إلى ما فقده من هوية فقد القدرة على النظر فى المرايا وتأمل الذات ونقدها بعمق وصدق وانكفأ على ذاته فى افق محلى غبى وضيق لا يمكن أن تكون نتائجه سوى ما نراه اليوم، وسوف يستغرق الأمر وقتا حتى يتشكل الوعى اللازم لتحقيق ثورة بالمعنى الحقيقي، محاطة بوعى المجتمع بعد أن يستعيد ذاته، نحتاج لقنابل من الخيال فى كل شيء اليوم فى الثقافة والعلم والإعلام، وكذلك فى تحويل الثورة من ميدان التحرير لتنتشر فى كل مكان فى مصر، ليس بالتظاهرات فقط، بل بنشر الوعى وتنوير المجتمع كله فكريا وثقافيا عبر المؤسسات المدنية ومبادرات الأفراد وقوى المجتمع المدني.

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم