أنا.. بطل قصتي

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إسلام عشري

أريد أن أتحدث قليلا عن آلية عمل الكاتب. مثلا أنا مغلق الباب على غرفتي، وأنا بداخلها. والمطر الآن بالخارج.

سأكتب: “عندما يأتي المساء، مطر قليل، مثل طرقات غريب يطل يريد الدخول”

أو يمكنني أن أكسر السطر نصفين وألقي الباقي من الشباك، وأجعلها قصيدة هايكو هكذا

“عندما يأتي المساء

مع مطر قليل”

أو أن أجعلها أشبه بعملية الاستمناء، القليل بالقليل:

“عندما

يأتي

المساء

مطر

قليل

بالخارج”

لا..لا..لا هذا الشكل حتما لن يعجب القارئ. لدي وقت قليل لإثارة إعجابه.

ببحثي عن الجملة وجدت أن مطلع القصيدة يشبه قصة لـ”ألكسي تولستوي” أو تولستوي المظلوم من واقع قراءاتي، وسأظلمه أنا أيضا بدوري، ولن أتحدث عنه كثيرا. لأن لدي قصة هنا لأرويها، ربما يمكنني التحدث عن حبيبتي السابقة، كيف هجرتها، آسف، هجرتني. ظللت أسكر، وأدخن بشراهة، وأسمع وحدي أغنيات عن الهجر والحرمان.

ليس بحياتي عامة شيء مثير للاهتمام، وإلا لما كتبت. إنه أمر بسيط كما تعرفه، ربما كنت أبحث عن صورة مغايرة لما أعرفه عن نفسي. كأن أتجول بملابس نسائية وأرتدي فراء ثعلب وأنا أقول بعلو صوتي مثل شادية “أنا إيرما، إيرما لادوس”. أو مثلا أنطلق كمستر هايد للتسكع واصطياد المشردين بحواري البلد بعد منتصف الليل.

ربما أبدأ حكايتي مثلما بدأت حكايات ألف ليلة وليلة “فلما أقبل الليل انصرف عنه كل الناس وهم حاملون همه، فلما كان نصف الليل تذكر أخته فازداد به الضعف وامتنع من الأكل والشرب وغاب عن الوجود”.

“بابا وماما عملوني حلوة..أنا ذنبي إيه” الأغنية ما زالت تتنزه بأودية العقل، باحثة عن أي صعاليك يصلحون للقتل.

ربما تحدثت عن هذا التبادل الذي حدث يوم مولدي، كانت حضانات كثيرة بالمستشفى، وأنا لا أشبه أبي البته. أو عن جرائم قتل ما أسهل ذلك. جريمة قتل لحبيبتي السابقة. أظن أنه يجب أن أتحدث عن حبيبتي السابقة أولا فهذا صلب الموضوع.

أول مرة رأيتها، كنت بعرض لأحد الأفلام كان لديها ذلك الشيء العجيب، الذي يجعل كل العيون تحط فوقها بمجرد أن تخطو من الباب. كأن أحدهم قد وخزني بقلبي قلت لنفسي بعدها “اللعنة..أظنها هي” كنت مشدوها بمنتهى البلاهة، ألقم روالي لفمي، كأنما أشاهد نارا تشتعل أمامي. كانت تبدو من بعيد تحفة فنية، تسر الناظرين. على حالتها. كأنها خرجت للتو من علبة حافظة. حاولت أن أحافظ على هدوئي، لكني كنت أسيح من الحر. لا أدري سواء كانت رغبتي بمحادثتها كانت رغبة في الاحتفاظ بها، كتحفة غالية الثمن بمجموعتي عن رغبتي بالاحتفاظ بهذه الذكري الأولى بمشاهدتها. حاولت أن أكلمها بمنتهي العادية لكي لا أبدو كمن يحاول أن يبعد عنه حريقا. لم ترد عليّ. حاولت أن أجد مخرجا من هذه المحادثة بأقصى سرعة، بحثت عن أدنى كلمة قد تخرجني من هذا الحرج البالغ الذي أغرقني من رأسي لأغمص قدمي، ذلك جعلني أحتفظ لها بصورة متعالية، ظللت أجمع قلبي المطحون بصنارة من بحيرة قارون. كانت تشبه طينة البنات الذين يمزحون معي من كل حين لآخر، لبعض الحب ويتركوني مدمرا بعدها.

أحب رواية “فرانشكتاين في بغداد” أريد أن أصنع من أجساد حبيباتي السابقين جسدا متخيلا لحبيبتي القادمة، شاهدت فيلما كذلك بنفس الفكرة ولكن بوضع معكوس.أريد أن أقسم جسدها لنصفين كما أشارت سهير البابلي لبهجت الأباصيري في مسرحية “مدرسة المشاغبين” فيخبرها “طب أتجوز إزاي كده بقى!”

ربما تركت كل هذا، وتحدثت عن كبير السن يتذكر فيلما ما..إمم.. حدثت بالفعل في فيلم “سينما بارديسيو”. عجوز يصاب بالأمينشيا بالفعل مايكل هانكه تحدث لعجوزين بفيلم “أمور”

طيار عائد إلى بيته وزوجته، ليجد رجلا آخر غيره فوقها. فيلم أيضا لكيانو ريفيز. جنود في مهمة عسكرية خاصة “فيلم أبوكالبتيك الآن”.

لأتحدث عن مخبر يشعل غليونه، ويدخن وعينه ساهمة. قديمة أليس كذلك؟

“أمي توفت بالأمس..أو أول أمس..لا أتذكر” كتبها كامي في بداية الغريب، وحصل بها على نوبل..بهذه البساطة! لقد أخذ حقه وكفايته بهذه الجملة.

لأكتب عن ابن عاق. بينوكيو. شاهدت أغنية جميلة بالمناسبة تشبه لأفلام شارلي شابلن القديمة لفريق يولاندا بي

“we speek no Americano”

طفل صغير كأفلام جهاد جهيدي. حريق يشب في بيت ويكبر ويذهب إلى المدرسة. كلما مضى بأي مكان يشتعل. أو عن تشريح جثة. طالب يهتم بتشريح جثث ليبحث عن خاتم حبيبتي. حبيبته الضائع منذ سنين.

الأمر ربما أبسط من كل هذا. أول شيء ستقع عليه عيني سأكتبه. ربما من الأفضل أن أغمض عيني. لو كانت حبيبتي ما زالت معي ربما للعبنا المساكة. لكني سأكتب عن شيء ذي قيمة. لمحت إعجابا على صفحتي من فتاة.

فتحت شاشة المحادثة :

أنا: “عفوا..أنا لا أعرفكِ. لكن حببت أن أخبركِ بأنكِ تشبهين شخصا أعرفه”

هي: عفوا..وأنا كمان حاسه بكده.

بعدها ستكر المحادثة بعضها. ربما ستنسيني متابعة ذلك الوغد الذي استل مني حب عمري، وحولت حالتها بسببه على الفيس بوك من غير مرتبطة إلى مرتبطة. الهانم التي كانت لا تحلم بشيء مطلقا. أصبح لها أحلاما كاملة.

ربما كنت من الأساس لا أصلح لأن أكون بطلا من أي نوع، حتى المحاولات العادية لإدارة الأمور البسيطة أفشل بها. كيف كنت أريد أن أدخل فتاة بحياتي وسط أطنان من الكتب. بماذا كنت أفكر حقيقة وأنا أضع احتمالية ولو بسيطة، أن حياتي المضطربة ستحتمل كل هذا. كنا سننجب بنتا بيضاء كالشمع، وأنا كنت سأهجر الكتابة. حتى ما كنت لأكمل هذا السطر.

السطر الذي ربما كان سيبدو سيئا جدا بنظرها، وهي تنظر لمعظم كتاباتي مثل شيطان بقرنين وتقول “لا..هذا الجزء غير طبيعي..لا أحسه”

“أشعر أني رأيت هذا من قبل..أنا لا أدري أين..ولكني رأيته”

وستتحول حياتي إلى كومة خراب كبيرة من الكتب، والحفاضات، والورق التالف.

أنا آسف أيها القارئ على إضاعة وقتك. أنا لست بطلا بأي شيء. يمكنك. أن تتابع حياتك أياً كان ما تفعله. أنا مدين لك بجزء من الخذلان بحياتك. ولم يكن العنوان ملائما لقول شيء.

…………..

*كاتب ومترجم من مصر

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون